إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

استشهاد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ١٣ جمادي الأول

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • استشهاد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ١٣ جمادي الأول



    في ذكرى شهادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) 13جمادى الاولى

    14-12-2021, 10:47 pm


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله


    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


    نسبها الشريف:
    الزهراء فاطمة هي بنت محمد بن عبد الله (صلَّى الله عليه وآله) وخديجة بنت خويلد رضي الله عنها .



    ولادتها الطاهرة:
    ولدت من أكرم أبوين عرفهما التاريخ البشري، ولم يكن لأحد في تاريخ الإنسانية ما لأبيها من الآثار التي غيّرت وجه التاريخ، ودفعت بالإنسان أشواطاً بعيدةً نحو الأمام في بضع سنوات معدودات، ولم يحدّث التاريخ عن اُمٍّ كأمها وقد وهبت كلّ ما لديها لزوجها العظيم ومبدئه الحكيم، مقابل ما أعطاها من هداية ونور.

    * لقد عاشت السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) محن تبليغ الرسالة الإلهية منذ نعومة أظفارها، وحوصرت مع أبيها واُمّها وسائر بني هاشم في الشِعب ولم تبلغ ـ في بدء الحصار ـ من العمر سوى سنتين.
    وما أن رفع الحصار بعد سنوات ثلاث عجاف، حتى واجهت محنة وفاة اُمّها الحنون وعمّ أبيها وهي في بداية عامها السادس، فكانت سلوة أبيها في تحمّل الأعباء ومواجهة الصعوبات والشدائد، تؤنسه في وحدته وتؤازره على ما يلمّ به من طغاة قريش وعتاتهم.
    وهاجرت مع ابن عمّها والفواطم، إلى المدينة المنوّرة في الثامنة من عمرها الشريف، وبقيت إلى جنب أبيها الرسول الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) حتى اقترنت بالإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فكوّنت أشرف بيت في الإسلام بعد بيت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) إذ أصبحت الوعاء الطاهر للسلالة النبوية الطاهرة والكوثر المعطاء لعترة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) الميامين.

    * لقد قدّمت الزهراء (عليها السلام) أروع مثل للزوجة النموذج وللاُمومة العالية، في أحرج لحظات التاريخ الإسلامي الذي كان يريد أن يختطّ طريق الخلود والعلى في بيئة جاهلية وأعراف قَبَلية، ترفض إنسانية المرأة وتعدّ البنت عاراً وشناراً، فكان على مثل الزهراء ـ وهي بنت الرسالة المحمّدية الغرّاء ووليدة النهضة الإلهية الفريدة ـ أن تضرب بسلوكها الفردي والزوجي والاجتماعي مثلاً حقيقياً وعملياً يجسّد مفاهيم الرسالة وقِيَمها تجسيداً واقعيّاً.
    وقد أثبتت الزهراء للعالم الإنساني أجمع أنّها الإنسان الكامل الذي استطاع أن يحمل طابع الاُنوثة، فيكون آية إلهية كبرى على قدرة الله البالغة وإبداعه العجيب، إذ أعطى للزهراء فاطمة أوفر حظ من العظمة وأوفى نصيب من الجلالة والبهاء.

    * أنجبت الزهراء البتول لعليٍّ المرتضى: سيّدي شباب أهل الجنّة وابنيّ رسول الله (الحسن والحسين) الإمامين العظيمين، والسيّدتين الكريمتين (زينب الكبرى واُمّ كلثوم) المجاهدتين الصابرتين، وأسقطت خامس أبنائها (المحسن) بعد وفاة أبيها في أحداث الاعتداء على بيتها (بيت الرسالة)، فكان أوّل قُربان أهدته هذه الاُمّ المجاهدة الشهيدة بعد أبيها من أجل صيانة رسالة أبيها من التردّي والانحراف .

    * لقد شاركت الزهراء (عليها السلام) أباها وبعلها صلوات الله عليهما في أحرج اللحظات وفي أنواع الأزمات، فنصرت الإسلام بجهودها وجهادها وبيانها وتربيتها لأهل بيت الرسالة الذين استودعهم الرسول (صلَّى الله عليه وآله) مهمة نصرة الإسلام بعد وفاته، فكانت أوّل أهل بيته لحوقاً به بعد جهاد مرير، توزّع في سوح الجهاد مع المشركين والقضاء على خُططِ ومؤامراتِ المنافقين، وتجلّى في تثقيف نساء المسلمين كما تجلّى في الوقوف أمام المنحرفين، فكانت بحقّ رمزَ البطولة والجهاد والصبر والشهادة والتضحية والإيثار، حتى فاقت في كلّ هذه المعاني سادات الأوّلين والآخرين في أقصر فترة زمنية يمكن أن يقطعها الإنسان نحو أعلى قمم الكمال الشاهقة.

    الزهراء (عليها السلام) في حديث سيّد المرسلين (صلَّى الله عليه وآله):
    (إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها) (١)
    (فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني ومن أحبّها فقد أحبّني) (٢) .
    (فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبيَّ) (٣) .
    (فاطمة سيّدة نساء العالمين) (٤) .



    بعض من مظاهر مظلوميتها سلام الله عليها:
    الهجوم على دار الزهراء (عليها السلام):
    رفض الإمام عليّ (عليه السلام) البيعة لأبي بكر، وأعلن سخطه على النظام الحاكم، ليتّضح للعالم أنّ هذه الحكومة التي أعرض عنها الرجل الأول في الإسلام بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) لا تمثّل الخلافة الواقعية لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وكذلك فعلت الزهراء فاطمة (عليها السلام) ليعلم الناس أنّ ابنة نبيّهم ساخطة عليهم وهي تدينها فلا شرعية لهذا الحكم .

    وبدأ الإمام عليّ (عليه السلام) من جانب آخر جهاداً سلبياً ضد الغاصبين للحقّ الشرعي، ووقف مع الإمام عليّ (عليه السلام) عدد من أجلاّء الصحابة من المهاجرين والأنصار وخيارهم وممن أشاد النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) بفضلهم مع إدراكهم لحقائق الاُمور مثل: العباس بن عبد المطلب، وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود، وخزيمة ذي الشهادتين، وعبادة بن الصامت، وحذيفة بن اليمان، وسهل بن حنيف، وعثمان بن حنيف، وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم، من الذين لم تستطع أن تسيطر عليهم الغوغائية، ولم ترهبهم تهديدات الجماعة التي مسكت بزمام الخلافة وفي مقدمتهم عمر ابن الخطاب .

    وكانت هناك بعض العشائر المؤمنة المحيطة بالمدينة مثل: أسد، وفزارة، وبني حنيفة وغيرهم، ممن شاهد بيعة يوم الغدير (غدير خم) التي عقدها النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) بإمرة المؤمنين من بعده، ولم يطل بهم المقام حتى سمعوا بالتحاق النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) إلى الرفيق الأعلى والبيعة لأبي بكر وتربّعه على منصة الخلافة، فاندهشوا لهذا الحادث ورفضوا البيعة لأبي بكر جملةً وتفصيلاً، وامتنعوا عن أداء الزكاة للحكومة الجديدة باعتبارها غير شرعية، حتى ينجلي ضباب الموقف، وكانوا على إسلامهم يقيمون الصلاة ويؤدّون جميع الشعائر .

    ولكنّ السلطة الحاكمة رأت أنّ من مصلحتها أن تجعل حدّاً لمثل هؤلاء الذين يشكّلون خطراً للحكم القائم، ما دامت معارضة الإمام عليّ (عليه السلام) وصحابته تمثّل خطراً داخلياً للدولة الإسلامية، عند ذلك أحسّ أبو بكر وأنصاره بالخطر المحيط بهم وبحكمهم من خلال تصاعد المعارضة إن لم يبادروا فوراً إلى ايقاف هذا التيار المعارض، وذلك بإجبار رأس المعارضة (عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)) على بيعة أبي بكر .

    وظنّت فاطمة (عليها السلام) أنّه لا يدخل بيتها أحدٌ إلاّ بإذنها، فلمّا أتوا باب فاطمة (عليها السلام) ودقّوا الباب وسمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: (يا أبتِ يا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة، لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) جنازة بأيدينا وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردّوا لنا حقاً).

    فلمّا سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تتصدّع وأكبادهم تنفطر وبقي عمر ومعه قوم، ودعا عمر بالحطب ونادى بأعلى صوته: والذي نفس عمر بيده لتخرجنَّ أو لأحرقنّها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة، فقال: وإن .
    فأخرجوا الإمام (عليه السلام) يسحبونه إلى السقيفة حيث مجلس أبي بكر، وهو ينظر يميناً وشمالاً وينادي (واحمزتاه ولا حمزة لي اليوم، واجعفراه ولا جعفر لي اليوم)!! وقد مرّوا به على قبر أخيه وابن عمّه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فنادى: (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) .
    وروي عن عدي بن حاتم أنّه قال: والله ما رحمت أحداً قطّ رحمتي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) حين أُتي به ملبّباً بثوبه، يقودونه إلى أبي بكر وقالوا له: بايع ! قال: (فإن لم أفعل فَمَه ؟) قال له عمر: إذن والله أضرب عنقك، قال عليّ: (إذن والله تقتلون عبد الله وأخا رسوله) فقال عمر: أمّا عبد الله فنعم، وأمّا أخو رسول الله فلا، فقال: (أتجحدون أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) آخى بيني وبينه ؟!) وجرى حوار شديد بين الإمام (عليه السلام) وبين الحزب الحاكم .

    وعند ذلك وصلت السيّدة فاطمة (عليها السلام) وقد أخذت بيد ولديها الحسن والحسين (عليهما السلام) وما بقيت هاشمية إلاّ وخرجت معها، يصحن ويوَلوِلن فقالت فاطمة (عليها السلام): (خلوا عن ابن عمّي !! خلوا عن بعلي !! والله لأكشفن رأسي ولأضعنّ قميص أبي على رأسي ولأدعوَنَّ عليكم، فما ناقة صالح بأكرم على الله منّي، ولا فصيلها بأكرم على الله من ولدي) .

    وراحت الزهراء وهي تستقبل المثوى الطاهر لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله) تستنجد بهذا الغائب الحاضر: (يا أبتِ يا رسول الله! (صلَّى الله عليه وآله) ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟ فما تركت كلمتها إلاّ قلوباً صدعها الحزن وعيوناً جرت دمعاً) .

    اغتصاب فدك:
    لمّا توفّي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) واستولى أبو بكر على الحكم ومضت عشرة أيام واستقام له الأمر; بعث إلى فدك من يخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) .

    وروي أنّ الزهراء أرسلت إلى أبي بكر: أنت ورثت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أم أهله ؟ قال: بل أهله، قالت: فما بال سهم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قال: إنّي سمعت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) يقول: (إنّ الله أطعم نبيّه طعمة) ثم قبضه وجعله للذي يقوم بعده فولّيت أنا بعده أن أردّه إلى المسلمين .

    وروي عن عائشة أنّ فاطمة (عليها السلام) أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وهي حينئذ تطلب ما كان لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قال: لا نورّث، ما تركناه صدقة، إنما يأكل آل محمّد من هذا المال. وإني ـ والله ـ لا أغيّر شيئاً من صدقات رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ولأعملن فيها بما عمل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) .
    فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً (5) .

    وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال عليٌّ لفاطمة (عليهما السلام): (إنطلقي فاطلبي ميراثك من أبيك رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فجاءت إلى أبي بكر وقالت: لِمَ تمنعني ميراثي من أبي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ؟ وأخرجتَ وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بأمر الله تعالى ؟) فقال: إن شاء الله إنّك لا تقولين إلاّ حقاً ولكن هاتي على ذلك شهوداً، فجاءت اُم أيمن وقالت له: لا أشهد ـ يا أبا بكر ـ حتى أحتجّ عليك بما قاله رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، أنشدك بالله ألست تعلم أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قال: (أم أيمن امرأة من أهل الجنة) ؟ فقال: بلى، قالت: فاشهد أنّ الله ـ عزَّ وجلَّ ـ أوصى إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) فجعل فدكاً لها طعمة بأمر الله، وجاء علي (عليه السلام) فشهد بمثل ذلك، فكتب أبو بكر لها كتاباً ودفعه إليها، فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب ؟ فقال أبو بكر: إنّ فاطمة ادّعت فدك وشهدت لها أم أيمن وعليّ فكتبته لها، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فتفل فيه ومزّقه، فخرجت فاطمة تبكي .

    وروي أنّ الإمام علياً (عليه السلام) جاء إلى أبي بكر وهو في المسجد فقال: (يا أبا بكر، لِمَ منعت فاطمة ميراثها من رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وقد ملكته في حياة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)؟) فقال أبو بكر: هذا فيء المسلمين، فإن أقامت شهوداً أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) جعله لها، وإلاّ فلا حقّ لها فيه، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (يا أبا بكر أتحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين ؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه، ثم ادّعيت أنا فيه، من تسأل البينة ؟) قال: إيّاك أسأل البيّنة، قال (عليه السلام): (فما بال فاطمة سألتها البيّنة على ما في يدها وقد ملكته في حياة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وبعده، ولم تسأل المسلمين بيّنة على ما ادّعوا شهوداً كما سألتني على ما ادّعيت عليهم ؟) ... فسكت أبو بكر .

    فقال عمر: يا عليّ، دعنا من كلامك، فإنّا لا نقوى على حجّتك، فإن أتيت بشهود عدول، وإلاّ فهو فيء للمسلمين لا حقّ لك ولا لفاطمة فيه .
    فقال الإمام عليّ (عليه السلام): (يا أبا بكر تقرأ كتاب الله ؟) قال: نعم، قال (عليه السلام): (أخبرني عن قوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فيمن نزلت ؟ فينا أو في غيرنا ؟) قال: بل فيكم، قال (عليه السلام): (فلو أنّ شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بفاحشة ما كنت تصنع بها ؟) ، قال: كنت أقيم عليها الحدّ كما أقيم على نساء العالمين!، قال علي (عليه السلام): (كنتَ إذن عند الله من الكافرين) ، قال: ولمَ ؟ قال (عليه السلام): (لأنّك رددت شهادة الله بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل لها فدكاً وزعمت أنّها فيء للمسلمين، وقد قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر) فدمدم الناس، وأنكر بعضهم بعضاً، وقالوا: صدق والله عليّ (6) .



    تأريخ شهادتها (عليها السلام):
    لا شك أنّ وفاة الزهراء (عليها السلام) كانت في السنة الحادية عشرة من الهجرة، لأنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) حجّ حجّة الوداع في السنة العاشرة، وتوفّي في أوائل السنة الحادية عشرة، واتّفق المؤرّخون على أنّ السيّدة فاطمة (عليها السلام) قد عاشت بعد أبيها أقلّ من سنة، علماً بأنّها كانت في ريعان شبابها كما كانت في أتمّ الصحة في حياة أبيها، نعم اختلفوا في يوم وشهر وفاتها اختلافاً شديداً .

    فقد روي أنّها عاشت بعد النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) ستة أشهر . وقيل: خمسة وتسعين يوماً . وقيل: خمسة وسبعين يوماً أو أقلّ من ذلك .

    فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (أنها قبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه، سنة إحدى عشرة من الهجرة) .

    وعن الإمام الباقر (عليه السلام): (وتوفّيت ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوماً) .

    وعن جابر بن عبد الله الأنصاري: وقبض النبيّ ولها يومئذ ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر .

    قال أبو الفرج الإصفهاني: وكانت وفاة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد وفاة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) بمدّة يختلف في مبلغها، فالمكثر يقول ستة أشهر، والمقلّ يقول أربعين يوماً، إلاّ أنّ الثابت في ذلك ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّها توفيت بعد النبيّ بثلاثة أشهر .

    ويطول الحديث في هذه الشخصية العظيمة ولا يسعها الاختصارات فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيّةً وهي تحمل كلَّ أوسمة الشرف والسمو وعليها حلل الكرامة.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (١) راجع كنز العمّال: ١٢ / ١١١، ومستدرك الصحيحين: ٣ / ١٥٤، وميزان الاعتدال: ١ / ٥٣٥.
    (٢) راجع الصواعق المحرقة: ٢٨٩، الإمامة والسياسة ص٣١، وكنز العمال: ١٢ / ١١١، وخصائص النسائي: ٣٥، وصحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة .
    (٣) راجع فرائد السمطين: ٢ / ٦٦.
    (٤) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٧٠، وأبو نعيم في حلية الأولياء: ٢ / ٣٩، والطحاوي في مشكل الآثار:١ / ٤٨، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٩ / ١٩٣، والعوالم: ١١ / ١٤١ و ١٤٦.
    (5) شرح نهج البلاغة: ١٦ / ٢١٧ .
    (6) الاحتجاج للطبرسي: ١ / ٢٣٤، وكشف الغمة: ١ / ٤٧٨، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ١٦ / ٢٧٤ .

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم
    مأجورين

    تعليق


    • #3

      لماذا نستذكر فاطمة؟




      لم تبك الزهراء من آلامها المُبرحة بعد الهجوم العدواني الآثم على دارها، إنما بكت طويلاً لغياب الظل الممتد بين الأرض والسماء كان يحميها من "حسيكة النفاق" التي ظهرت فيما بعد، ونار الجاهلية المقيتة التي أحرقت باب دارها، كما بكت لخسارة الأمة تلك الرحمة الإلهية وهي بعد لم تستشعر جزءاً من هذه الرحمة كالأرض...
      تساؤلٌ يثيره البعض عن سبب طول فترة استذكار مصاب الصديقة الزهراء أكثر فترة استذكار مصاب ابنها الإمام الحسين، عليه السلام؟ فقبل أيام بدأت الأيام الفاطمية من الرواية الاولى التي تعتمد فترة حياة الزهراء بعد رحيل أبيها بأربعين يوماً، ثم تستمر حتى شهر جمادى الاول الأول حيث الرواية الثانية في الثالث عشر منه، ثم الرواية الثالثة في الثالث من جمادى الآخر، يعني نستذكر مصابها وقضيتها على مدى ثلاثة اشهر، بينما نستذكر قضية الامام الحسين لشهرين فقط.
      قضية الامام الحسين وما حصل يوم عاشوراء، نتيجة لعلّة قديمة في الأمة تعود الى أزمات نفسية واجتماعية وسياسية منذ عهد رسول الله، قبل أن تتبلور وتنفجر في حياة ابنته الزهراء، فالجُبن، والنفاق، والخيانة، والعصبية القَبَلية، والطموحات السياسية التي تظافرت كلها لتدفع المجتمع الكوفي آنذاك نحو الخطأ التاريخي المريع، كانت نسخة مطابقة تماماً لما خلفه الآباء في عهد الصديقة الزهراء.
      مع هذه المعطيات، تبدو الأشهر الثلاثة ليست بكثيرة، ولا هي فترة طويلة لاستذكار قضية الصديقة الزهراء مع الأمة، ولا أجانب الحقيقة اذا قلت: إننا بمقدار تعزيز الثقافية الفاطمية –إن جاز التعبير- بين افراد الأمة، نكون قد حققنا الدرجة المقبولة من الثقافة الحسينية التي نراها في أقوال العلماء والحكماء من مختلف الاديان والمذاهب في العالم، وعلى لسان الأدباء المسلمين والمسيحيين، فضلاً عن المنابر والشعائر الحسينية، و الفعاليات المتنوعة عند شيعة أهل البيت في مختلف انحاء العالم.
      بلورة الموقف العملي

      قيم الحق و مسارات الباطل تمثلان واجهة لعنوانين محددين وواضحين جداً، فمن يريد الموقف القوي في الساحة يدّعي لنفسه الحقانية ويلقي على الطرف المقابل الباطل، حتى وإن كان طاغية سفّاح، وكان المتهم بالباطل مصلحاً وصدّيقاً، والتاريخ يشهد لنا بهذه المعادلة الغريبة التي صنعتها أيدي السلاطين وطلاب الحكم، وما تزال المسيرة الى اليوم، ويسوقون للتبرير حرصهم على الأمن والاستقرار ومصالح الأمة، وفي الزمن الراهن؛ ايجاد فرص التقدم والرفاهية لابناء الشعب!
      عندما عادت الصديقة الزهراء، سلام الله عليها، من خطبتها الفدكية الى بيتها، لم تُبق ذرة من الأمل بالتعكّز على هذه المعادلة والتلبّس بمسوح الحقانية لمن كذبوا على رسول الله جهاراً بأنه لا يورّث، ونفوا مصداقيتها ومصداقية أمير المؤمنين والحسنين بعدم الأخذ بشهادتهما فيما يتعلق بعائدية أرض فدك لها.
      ومن يراجع الخطبة الفدكية المدوية في صفحات التاريخ يلاحظ خلوها من الدوافع المادية، و مشحونة بالصفات العملية لأهل الحق، والصفات العملية لأهل الباطل، فجاءت الأدلة والبراهين قاطعة بين الصفين، ومانعة لأي توظيف سياسي:
      "أيها الناس، اعلموا أنّي فاطمة وأبي محمد، أقول عوداً وبدواً، ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً، لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، فإن تُعزوه وتعرفوه، تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمّي دون رجالكم، ولنعم المعزى إليه، صلى الله عليه وآله، فبلّغ الرسالة صادعاً بالنذارة، مائلاً عن مدرجة المشركين، ضارباً ثَبَجهم، آخذاً بأكظامهم، داعياً إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة، يكسر الأصنام، وينكث الهام، حتى انهزم الجمع وولّوا الدبر، حتى تفرّى الليل عن صبحه، وأسفر الحقّ عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وطاح وشيظ النفاق، وانحلّت عقد الكفر والشقاق، وفُهْتُم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص، وكنتم على شفا حفرة من النار، مِذْقَة الشارب ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القدّ، أذلة خاسئين صاغرين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمدٍ، صلى الله عليه وآله".
      فاذا ألجمت الزهراء أفواه الظالمين، و فضحت دعاة الحق المزيفين، فانها حددت الموقف العملي لابناء الجبهتين، فمن يستذكر مصابها عليه أن يكون صادقاً مع نفسه، ومع الله –تعالى- فيما يقول ويفعل، ولا يدع لنفسه مجالاً لتبرير الانحراف والخطيئة على أمل الشفاعة، لأن الزهراء تقف يوم القيامة "لتلقط شيعتها محبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الردئ"، يقول الامام الباقر للصحابي الجليل؛ جابر بن عبد الله الانصاري.
      ولعل هذه تكون خطوة متقدمة للبناء الذاتي والإصلاح على صعيد الفرد والجماعة حتى لا نكرر خطأ ابناء الأمة في زمانها عندما علقت بهم أدران النفاق والازدواجية والوصولية، ورافقتهم منذ تاريخ 13للهجرة، سنة وفاة الرسول، ثم انتهاك حرمة الزهراء، وحتى تاريخ 61للهجرة، عندما اصطف الاحفاد خلف يزيد بن معاوية لقتل ابن الزهراء وسبط رسول الله.
      التوازن بين العقل العاطفة

      إن الصديقة الزهراء، سلام الله عليها، هي التي علمتنا أن نتخذ البكاء إحدى الوسائل لمحاربة الباطل والانحراف في الامة، وأنه ليس مدعاة للضعف مطلقاً، بل هو استذكار لفقدان العظيم، وهو رسول الله، لكنها سبقت هذه الوسيلة بامتشاق سلاح الكلمة الصاعقة على مسمع ومرأى من ابناء الأمة، فهي لم تبك من آلامها المُبرحة بعد الهجوم العدواني الآثم على دارها، وما حصل من جريمة اسقاط الجنين، واصابتها بكسور في اضلاعها، إنما بكت طويلاً لغياب الظل الممتد بين الأرض والسماء كان يحميها من "حسيكة النفاق" التي ظهرت فيما بعد، ونار الجاهلية المقيتة التي أحرقت باب دارها، كما بكت لخسارة الأمة تلك الرحمة الإلهية وهي بعد لم تستشعر جزءاً من هذه الرحمة كالأرض السبخة العصيّة على الخصب رغم عذوبة المياه المبذولة لها، وهي العالمة بأن الموت حق، وأنها لاحقة بأبيها بعد حين، فالبكاء الذي أزعج هؤلاء في المدينة، كان بمنزلة السوط على رؤوسهم بأن يعوا حجم الانحراف الذي سيدفعون ثمنه قبل الاهتمام بنوم هنيء في بيوتهم.
      هذا هو البكاء الواعي الذي تعلمنا إياه الصديقة الزهراء، وأئمة أهل البيت، عليهم السلام، فربما تهيج مشاعر الانسان لأسباب مختلفة ويذرف الدموع، بيد أن أكثر الدموع فائدة في طريق الإيمان والإصلاح في الأمة، تلك التي تذكر صاحبها بالبحث عن الحقائق، وعن عوامل الجريمة والخطأ لعدم تكرارها مع معالجة الاسباب، ثم التفرّغ للبناء على صعيد الفرد والجماعة، وإلا فان البكاء لوحده يجعل الصديقة الزهراء، وايضاً؛ الامام الحسين، وسائر الأئمة المعصومين، في لوحة ذات إطار محدود وبعيد عن واقع الناس وحياتهم الواسعة الابعاد.
      شبكة النبا



      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X