إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دور الإيمان في حياة البشرية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دور الإيمان في حياة البشرية


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    هناك سؤال يطرح نفسه: كل من التفت للإيمان ومدى تأثيره وفاعليته، يتبادر لذهنه هذا السؤال: ماهو جدوى الإيمان؟ لكن لو تأملنا، لم نجد فرقًا بين المؤمن وغير المؤمن، المؤمن يمرض وغير المؤمن يمرض، المؤمن يحتاج للدعاء ليعالج مرضه، وغير المؤمن كذلك، المؤمن يصيبه الفقر، وغير المؤمن كذلك، المؤمن قد يمر بعقد وأزمات نفسية فيلجأ إلى الطبيب النفسي؛ لعلاج عقده وأزماته، وغير المؤمن أيضُا كذلك، إذن أين أثر الإيمان؟ إذا كان المؤمن وغيره متساويين في المرض والشفاء والغنى والفقر، والأزمة النفسية وعلاجها، فما هو الفرق بين المؤمن وغيره؟ إذن أين جدوى الإيمان؟ وأين أثره؟ الإيمان الذي لا يشفي مريضًا ولا ينعش فقيرًا ولا يرفع أزمة نفسية، فما هي جدواه؟ وما هو أثره؟ وما هي حقيقته؟ لماذا نكلف أنفسنا ونتعب أنفسنا بالإيمان، مع أن الإيمان لا أثر له؟ فالكافرون والمؤمنون يعيشون في هذه الدنيا ويتناولونها ويتنعمون بخيراتها ويصابون بشرورها، من دون الفرق بين المؤمن وغيره، الشر يقع على المؤمن وغيره، والخير ينال المؤمن وغيره، فأين أثر الإيمان؟ لماذا نتعب أنفسنا بشيء - نسميه إيمانًا - وهو لا أثر له؟ الجواب عن هذه الفكرة التي قد تتبادر لذهن الإنسان عندما يتحدث عن الإيمان: الإيمان له آثار، وله فاعلية في عدة مواطن من شخصية الإنسان، ومن كيان الإنسان،

    وهي:

    الموطن الأول: الإيمان يغرس الحافزية نحو العطاء والبذل. فالإنسان بطبعه لا يقدم ولا يتفاعل ولا يبادر إلى عمل ما لم يؤمن بالعوض، الإنسان لا يضحي بطبعه، الإنسان لا يعطي بطبعه، الإنسان لا يبذل بطبعه، لا يبذل الإنسان ولا يقدم ولا يعطي ما لم يؤمن بأن هناك عوض وراء بذله وعطائه وتضحياته، الإنسان يطلب العوض دائمًا، لكل عطاء وبذل وتضحية، فإذا قارنّا بين المؤمن وغير المؤمن، فإن غير المؤمن الذي يرى الحياة هي الحياة الدنيا فقط وليس وراء هذه الحياة يوم آخر، من الطبيعي أن يحجم عن العطاء؛ لأنه لا يؤمن بأن هناك عوض، فيحجم عن العطاء من حيث الوقت والفكر والمال والجهد، يحجم عن العطاء والتضحية والبذل لأنه لا يؤمن بوجود عوض، لا يؤمن بأن هناك يوم يُعوّض فيه المضحي والمعطي والباذل، لذلك غير المؤمن يتراجععن العطاء.

    بينما إيمان المؤمن بأن هنالك يوم جزاء، بأن هنالك يوم عوض، بأن هنالك يوم يتدارك فيه كل نقص، هذا الإيمان يغرس في قلبه الحافزية نحو البذل والعطاء، يغرس في قلبه الدافعية نحو التضحية، نحو الإنفاق، ينفق ويعطي من وقته وفكره ونفسه ونفيسه وكل ما يملك؛ لأنه يؤمن بأن هناك يوم جزاء ويوم عوض، هذا هو الفرق بين المؤمن وغيره، إيمان المؤمن بأن هناك عوض يدفعه نحو البذل، وعدم إيمان غيره بأن هناك عوض يجعله مُحجمًا عن البذل والعطاء، يقول تعالى في محكم كتابه: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾، وفي آية ثانية: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، ويقول في ثالثة: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾.

    الموطن الثاني: الإيمان رادع عن ارتكاب الرذيلة.

    الإيمان يشكل مناعة أمام الريذلة، وأمام الانجرار والاسترسال مع الرذيلة، كل إنسان يدرك بعقله - حتى الإنسان الذي لا يؤمن «الملحد» - أن هناك رذيلة، فالخيانة رذيلة، والظلم رذيلة، والكذب بدون مبرر عقلائي رذيلة، الإنسان بطبعه وبعقله يؤمن بأن هناك رذيلة، لكن لا يكفي هذا الإيمان لامتناعه عن الرذيلة، يحتاج إلى رادع داخلي يقاوم به الإقبال على الرذيلة، وهذا الرادع الداخلي يستقيه الإنسان من الإيمان.

    الإنسان غير المؤمن وإن اعتقد بأن هناك رذائل وقبائح، لكنه لا يملك حصانة تمنعه عن

    مقارفة الرذيلة، لكنه لا يمتلك مناعة داخلية تعيقه أمام اقتراف الرذيلة، أما المؤمن فلأنه يؤمن بأن هناك عقاب، وأن هناك جزاء، وأن هناك وعيدًا، وأن هناك تهديدًا، الإيمان يعطيه مناعة عن ارتكاب الرذيلة، يغذيه برادع داخلي يحجبه عن مزاولة الرذيلة، يقول القرآن الكريم: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.

    الموطن الثالث: الإيمان علاج للقلق والاضطراب النفسي.

    الإنسان بطبعه قلق، لا يوجد إنسان ليس عنده قلق، بمجرد أن يولد الإنسان ويقرأ صفحة الكون والطبيعة؛ يعرضه عليه القلق، القلق من الأمراض والأوبئة، القلق من الزلازل والبراكين، القلق من الحروب والمجاعات، كل إنسان يتفتح ذهنه؛ يعرض على ذهنه القلق، وهنا يتحدث القرآن على أن هذا القلق موجود بطبيعة الإنسان: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾، الإنسان بطبعه قلق، وهذا القلق يحتاج إلى غذاء، يحتاج إلى علاج؛ ليشعر الإنسان بالاستقرار والاطمئنان والهدوء.

    العلاج للقلق والاضطراب هو الإيمان، الإيمان هو الذي يهبنا الاستقرار، الإيمان هو الذي يهبنا الشعور بالاطمئنان، لو لا الإيمان لكنّا في قلق دائم، واضطراب ملح، وفي تأرجح نفسي عميق، الإيمان هو الذي يغذينا بالشعور بالاستقرار وبالاطمئنان، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾، ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، الإيمان يرفع الحزن، الإيمان يقتلع الاضطراب والقلق من أعماق النفس، الإيمان هو الذي يسبغ على روح الإنسان حالة من الاستقرار والهدوء والوداعة، كل ذلك من آثار الإيمان.

    إذن، عندما نتساءل: أين دور الإيمان؟ وما الفرق بين المؤمن وغيره؟ وهل هناك امتيازات للمؤمن دون غيره؟ فالجواب: المؤمن يعيش امتيازات روحية لا يعيشها غيره، المؤمن من يمتلك الدافعية نحو العطاء والبذل، المؤمن من يمتلك حصانة أمام اقتراف الرذيلة، المؤمن من يعيش حالة من الاستقرار والاطمئنان والهدوء
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X