من أسباب التشكيك في إيمان أبو طالب :
1- كتمان إيمانه:
كان أبو طالب لا يعلن إيمانه حتى يتمكن من الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كمؤمن آل فرعون وأصحاب الكهف، وبتعبير الإمام الصادق عليهم السلام: كتموا إيمانهم فأثابهم الله سبحانه مرتين ثواب الإيمان وثواب الكتمان.
2- الحقد على أبي طالب:
فقد كان يرى المشركون والمنافقون أن أبي طالب كان السبب في إقامة الدين وتقوية وحماية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
3- الحقد على علي ابن أبي طالب عليه السلام:
فقد صرّح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي أنت مبتلى ومبتلٍ بك.
فقد أبتلى أمير المؤمنين عليه السلام وأبنائه ومحبيه وشيعته بكره المنافقين والمشركين فقد نسب الكفر إلى أبيه كما نسب صفة الخوارج لمحبيه وصفة الزنادقة لشيعته.
أدلـة إيمـان أبي طـالب
1- من الأدلة الثابتة على إيمان أبي طالب ما يرويه ابن أبي الحديد من مصادر الجمهور عن العباس بن عبدالمطلب وعن الخليفة الأول:
"والله ما مات أبو طالب حتى أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من نفسه الرضا فشهد الشهادتين".
2- شهادة أهل البيت عليهم السلام:
الشهادات التي قامت على إيمان وإسلام أبو طالب شهادات كثيرة ويكفيها فخراً شهادة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وقبل التطرق إلى شهادة أهل البيت عليهم السلام لابد من طرح أصل من الأصول العملية وهو حجية قول أهل البيت عليهم السلام.
لا يمكن لمسلم يعتقد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعتقد بأن أهل البيت هم كسفينة نوح كما روى ابن حجر من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى وأنهم ثاني الثقلين بنص حديث الثقلين الذي يرويه أحمد في سنده ثم يأتي ويقول أن قول أهل البيت ليس حجة.
ومن شهادة علي بن الحسين عليه السلام حيث سأله سائل عن إيمان أبي طالب وهل مات مشركاً: فقال عليه السلام:
"كيف يكون مشركاً وقد منع الله نبيه أن يفرق مسلمة تحت مشرك".
أي كيف تكون الزوجة المسلمة تحت المشرك؟
فمن الأحكام القانونية إذا أسلمت مسلمة فرّق الإسلام بينها وبين زوجها المشرك كما فرّق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته زينب من زوجها أبي العاص بن الربيع عندما أسلمت وبقي هو على كفره ولم ترجع إليه إلاّ عندما أعلن إسلامه.
فيجيب الإمام السجاد عليه السلام أن لو كان أبو طالب مشرك لفرّق الإسلام بينه وبين زوجته فاطمة بنت أسد. إذن مَن قَبِل حجية أهل البيت عليهم السلام فعليه أن يقبل شهادتهم في أيمان أبي طالب في قِبال قول المغيرة بن شعبة الذي يروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن أبا طالب في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه.
ولو تأملنا في سند هذه الرواية: فإن المغيرة بن شعبة لا يعتبر ثقة لا في علم الرجال ولا عند علماء الجرح والتعديل.
مضافاً لذلك إن هناك خلل في سند هذه الرواية: حيث عُرف المغيرة بعدائه لأهل البيت عليهم السلام ومبغض لعلي عليه السلام وبني هاشم وهذا سبب لعدم قبول روايته حيث لا يخفى على إنسان أنّ في الفقه الإسلامي في باب القضاء إذا كان هناك عداوة بين الشاهد والمشهود عليه تسقط شهادة الشاهد وهذا باتفاق جميع مذاهب المسلمين.
وإذا تأملنا في دلالة الرواية: فإن هذا الأسلوب ليس من أسلوب العرب وهم المبدعون في البلاغة العربية فكيف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى أن يأتي بهذا الأسلوب الضعيف. حاشا لرسول الله.
ومعنى الضحضاح: هو الحويض القليل من النار والعرب لم يرد لهم في اللغة أن جاءوا بهذا التعبير (نهر من النار).
إذن لا تُقبل بهذه الرواية لا من حيث السند ولا من حيث الدلالة.
تعليق