تمرّ علينا اليوم (3 جمادى الأخير ) ذكرى استشهاد سيّدة نساء العالمين، وفلذة كبد الرسول(صلّى الله عليه وآله) وزوج أمير المؤمنين(عليه السلام) وأمّ الأئمّة المعصومين(عليهم السلام)، فاطمة بنت رسول الله(عليها السلام) حسب إحدى الروايات.
ففي مثل هذا اليوم من سنة 11 للهجرة النبويّة الشريفة ارتفعت أصواتُ البكاء من بيت عليّ(عليه السلام)،
فارتجّت المدينةُ بالبكاء من الرجال والنساء، ودُهِش الناس كاليوم الذي قُبِض فيه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلم)، واجتمعت نساءُ بني هاشم في دار فاطمة(عليها السلام) فصرخن وبكين، وأقبل الناسُ إلى عليّ(عليه السلام) وهو جالسٌ والحسن والحسين بين يديه يبكيان، وخرجت أُمّ كلثوم وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله! الآن حقّاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً.
واجتمع الناسُ فجلسوا وهم يضجّون، وينتظرون خروج الجنازة ليُصلّوا عليها، وخرج أبو ذر وقال: انصرفوا فإنّ ابنة رسول الله قد أُخّر إخراجُها العشيّة.
وهكذا تفرّق الناس وهم يظنّون أنّ الجنازة تُشيَّع صباح الغد (ورُوِي أنّ وفاتها كانت بعد صلاة العصر أو أوائل اللّيل).
ولكنّ الإمام عليّاً(عليه السلام) غسّلها وكفّنها هو وأسماء في تلك الليلة، ثمّ نادى: (يا حسن.. يا حسين.. يا زينب وأُمّ كلثوم.. هلمّوا فتزوّدوا من أُمّكم فهذا الفراق، واللّقاء الجنّة)، وبعد قليل نحّاهم أميرُ المؤمنين(عليه السلام) عنها.
ثمّ صلّى عليٌّ على الجنازة ورفع يديه إلى السماء فنادى: (اللهمّ هذه بنتُ نبيّك فاطمة، أخرجتها من الظلمات إلى النور، فأضاءت ميلاً في ميل).
فلمّا هدأت الأصواتُ ونامت العيونُ ومضى شطرٌ من اللّيل تقدّم أميرُ المؤمنين والعبّاس والفضل بن العبّاس ورابعٌ يحملون ذلك الجسد النحيف، وشيّعها الحسنُ والحسين وعقيلٌ وسلمان وأبو ذر والمقداد وبريدة وعمّار.
ونزل عليّ(عليه السلام) إلى القبر، واستلم بضعة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلم) وأضجعها في لحدها، وقال: (يا أرضُ أستودعُك وديعتي هذه بنت رسول الله، بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وباللّه وعلى ملّة رسول الله محمد بن عبد الله(صلّى الله عليه وآله وسلم)، سلّمتكِ أيّتها الصدّيقة إلى مَنْ هو أولى بكِ منّي، ورضيتُ لكِ بما رضي الله تعالى لكِ)، ثمّ قرأ: (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى)، ثمّ خرج من القبر، وتقدّم الحاضرون وأهالوا التراب على تلك الدرّة النبويّة، وسوّى عليّ(عليه السلام) قبرها فلم يُعلَمْ أين كان ولن يُعلَمَ إلى يوم القيامة.
وغادرت الزهراء(عليها السّلام) مشتاقة للقاء ربِّها وأبيها، ذهبت وهي تحملُ جراحاتٍ مثخنة وآلاماً عِظاماً، انتقلت لتشكوَ إلى الله سبحانه وتعالى حتّى يحكم لها على مَنْ ظلمها وغصب حقّها.
فسلامٌ عليها يوم وُلدتْ ويوم استُشهدتْ ويوم تُبعَث راضيةً .
📚📚📚📚📚
شبكة الكفيل العالميه الموقع الرسمي للعتبه العباسية المقدسة
تعليق