باب فاطمة بابي وحجابها حجابي!
ومن أقوال رسول الله (ص) بحق بيت فاطمة عدا عنها –روحي فداها– هذه الكلمة المعروفة التي ترويها بألفاظ مختلفة كتبنا المعتبرة، وربما كان الأصحاب يستغربون من تصرف النبي، وأقواله هذه، إذ أنهم يروون عن أبي الحمراء قال: أقمتُ بالمدينة تسعة أشهر كيوم واحد، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجئُ كل غداة فيقوم على باب علي وفاطمة (عليهما السلام) فيقول: (الصلاة يرحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
وعن أنس: (أن رسول الله (صلى الله عليه واله) كان يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر لما نزلت هذه الآية، قريباً من ستة أشهر)
(المستدرك على الصحيحين 3/172 حديث رقم: 4748، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأخرجه الترمذي في جامعه الصحيح، وأحمد بن حنبل في مسنده، وعبد حميد في مسنده، وأبو داود الطيالسي في مسنده).
فهذا التصرف الطويل (ستة، أو تسعة) أشهر امام رؤيا العين من أهل المدينة جميعاً، كان يقف رسول الله (صلى الله عليه وآله ) بكل احترام وتعظيم وتبجيل، فهو باب الله الذي منه يُؤتى، وفيه رحمة الله المكنونة المخزونة، باب مدينة العلم الرباني.
فهل فعلوا ذلك أم أنهم لم يحضروا جنازة رسول الله (ص) وذهبوا إلى سقيفتهم المشؤومة، وخرجوا منها يزفون خليفتهم كما تُزفُّ العروس ورسول الله (ص) مسجَّى بينهم يبكيه أهله؟ ثم عمدوا إلى تلك الباب التي كان يقف عليه رسول الله (ص) وجبرائيل (ع) ويستأذنون بالدخول فدخلوه عنوة وجمعوا أحطابهم عليه وشبُّبوا به النار يحرقونه على مَنْ فيه –وما أدراك مَنْ فيه– فقالوا للرجل: إن فيه فاطمة!! فقال: وإنْ.. ووا ويلاه على هذه ال(وإن) كم هي عظيمة عند الله؟!
فباب فاطمة هو ذلك الباب الذي تقف عليه أملاك السماء الكروبيين وحملة العرش المكرَّمين، جاءه الأعراب ورجال السلطة القرشية بكل ما عندهم من ثارات، وأحقاد، مستأسدين وهم همُ على أسد الله الغالب الخادر في عرين النبوة، وزوجته البضعة النبوية الطاهرة وأبناءه سادة شباب أهل الجنة ليحرقوه عليهم، مفتخرين بهذه البطولة القرشية الفظة الغليظة، ألا كانوا يصنعون ذلك مع ابنة الحاكم الأول، أو الثاني، فهل كانت قريش سترضى بأن يُحرق بيتهما وتعصران بالباب ويُضربان بالسوط والسيف واللطم واللدم وغير ذلك، هل سترضى قريش بذلك؟
ففي الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (لَمّا حضَرَت رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) الوفاةُ دعا الأنصارَ وقال: يا معشرَ الأنصار، قد حان الفراق... ألا فاسمعوا ومَن حضر، ألا إنّ فاطمة بابُها بابي، وبيتها بيتي، فَمَن هتكه فقد هتك حجابَ الله!).
قال عيسى بن المستفاد وقد نقل ذلك عن الإمام أبي الحسن الكاظم (عليه السلام): فبكى أبو الحسن (عليه السلام) طويلاً وقطع بقيّةَ كلامه، وقال: (هُتِك واللهِ حجابُ الله، هُتِك والله حجابُ الله، هُتِك واللهِ حجابُ الله!)
(الطُّرَف للسيّد ابن طاووس:18، وبحار الأنوار 476:22، والخصال:607)
وعن ابن عبّاس قال: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذاتَ يومٍ جالساً إذ أقبل الحسن، فلمّا رآه بكى... (إلى أن قال صلّى الله عليه وآله (وأمَّا ابنتي فاطمة، فإنّها سيّدة نساء العالمين، مِن الأوّلين والآخِرين، وإنّي لمّا رأيتُها تذكّرتُ ما يُصنَع بها بعدي، وكأنّي بها وقد دخل عليها الذُّلّ في بيتها، وانتُهِكَت حرمتُها، وغُصِب حقُّها، ومُنع إرثها، وكُسِر جُنْبُها، وسقط جنينُها).
(أمالي الصدوق، الفضائل لابن شاذان:9، إثبات الهداة للحرّ العاملي 280:1 / ح 150، فرائد السمطين للجويني الشافعي 36:2).
تعليق