بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد.
مناشئ تربية الإرادة
نتحدث عنها في مجالين: مجال التغيير النفسي، ومجال التغيير السلوكي.
المجال الأول: مجال التغيير النفسي
عندما نريد أن نغير أوضاعنا إلى الأفضل، عندما نريد أن ننهض بهذا النفس إلى مستوى ثقافي وخيري وسلوكي أفضل، عندما نريد التغيير، فكيف نربي في أنفسنا إرادة التغيير، ماهي المناشئ لتربية الإرادة، بحيث نمتلك إرادة حديدية صلبة نحو التغيير، نتعرض لعدة مناشئ:
المنشأ الأول: التعويد
الخير عادة والشر لجاجة، لكل امرئ من دهره ما تعودا، الإنسان على ما عود نفسه، أنا مثلا أول مرة أخاف أن أصعد على المنبر وأتحدث إلى الناس، ولكن بعد عشر مرات أو عشرين مرة أعتاد، فيكون أمرا طبيعيا، أيضا أنا لست متعودا على خدمة اهلي او المجتمع، والعمل من أجلهم فلأعود نفسي فتعتاد، ولذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (يا علي خدمة العيال كفارة للكبائر وتطفئ غضب الرب ومهر الحور العين وتزيد في الحسنات والدرجات ) ورد عن أمير المؤمنين : ”إذا خفت من شيء فقع فيه فإن انتظارك له أشد من وقوعك فيه“ وورد عنه : ”إن لم تكن حليما تتحلم)
( الغضب جمرة الشيطان توقد في قلب ابن آدم) وورد عن الرسول محمد : ”الغضب ضرب من الجنون لأن صاحبه يندم فإن لم يندم فجنونه مستحكم“.
المنشأ الثاني: الثقة بالنفس
عندما يقول الإنسان: ليس لدي ثقة بالنفس، ليس لدي قدرات ولا طاقة حتى أعمل، بمجرد أن ينظر الإنسان لنفسه هكذا فلن يعمل ولن يتقدم خطوة، لابد أن يثق بنفسه، لابد أن يتحمل، أن يزرع في داخله أنه قادر، أنه قوي، أنه يمكنه الوصول لهدفه ومبتغاه، وهناك فرق بين الغرور وبين الثقة بالنفس، لا نخلط بينهما، هناك غرور بالنفس، وهناك ثقة بالنفس، ما هو الفرق بينهما؟ الغرور يمنع الإنسان من أن يستفيد من الآخرين، ولذلك ورد عن الإمام علي : ”من استبد برأيه هلك“ أما الواثق بنفسه هو الذي يستقي من تجارب وخبرات الآخرين ويستفيد منها ليندفع وينطلق من خلالها نحو مساره ونحو مشروعه كما ورد عن الإمام أمير المؤمنين : ”أعقل الناس من جمع عقول الناس إليه“.
المنشأ الثالث: التوكل على الله
﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ كثير من العاملين يخاف من النقد، مثلا لو أصبح خطيبا يخاف من نقد الناس لموضوعاته، لو أصبح إمام مسجد وطرح بحوثا علمية سوف تسجل عليه الملاحظات وتبدأ المقصات تقص شخصيتي يوما فيوما، انت فاشل ، لابد أن يتحمل هذه الآلام، ويطوي هذه الجراح، وإلا فلا يمكنك أن تتقدم خطوة واحدة، إذا أردت أن تتقدم، أن تعطي، أن تنتج، فاضرب بهذه الألام عرض الحائط، إذا كان حولك نقد بناء، فأنا لا أنمو حتى أعرف عيوبي، إذا كانت ملاحظات بناءة أستقبلها، أما إذا كانت ملاحظات شخصية وقضايا نفسية اضرب بها عرض الحائط وسر نحو الأمام، لا يمكنك أن تمتلك إرادة التغيير حتى تسير من دون صرف النظر إلى مثل هذه الملاحظات الشخصية.
المنشأ الرابع: تثقيف النفس بالأهداف العليا نحن ليس لدينا ثقافة بالأهداف، الآن تجد الكثير من شبابنا ليس لديه طموح، يتخرج من الثانوية ويجد له أي عمل، أو يأخذ شهادة جامعية ويصبح معلم، هذا ليس طموح، وليست أهداف عليا، على الإنسان أن يثقف نفسه للأهداف العليا، المهم أن أصير معلم اربي جيلا من الشخصيات المؤمنة السوية ، أن أصير عالم رباني ، أن أكون أبرز الخطباء، أبرز العلماء، أبرز المصلحين، أبرز المثقفين للمجتمع نحو طلب طاعة الله ومرضاته
دائما ثقف نفسك بالأهداف الكبيرة، من ملك الأهداف الكبيرة، ملك الإرادة الكبيرة، الإنسان الذي لا طموح له، لا إرادة له، أما الإنسان الذي يمتلك أهداف كبرى، أهداف عظمى، فإنه يمتلك إرادة حديدية صلبة بمستوى أهدافه.
إذا لابد أن نثقف أنفسنا أبناءنا بالأهداف العليا، هذه وظيفة منابرنا، مساجدنا، مدارسنا، وظيفة الأساتذة، أن يثقفوا الأجيال بضرورة الأهداف الكبيرة، يعلموهم على الطموح، أن ينظروا للأهداف العليا، حتى يمتلكوا الإرادة العليا، قوة وعظمة الإرادة بقوة وعظمة الهدف،
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام.
وفي الموضوع القادم ان شاء الله سنتطرق الى التغيير السلوكي
تعليق