اللهم صل على محمد وآل محمد
في إستشهاد الصديقة الطاهرة ( سلام الله عليها ) توجد عدة روايات وأقوال ، أهمها ثلاثة :
الاولى : أنَّها ( عليها السلام ) عاشت بعد وفاة أبيها الرسول الأكرم ، ( 40 ) يوماً ، وهي رواية المسعودي في مروج الذهب .
وبناءاً على هذه الرواية تكون الزهراء قد أُستشهدت في الثامن من شهر ربيع الثاني سنة ( 11 ) هجرية .
الرواية الثانية : أنَّها عاشت بعد وفاة أبيها ( 75 ) يوماً ، روى ذلك الشيخ الكليني ( رحمه الله ) في الكافي ، بل هي الرواية المشهورة .
وعليه يكون إستشهادها في ( 13 ) جمادي الاولى .
الرواية الثالثة : أنَّها عاشت بعد وفاة أبيها ( 95 ) يوماً ، وممن روى ذلك الطبري في دلائل الإمامة ، والسيد ابن طاووس في ( إقبال الأعمال ) .
وبناءاً على هذه الرواية يكون إستشهادها في الثالث من جمادي الآخرة .
وتوجد أقوال أخرى ، أوصلها البعض الى مايزيد على العشرين قولاً .
قد يقال ما سبب هذا الإختلاف في تحديد اليوم ؟؟
هناك أسباب عديدة لعل من أهمها :
1. أنَّ التواريخ لم تكن تدون أولاً بأول ، إلّا نادراً ، اذ مُنع المسلمون حينها من التدوين ، ولم يُسمح به إلّا في القرن الثاني الهجري ، وشهادة الزهراء كانت في وقت مبكر ، وكانوا يعتمدون حينها على المسموعات والحفظ ، ومن الطبيعي أنَّ هذه المسموعات تتعرض للنسيان مع مرور الزمن .
2. أنَّ منشأ الإختلاف بسبب الأحداث التي رافقت رحيل النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وما جرى من أحداث خطيرة ، فكانت الأمور مبهمة ، في مرضها حتى شهادتها ، وربما كان هناك تعتيم إعلامي من قبل السلطات .
3. بالرغم من الإختلاف في تاريخ إستشهادها ، بل وتواريخ إستشهاد بعض الأئمة ، إلّا أنّه عادة يقام العزاء وفقاً للرواية المشهورة .
نعم في خصوص شهادة الزهراء ( سلام الله عليها ) فإنَّ الإحياء يكون في ثلاثة ايام ، ولعل في هذا بعضاً من السر تختص به الزهراء سلام الله عليها .
وقد يقال لماذا لم يخبر المعصومون من أبنائها شيعتهم بتاريخ إستشهادها الدقيق ؟
وهنا جوابان :
أحداهما : أنَّهم ( عليهم السلام ) أخبروا بذلك ، ولكن بعض الرواة أخطأوا في نقلهم ، فينبغي هنا إخضاع هذه الروايات الى قواعد علم الحديث .
ثانيهما : إنَّ الأئمة (عليهم السلام) لم ينصوا عليه ، وتركوا هامش الإختلاف بين الرواة على حالة لغايات أخرى ، لعل منها :
أنْ يتكرر ذكرها والحديث عن مناقبها في عدة أيام من السنة ، لما في ذلك من آثار عظيمة على المؤمنين لجهة الإقتداء بمواقفها وصفاتها ، عفةً وزهداً وإيثار وصلابة
على أنّه قد أختلفت الروايات ايضاً في موضع قبرها عليها السلام :
فقيل : أنّها دفنت في البقيع .
وقيل : أنّها دفنت بين قبر الرسول الأكرم ومنبره ، في الموضع الذي قال عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
( بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ) .
وقيل أنّها دُفنت في بيتها ، فلما زيد في المسجد صار مرقدها داخل المسجد .
ثم أنّها قد أوصت أنْ تدفن ليلاً ، ولا يصلي عليها مَن كانت هاجرة لهم الى حين الممات .
سلام الله عليها حين ولدت وحين ناصرت أباها وبعلها وحين أُستشهدت ، وحين تقف مخاصمة مَن ظلمها بين يدي مليك مقتدر .