بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الامام موسى الكاظم
حياة الأئمة وسيرتهم وسلوكهم، دروس ومدارس كاملة يمكن النهل منها عميقا للتغيير والتصحيح ودرء ما فسد في هذه الأرض.
ونحن نعيش هذه الأيام الأليمة والبليغة بمناسبة استشهاد سابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام) موسى بن جعفر الملقّب بـ(الكاظم) وذلك (لما كظمه من الغيظ عما فعل به الظالمون من التنكيل والإرهاق حتى قضى شهيداً مسموماً في ظلمات السجون، لم يبد لأحد آلامه وأشجانه بل قابل ذلك بالشكر لله والثناء عليه، ويقول ابن الأثير: (إنه عرف بهذا اللقب لصبره، ودماثة خلقه، ومقابلته الشر بالإحسان).
كم نحن بحاجة لهذه الصفة اليوم ونحن نسمع أحيانا عن تخاصم وتقاتل الأخوة والعشائر في عدد من المحافظات، ولأسباب تافهة لا تستوجب النزاعات والخلافات الدموية أبدا، لا سيما عند بعض أهلنا في المحافظات التي تتخذ من أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) أبوابا للحوائج، ومن بينهم هذا الإمام الصابر كرمز من الرموز الإسلامية والإنسانية العظيمة.
هذه الصفة التي يحملها سيدنا الإمام الكاظم، هي درس بليغ لأهل العقل والحكمة يجب الاقتياد بها والتمسك بجوهرها ونحن نقطع الطريق الطويل والشاق والمحفوف بالمخاطر الإرهابية، باتجاه حضرته المباركة الكريمة..
كما يحمل هذا الإمام النبيل لقب (الأمين) من بين الألقاب العديدة التي يستحقها وتليق به؛ (فكل ما للفظ الأمانة من معنى قد مثل في شخصيته العظيمة، فقد كان أمينا على شؤون الدين وأحكامه، وأميناً على أمور المسلمين وقد حاز هذا اللقب كما حازه جده الرسول الأعظم من قبل، ونال به ثقة الناس جميعاً).
وهي صفة أخرى نحتاج لها في ظل أوضاعنا وظروفنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية غير المستقرة، بل يحتاجها الكثير من السياسيين الذين يتولون أمور الناس والبلاد، وغيرهم من العناوين الأخرى.. فالأمانة، كصفة أخلاقية وإنسانية، أصبحت عملة نادرة لدى هؤلاء، مما يعني التخلي عن ثقة الشعب بهم والتخلي عن تحمل هذا الثقل الكبير في بناء البلد وإصلاحه، بل العكس تماما هو ما يحصل نتيجة هذا الإفلاس الأخلاقي والإنساني لدى المسؤولين الذين لا يبالون بقضايا الشعب وحاجاتهم وحتى أرواحهم.
لقد استهدف الطغاة وأعوانهم، الإمام الكاظم (ع)، وهو مقيد ومحبوس في (طامورة) منسية، لأنه كان يخيفهم بصبره وبورعه وخلقه وأمانته وصدقه وعزة نفسه وزهده، مثلما يُستهدف اليوم محبوه ومناصروه وزائروه،