إعتنى القرآنُ الكَريمُ بذكرِ قصةِ نَبيُّ اللهِ موسى عليه السّلام لِمَا في قِصةِ هذا النَّبيِّ مِنْ دروسٍ وَعِبَرٍ، خصوصاً معَ ما واجَههُ وعاناهُ مِنْ بَني إسرائيلَ فَنرى أنَّ هذا النَّبيُّ كانَ مَحلاً للعِنايةِ الإلهيةِ مِنْ حَملِ أمِّهِ به وإخفاءِ أمْرهِ إلى ولادَتهِ المَسبوقَةِ بِرؤيا حَصلتْ لفرعونَ هَددتْ وجودَهُ ومُلْكَهُ ، لكنَ الحِكمَةَ الإلهيَّةٍ أقْتضتْ أنْ يكونَ بِحِمى عَدُوِّهِ فِرْعَوْنَ في قَصْرِهِ وتحتَ رعايتِهِ مِنْ خِلالِ إرجاعِهِ لإمِّهِ {وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ* فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ* وَقَالَتِ امْرَأَة فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ* وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ* وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ* فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ* وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} سُورةُ القَصصِ (7ـ14) ، فهذا الإيحاءُ بنحوِ الإلهامِ والإلقاءِ في قلبِ إمِّ مُوسى مِنَ اللهِ فجعلَها تُسَلِّمُ أمرَها لله ِ عزَّ وجَلَّ وتُلقيِهِ في اليَمِّ (نهرُ النِّيلِ) فَيَرفعُ عَنْها الخوفَ والحُزنَ ، وأصبَحَ موسى عليه السّلام قُرَّةَ عينٍ لفرعونَ وزوجَتِهِ (آسيا بنتُ مُزاحم) المُؤمنَةُ الصَابرةُ وأيضاً لإمِّ موسى عليه السّلام عندما يَرُدُّونَهُ إليها ، وتَربَّى عِنْدَ عَدوِّهِ فرعونَ ، وَقدْ خَصَّهُ اللهُ عزَّ وجَلَّ بالحكمةِ والعلمِ
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} ، ومَنْ يَتَّصفُ بذلكَ لا بُدَّ وأنْ يَنطلقَ في كُلِّ عملٍ يقومُ بهِ ضمنَ ما يُريدُهُ اللهُ عزَّ وجلَّ ومِنها نُصرةِ المَظلومِ، فلَّما أصبحَ شاباً يافعاً يُريدُ تَطبيقَ العَدْلَ الإلهيَّ بينَ أهلَ مصرَ ويرفضُ طُغيانَ فرعونَ لقدْ دَخلَ موسى عليه السّلام إلى المدينةِ (مصر)، هذه المدينةُ الَّتي كانَ قومُ موسى عليه السّلام وهُم بنو إسرائيلَ يعانونُ أشدَّ أنواعِ العذابِ والظُلمِ مِنْ فرعونَ وجنودِهِ، ولَكِنَّ أوّلَ حادثةٍ حَصلتْ مَعهُ عليه السّلام هي حالةُ عراكٍ بينَ شَخصينِ أحدُهُما مِنْ بني إسرائيلَ والآخرُ قِبطيٌّ مِنْ جَماعةِ فرعونَ، وقيلَ: أنَّه كانَ طبّاخاً لفرعونَ وكانَ يُكرهُ الإسرائيليُّ على حملِ الحَطبِ مَعهُ إلى قصرِ فرعونَ فلَمَّا رأى هذا الإسرائيليٌّ موسى عليه السّلام وعَرَفَهُ إستنقذَهُ، ومِنَ الطَّبيعيِّ أنْ يتدخلَ موسى عليه السّلام فالّذي استصرخهُ رجلٌ مظلومٌ، فأقبَلَ موسى عليه السّلام لنُصرَتِهِ وقتَلَ الّذي مِنْ أصحابِ فرعونَ { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } سُورةُ القَصصِ (15-16).
وكما في الحديثِ الشريفِ (أُنصر أخاكَ ظالماً أو مظلوماً، فأما نُصرتَهُ ظالماً فيردّه عن ظُلمهِ وأما نُصرتَهُ مظلوماً فيُعينَهُ على أخذِ حَقِّهِ) دار السلام، ج3، ص451.
فاستعجالُ موسى عليه السّلام بقتلِ القبطيِّ لايعني هذا أنَّ نُصرتَهُ للمظلومِ كانت خطأً { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فالقتلُ هنا لم يكنْ معصيةً على الإطلاقِ لأنَّ القِبطيُّ كانَ يَستحِقُ القَتلَ ولأنَّ موسى عليه السّلام إنِّما فعلَ ذلكَ دفعاً لظُلمهِ وفسادهِ، ولكنَّ هذا الفعلُ ليسَ فيهِ مصلحةً شخصيةً لموسى عليه السّلام باعتبارِ أنَّه سيوقعَهُ في مشاكلٍ لا يُريدُ موسى عليه السّلام الدخولُ فيها وهو يبحثُ عَنْ طريقِ الخلاصِ لقومهِ مِنْ ظُلمِ فرعونَ .
إذن لايصحُّ على الإطلاقِ أنْ يكونَ الإنسانُ مِمَنْ يُقدمُ المعونةَ للمجرمينَ وهذه قدْ تكونُ بالتقصيرِ في نُصرةِ المَظلومِ ، وقَدْ وَرَدَ في روايةٍ عنِ الإمامِ الرضا عليه السّلام ما يشرحُ بهِ هذه الآياتِ (عندَما سألهُ المأمونُ عَنْ قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان} فقال عليه السلام: إن موسى دخل مدينه من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّه} فقضى موسى على العدو وبحكم الله تعالى ذكره ﴿فَوَكَزَه﴾ فمات {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان} يعنى الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى عليه السلام من قتله (إنه) يعنى الشيطان {عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِين} فقالَ المأمونُ: فَما مَعنى قولُ موسى عليه السّلام {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} قالَ: يقولُ: إنِّي وضعتُ نَفسي غيرَ موضعَها بِدخولي هذه المدينةِ {فَاغْفِرْ لِي﴾ أي أُسْتُرني مِنْ أعدائِكَ لئلا يظفروا بي فيقتلوني ).
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} ، ومَنْ يَتَّصفُ بذلكَ لا بُدَّ وأنْ يَنطلقَ في كُلِّ عملٍ يقومُ بهِ ضمنَ ما يُريدُهُ اللهُ عزَّ وجلَّ ومِنها نُصرةِ المَظلومِ، فلَّما أصبحَ شاباً يافعاً يُريدُ تَطبيقَ العَدْلَ الإلهيَّ بينَ أهلَ مصرَ ويرفضُ طُغيانَ فرعونَ لقدْ دَخلَ موسى عليه السّلام إلى المدينةِ (مصر)، هذه المدينةُ الَّتي كانَ قومُ موسى عليه السّلام وهُم بنو إسرائيلَ يعانونُ أشدَّ أنواعِ العذابِ والظُلمِ مِنْ فرعونَ وجنودِهِ، ولَكِنَّ أوّلَ حادثةٍ حَصلتْ مَعهُ عليه السّلام هي حالةُ عراكٍ بينَ شَخصينِ أحدُهُما مِنْ بني إسرائيلَ والآخرُ قِبطيٌّ مِنْ جَماعةِ فرعونَ، وقيلَ: أنَّه كانَ طبّاخاً لفرعونَ وكانَ يُكرهُ الإسرائيليُّ على حملِ الحَطبِ مَعهُ إلى قصرِ فرعونَ فلَمَّا رأى هذا الإسرائيليٌّ موسى عليه السّلام وعَرَفَهُ إستنقذَهُ، ومِنَ الطَّبيعيِّ أنْ يتدخلَ موسى عليه السّلام فالّذي استصرخهُ رجلٌ مظلومٌ، فأقبَلَ موسى عليه السّلام لنُصرَتِهِ وقتَلَ الّذي مِنْ أصحابِ فرعونَ { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } سُورةُ القَصصِ (15-16).
وكما في الحديثِ الشريفِ (أُنصر أخاكَ ظالماً أو مظلوماً، فأما نُصرتَهُ ظالماً فيردّه عن ظُلمهِ وأما نُصرتَهُ مظلوماً فيُعينَهُ على أخذِ حَقِّهِ) دار السلام، ج3، ص451.
فاستعجالُ موسى عليه السّلام بقتلِ القبطيِّ لايعني هذا أنَّ نُصرتَهُ للمظلومِ كانت خطأً { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فالقتلُ هنا لم يكنْ معصيةً على الإطلاقِ لأنَّ القِبطيُّ كانَ يَستحِقُ القَتلَ ولأنَّ موسى عليه السّلام إنِّما فعلَ ذلكَ دفعاً لظُلمهِ وفسادهِ، ولكنَّ هذا الفعلُ ليسَ فيهِ مصلحةً شخصيةً لموسى عليه السّلام باعتبارِ أنَّه سيوقعَهُ في مشاكلٍ لا يُريدُ موسى عليه السّلام الدخولُ فيها وهو يبحثُ عَنْ طريقِ الخلاصِ لقومهِ مِنْ ظُلمِ فرعونَ .
إذن لايصحُّ على الإطلاقِ أنْ يكونَ الإنسانُ مِمَنْ يُقدمُ المعونةَ للمجرمينَ وهذه قدْ تكونُ بالتقصيرِ في نُصرةِ المَظلومِ ، وقَدْ وَرَدَ في روايةٍ عنِ الإمامِ الرضا عليه السّلام ما يشرحُ بهِ هذه الآياتِ (عندَما سألهُ المأمونُ عَنْ قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان} فقال عليه السلام: إن موسى دخل مدينه من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّه} فقضى موسى على العدو وبحكم الله تعالى ذكره ﴿فَوَكَزَه﴾ فمات {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان} يعنى الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى عليه السلام من قتله (إنه) يعنى الشيطان {عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِين} فقالَ المأمونُ: فَما مَعنى قولُ موسى عليه السّلام {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} قالَ: يقولُ: إنِّي وضعتُ نَفسي غيرَ موضعَها بِدخولي هذه المدينةِ {فَاغْفِرْ لِي﴾ أي أُسْتُرني مِنْ أعدائِكَ لئلا يظفروا بي فيقتلوني ).
تعليق