بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المهديون عليهم أن يحققوا إنتمائهم لإمامِ الحقِّ من خلال إثبات وجودهعليه السّلام ، بالعقيدةِ الحقَّةِ بعدَ إثباتِ وجودِ اللهِ عَزَّ و جَلَّ ووحدانيَّتهِ وعدالتِهِ ، وإثباتِ ضرورةِ النُّبُوَّةِ ونُّبُوَّةِ النَّبيِّ محمدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّم ، وإثباتِ أصلِ الإمامةِ والأئمةِ الإثني عشر بعدَ ذلكَ ، يُثبتوا وجودَ الإمامِ المهديِّعليه السّلام وأسرارِ غَيبتِهِ بآياتِ القرآنِ الكريمِ وأحاديثِ ّالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ والأئمةِ الأطهارِعليهم السّلام ،اللهم صلِ على محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنَّ المسلمينَ بكافَّةِ مَذاهبِهمِ يَجمعونَ على ظهورِ الإمامِ المهديّ عَجَّلَ اللهُ تعالى فرَجَهُ الشَّريفِ في آخرِ الزَّمانِ، وَقَدْ كَثُرتُ الرّواياتُ في خصوصِ المهديِّّ عَجَّلَ اللهُ تعالى فرَجَهُ الشَّريفِ إلى حدّ يطمئنُ الإنسانُ ويتيقَّنُ أنَّ هذه الرّواياتِ قَدْ نَطَقَ بِها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ الصَّادقُ الأمينُ، والأئمَّةُ الأطهارِ من آلِ بيتهِ عليهم السّلام.
وهذه العقيدة (المهدويَّة) لا تختصُّ بالشِّيعة وحدَهُمُ، بَلْ يُؤمنُ بها المسلمونَ كافَّةً، ولَكن لبعضِ الفرِقِ كلاماً آخر في تفاصيلِها وتفريعاتِها. إلَّا أنَّ أصلَ القَضِيَّةِ ينُصُّ على أنَّ رجلاً من عترةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ سيقومُ في وقتٍ ما بِحركةٍ إلهيَّةٍ جبَّارةٍ "ويملأُ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلئَتْ ظُلماً وجورا"، هذه القضيَّةُ متواترةٌ عندَ جميعِ المُسلمينَ، ومقبولةٌ لديهم كافَّة ، بَلْ نجدُ أغلبَ شعوبِ الأرضِ تؤمنُ بالمُخَلِّصِ (يخلصهم من الظلم والطغيان) ، فأهتمّ مفكّرو الأديانِ السماويّةِ كافّة والفلاسفةُ الّذين كانوا ينطلقونَ مِنَ العقلِ المُجرّدِ لإنتاجِ المعرفةِ وليسَ من النصِّ، بفكرةِ المُنقذِ في آخرِ الزَّمانِ والمخلّصُ الذي سوفَ يَقلبُ الموازينَ ويئِدُ حركةَ الظُلمِ العالميِّ ويَطلقُ دولةَ العدالةِ التي بُعِثَ لأجلِها الرسُلُ والأنبياء عليهم أفضل الصلوات و السّلام.
وفي الوقتِ الّذي يقولُ فيه البعضُ أنّ فِكرةَ المُنقذُ هي مِنْ نتاجِ العقلِ البشريِّ المُصطدمِ بحركةِ الظُلمِ المُستشري بينَ بني البشرِ مُنذُ بدايةَ التاريخِ، فإنّ آخرينَ يرَونَ أنّ الفكرةَ ربّانيَّةٌ سماويَّةٌ وتندرجُ في سياقِ الوعدِ الإلهي، فقدْ وردَ في كتابِ المعتقداتِ الصينيَّةِ "اوبنيشات" صفحة 54 ما نصّه "حينما يمتلئُ العالمُ بالظُلمِ، يظهرُ الشخصُ الكاملُ الذي يسمّى (يتر تنكر) المبشّر ليقضي على الفسادِ ويؤسّسَ للعدلِ والطُّهرِ".
وتلتقي المدرستان العقليَّةُ والنَّصِّيَّةُ على أنّ المخلّصَ هو حلمُ الإنسانيَّةِ المُشترك، ويعتقدُ اليهودُ أنّ المخلّصَ الموعودَ هو مِنْ بني إسرائيلَ وأنّه مِنْ نَسلِ النَّبيِّ داودَ عليه السّلام، وقالوا أنّ هذا المخلّصَ والذي أسموه بالمسيحِ سوفَ يَخرجُ في آخرِ الزَّمانِ فيُقيمُ العدلَ ويحكمُ بالقِسطاسِ، وجاءَ في المزمورِ 72 من مزاميرِ داودَ عليه السّلام ما نصّهُ "اللهم أعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك"، وابن الملك إشارة إلى المنقذِ في آخرِ الزَّمانِ، ومجموعةٍ من كُتُبِ اليهوديَّةِ والعهدِ القديمِ وردَ فيها حديثٌ عنِ المنتظَرِ الموعودِ، ومنها كتابُ دانيالَ النَّبيِّ وكتابُ اشعيا النَّبيِّ، وقدْ جاءَ في زَّبُورِ داودَ عليه السّلام كما أنبأنا القرآنُ الكريمُ{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}سٌورَةُ الأنبياءِ الآية 105.
وآمنَ النَّصارى أيضاً بوجودِ المخلّصِ الّذي سينقذُ البشريَّةِ في آخرِ الزَّمانِ، وهو عيسى ابنُ مريمَ. ويتّفقُ المسلمونَ من مَدرستيَ أهلِ البيَّتِ ومدرسةِ أهلَ السّنّةِ والجماعةِ أنّ رجلاً منْ نسلِ النَّبيِّ محمّدٍصَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ اسمُهُ على إسمِ رسولِ اللهِ سَيظهرُ في آخرِ الزَّمانِ ليَملأ الأرضَ عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.
والهندوسيَّةُ هي دينُ الغالبيَّةِ في الهندِ وهذه الدَّيانَةُ ترى في المُنقذِ أو المُخلِّصِ بأنَّهُ رَسولُ الإلهِ ولأنَّهُ مِثلُ نائبِ مَلِكٍ عظيمٍ ومثلَما يَقومُ المَلِكِ أثناءِ حصولِ الاضطراباتِ والفتنِ بإرسالِ نائبِهِ إلى هُناكَ لِقمعِ تلكَ الفِتنِ والاضطراباتِ كذلكَ يرى الهنديُّ أنَّهُ حيثما يوجدُ إنحطاطٍ وانحسارٍ للدِّينِ في أي جُزءٍ مِنَ أجزاءِ العالمِ يُرسلُ الإلهُ مُخلِّصَهُ ومُنقذَهُ أي أنَّهُ نفسُ المخلِّصُ الواحدُ الذي بعدَ أنْ غاصَ في بحرِ الحياةِ برزَ من جديدٍ في هذا المكانِ حيث عُرِفَ بإسمِ “كرشنا” الذي يشكل احدى تجسيدات الاله في الهندوسية (هوستن سميث , اديان العالم , تر : سعد رستم , ط3 , (حلب/2007) , ص)125.
ووردَ في تفسير آيات قرآنيَّة كثيرة، تفسيرٌ منطبقٌ على الإمام المهديِّ المنتظر عَجَّلَ اللهُ تعالى فرَجَهُ الشَّريفِ ، وهنا نورد بعضاً منها:
قوله تعالى {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} سٌورَةُ البَقَرَةِ، الآيتان: 2-3.
(قال الإمام جعفر الصَّادق عليه السّلام : المتقون: شيعة عليٍّ عليه السلام، والغيب: فهو الحُجّة الغائب ) ينابيع المودّة، ص423، منتخب الأثر، ص514 .
عن ابن عبّاس: قال صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ: ( إنّ علي بن أبي طالب إمام أمَّتي وخليفتي عليها من بعدي، ومن وُلده القائم المنتظر، الَّذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً، والَّذي بعثني بالحقِّ بشيراً، إنّ الثَّابتين على القول بإمامته في زمان غيبته، لأعزُّ من الكبريت الأحمر". فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟ قال صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ: "إي وربي ليمحّص الله الَّذين آمنوا ويمحق الكافرين يا جابر إن هذا الأمر من أمر الله وسرٌّ من سرِّ الله مطويَّة عن عباده فإياك والشكَّ فإنَّ الشكَّ في أمر الله كفر) إبراهيم الجويني الخراساني، فرائد السمطين، ج2، تحقيق: الشيخ المحموديّ، ط 1، بيروت لبنان، مؤسَّسة المحموديّ، 1400هـ 1980م، باب 61.
تعليق