بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
من مسلّمات الناس اليوم وأمس ما يتلوه الجميع وبألحان مختلفة تقول في نتيجتها إنّ (العصمة لأهلها)، فأبناء الدنيا لم يكتب لهم أنْ يكونوا معصومين _إلاّ المخلصون وقليل ما هم، وهم الأنبياء والأوصياء ومن دلّ الدليل على عصمتهم_.
وعدم العصمة يعني فيما يعنيه إمكانية الوقوع في الخطأ ومخالفة القانون، وقد ترجم الكثيرون هذه الإمكانية إلى واقع عمليّ معاش، على طول الخط أو في فترات متقطّعة، وخيرهم من لم يواقع إلاّ اللّمم، وهذه حقيقة لابدّ أنْ نتجرّعها وإنْ كانت مرة المذاق.
إلاّ أنّ الملاحظة المهمة هنا هي أنّنا لو تأملنا سلوكنا اليومي لوجدنا أنّ سلسلة طويلة من الأخطاء التي وقعنا ونقع فيها لم يكن لها من سبب سوى استسلام المرء لشهوات نفسه ونزواتها، الأمر الذي يكشف وبكل وضوح عن عجزه عن مقاومة المغريات أو عن تسويفه المقاومة إلى مرحلة متأخّرة لم يحن الوقت لها بنظره.
إنّك تجد شابا يافعاً قد أرخى عينيه أمام جارية لهارون، وآخر كان قد مدّ يده طمعاً بمضيرة معاوية، وثالثاً أضحى يمنّي النّفس بملك الرّي، ورابعاً طمع في دراهم معدودة، وخامساً اتّخذ فلانا خليلا حتى أضلّه عن الذكر، وسادساً أعشى بصره وأمرض قلبه حبُّ منصب أو كرسي حكم، وسابعاً، وثامناً...
واضرب بطرفك حيث شئت لتجد أمام عينيك من صرعت الشهوات عقله وأماتت الدنيا قلبه، وربّما كان الواقع اشد مرارة مما نراه وأكثر بؤساً ممّا ذقناه.
أمام هذا الواقع علينا الالتفات نحن المنتظرين إلى التالي:
أوّلاً: على كل واحد منّا أنْ يعلم أنّ التديّن الحق في واقعه ما هو إلاّ سلسلة من المواقف الصامدة في وجه شهوات النفس ووسوسات إبليس، وأنّه سيتكوّن من هذه المواقف المتكررة حصن يحوط المرء ويصون إيمانه، وذلك الحصن يتمثّل بوصية الله تعالى لنا ولمن قبلنا (أن اتقوا الله)، وهو ما بيّنه أمير المؤمنين علي عليه السلام بقوله: (التقوى حصن الإيمان).
ثانياً: علينا أنْ نفهم أنّ كثيراً من مفردات الاستسلام لو تركت من دون مقاومة وعلاج فإنّها سترسل جذورها بعيداً في أعماق النفس لتحيك خيوطها بقوّة، يصعب بعدها قطع تلك الخيوط واقتلاع جذور شجرتها السيّئة من النفس، وهذا يدفعنا إلى ضرورة تفعيل مبدأ المقاومة المستمرة والثبات وفق مبدأ (قم، بعد كل سقوط) أو بعبارة أخرى (استغفر بعد كل ذنب) ذلك المبدأ يستقيه المسلم من قول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم (خير الخطّائين التّوابون).
ثالثاً: وعلينا أنْ نعلم أنّ الوقت ليس في صالحنا أبد فإنّ مروره الخفيّ وسيره اللطيف ترك الكثير من الناس في غفله عن انقضائه، حتى إذا ما تصرّم وانتهى عضّ كثير منهم أصابع الندم، ولات حيت مندم، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين علي عليه السلام في وصيته إلى الإمام الحسن المجتبى عليه السلام بقوله (فكن منه على حذر أنْ يدركك وأنت على حال سيئة، قد كنت تحدِّث نفسك بالتوبة منها، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك).
رابعاً: ليس صعباً على كثير من الناس أنْ يتعرّفوا مواقع الصواب من مواقع الخطأ في مفردات سلوكهم اليومي، ولا يمثّل هذا مشكلة في الواقع، انّما المشكلة والصعوبة تكمن في شعور الفرد بالمسؤولية تجاه تلك السلوكيات شعوراً يتناسب مع قيمة ذلك السلوك، والواقع يحدّثنا أنّ ذلك الشعور دائماً ما يكون مرافقاً للمستمسكين بمبادئهم رغم الصعاب حتى ولو كان المبدأ كجمرة في اليد، ويحدثنا أيضاً أنّ أولئك هم كالملح في الطعام.
اللهم صل على محمد وآل محمد
من مسلّمات الناس اليوم وأمس ما يتلوه الجميع وبألحان مختلفة تقول في نتيجتها إنّ (العصمة لأهلها)، فأبناء الدنيا لم يكتب لهم أنْ يكونوا معصومين _إلاّ المخلصون وقليل ما هم، وهم الأنبياء والأوصياء ومن دلّ الدليل على عصمتهم_.
وعدم العصمة يعني فيما يعنيه إمكانية الوقوع في الخطأ ومخالفة القانون، وقد ترجم الكثيرون هذه الإمكانية إلى واقع عمليّ معاش، على طول الخط أو في فترات متقطّعة، وخيرهم من لم يواقع إلاّ اللّمم، وهذه حقيقة لابدّ أنْ نتجرّعها وإنْ كانت مرة المذاق.
إلاّ أنّ الملاحظة المهمة هنا هي أنّنا لو تأملنا سلوكنا اليومي لوجدنا أنّ سلسلة طويلة من الأخطاء التي وقعنا ونقع فيها لم يكن لها من سبب سوى استسلام المرء لشهوات نفسه ونزواتها، الأمر الذي يكشف وبكل وضوح عن عجزه عن مقاومة المغريات أو عن تسويفه المقاومة إلى مرحلة متأخّرة لم يحن الوقت لها بنظره.
إنّك تجد شابا يافعاً قد أرخى عينيه أمام جارية لهارون، وآخر كان قد مدّ يده طمعاً بمضيرة معاوية، وثالثاً أضحى يمنّي النّفس بملك الرّي، ورابعاً طمع في دراهم معدودة، وخامساً اتّخذ فلانا خليلا حتى أضلّه عن الذكر، وسادساً أعشى بصره وأمرض قلبه حبُّ منصب أو كرسي حكم، وسابعاً، وثامناً...
واضرب بطرفك حيث شئت لتجد أمام عينيك من صرعت الشهوات عقله وأماتت الدنيا قلبه، وربّما كان الواقع اشد مرارة مما نراه وأكثر بؤساً ممّا ذقناه.
أمام هذا الواقع علينا الالتفات نحن المنتظرين إلى التالي:
أوّلاً: على كل واحد منّا أنْ يعلم أنّ التديّن الحق في واقعه ما هو إلاّ سلسلة من المواقف الصامدة في وجه شهوات النفس ووسوسات إبليس، وأنّه سيتكوّن من هذه المواقف المتكررة حصن يحوط المرء ويصون إيمانه، وذلك الحصن يتمثّل بوصية الله تعالى لنا ولمن قبلنا (أن اتقوا الله)، وهو ما بيّنه أمير المؤمنين علي عليه السلام بقوله: (التقوى حصن الإيمان).
ثانياً: علينا أنْ نفهم أنّ كثيراً من مفردات الاستسلام لو تركت من دون مقاومة وعلاج فإنّها سترسل جذورها بعيداً في أعماق النفس لتحيك خيوطها بقوّة، يصعب بعدها قطع تلك الخيوط واقتلاع جذور شجرتها السيّئة من النفس، وهذا يدفعنا إلى ضرورة تفعيل مبدأ المقاومة المستمرة والثبات وفق مبدأ (قم، بعد كل سقوط) أو بعبارة أخرى (استغفر بعد كل ذنب) ذلك المبدأ يستقيه المسلم من قول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم (خير الخطّائين التّوابون).
ثالثاً: وعلينا أنْ نعلم أنّ الوقت ليس في صالحنا أبد فإنّ مروره الخفيّ وسيره اللطيف ترك الكثير من الناس في غفله عن انقضائه، حتى إذا ما تصرّم وانتهى عضّ كثير منهم أصابع الندم، ولات حيت مندم، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين علي عليه السلام في وصيته إلى الإمام الحسن المجتبى عليه السلام بقوله (فكن منه على حذر أنْ يدركك وأنت على حال سيئة، قد كنت تحدِّث نفسك بالتوبة منها، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك).
رابعاً: ليس صعباً على كثير من الناس أنْ يتعرّفوا مواقع الصواب من مواقع الخطأ في مفردات سلوكهم اليومي، ولا يمثّل هذا مشكلة في الواقع، انّما المشكلة والصعوبة تكمن في شعور الفرد بالمسؤولية تجاه تلك السلوكيات شعوراً يتناسب مع قيمة ذلك السلوك، والواقع يحدّثنا أنّ ذلك الشعور دائماً ما يكون مرافقاً للمستمسكين بمبادئهم رغم الصعاب حتى ولو كان المبدأ كجمرة في اليد، ويحدثنا أيضاً أنّ أولئك هم كالملح في الطعام.