إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

3 - رحلةُ الإنسانِ مِنَ الموتِ الى القبرِ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • 3 - رحلةُ الإنسانِ مِنَ الموتِ الى القبرِ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    يمرُّ الإنسانُ برحلاتٍ عديدةٍ مُنذُ أنْ أقتضَتِ المَشيئةُ الإلهيّةِ بخلقِ الخلقِ مِنْ عالمِ الأنوارِ إلى عَالمِ الأرواحِ إلى عَالمِ الأصلابِ إلى عَالمِ الأرحامِ إلى عَالمِ الدُّنْيا إلى عَالمِ القَبرِ والبرزخِ إلى يومِ الحشرِ والحسابِ إلى عَالمِ الآخرةِ ، وما بينَ عَالمي الدُّنْيا والقَبرِ هُناكَ مرحلةُ الموتِ
    قال تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ } سُورَةُ الأنبياءِ، الآية: 34.
    وقال تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ } سُورَةُ آلِ عِمرانَ، الآية: 185.تمرّ على الإنسانِ هي عبارةٌ عَنْ ساعاتٍ ولَكنْ في الحقيقَةِ يَرى فيها أعاجيبَ الأمورِ .
    إنَّ الموْتَ هو الحقيقةُ الحتميَّةِ الّتي لا مفرَّ مِنْها لأحدٍ ، مَهما عَلا شَأنَهُ في الدُّنْيا، فالبَشرُ يموتونَ حتّى الأنبياءُ مِنهم، ولو كانَ الخُلدُ يحقُّ لأحدٍ لفضلٍ إستحقَهٌ، لكانَ الأنبياءُ صَلى اللهُ عليِهِ وآلهِ وسَلّم أحقَّ النَّاسِ بالخُلدِ، وإلى هذا المَعنى أشارَ أميرُ المُؤمنينَ عليه السّلام بالقولِ: (ولو أنّ أحداً يجد إلى البقاء سلّماً، أو لدفع الموت سبيلاً، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام ، الّذي سخّر له ملك الجنّ والإنس) نهج البلاغة، السيد الرضي، الخطبة 182.
    ما هيَ حقيقةُ المَوتِ؟
    أكّدَ اللهُ تَعالى في القرآنِ الكريمِ، في أكثرِ مِنْ مُوضعٍ، أنَّ المَوتَ ليسَ عدماً، وإنَّما هو إنتقالٌ مِنَ الحياةِ الدُّنيويَّةِ هذه إلى الحياةِ البرزخيَّةِ الّتي تفصلُ ما بينَ الحياةِ الدُّنيا والحياةِ الآخرة.
    ولمّا كانَ الموتُ فِيما أخبرَ عَنهُ القرآنُ الكريمِ إنفصالُ الروحِ عَنِ الجَسَدِ فإنَّ كلَّ ما نراهُ مِنْ أمورٍ عِندَ موتِ الإنسانِ ، كسكونِ القلبِ ، وغيابِ الإحساسِ ،... هذه الأمورُ وأمثالُها لَيستْ هيَ جوهرُ الموتِ، وإنَّما هيَ مِنْ عَوارِضِهِ وآثارِهِ ، يقولُ الإمامُ عليٍ عليه السّلام : (أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَأَنَا الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وَغَداً مُفَارِقُكُمْ، غَفَرَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ..وَإِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً، وَسَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً خَلَاءً سَاكِنَةً بَعْدَ حَرَاكٍ، وَصَامِتَةً بَعْدَ نُطْقٍ، لِيَعِظْكُمْ هُدُوِّي، وَخُفُوتُ إِطْرَاقِي، وَسُكُونُ أَطْرَافِي، فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِرِينَ مِنَ الْمَنْطِقِ الْبَلِيغِ ، وَالْقَوْلِ الْمَسْمُوعِ.وَدَاعِي لَكُمْ وَدَاعُ امْرِئٍ مُرْصِدٍ لِلتَّلَاقِي، غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي، وَيُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ سَرَائِرِي، وَتَعْرِفُونَنِي بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي، وَقِيَامِ غَيْرِي مَقَامِي) نهجُ البلاغةِ ، الخطبة 149.
    وقد يؤمنُ أناسٌ بأنَّ الموتَ هو إنتهاءٌ مِنَ الحياةِ إلى العدمِ ، فأصبحتْ كلمةُ "العدم" تعبيراً عنِ الموتِ عِندَهمُ، ولكنَّ الموتَ -كما أخبرَنا عنهُ "خالقُ الموتِ والحياةِ عَزَّ وجَلَّ" - ليسَ عدَماً، بَلْ هو إنتقالُ الكائنُ الحيِّ مِنْ هذه الحياةُ الدَّنْيا إلى حياةِ البرزخِ.. ومِنْ ثمَّ لِمَا أعدَّهُ اللهُ لَهُ مِنْ نَعيمِ القبرِ أو عذابِهِ.
    قالَ الإمامُ الصادقُ عليه السّلام: (مَثَلُ روح المؤمن وبدنه كجوهرة في صندوق ، إذا أخرجت الجوهرة منه اطُّرِحَ الصندوق ، ولم يعبأ به ). (مختصر البصائر/67).
    أقولُ : إنَّ تعبيرَ الإمامِ عليه السّلام عَنِ الموتِ بخروجِ الجوهرةِ مِنَ الصندوقِ يبررُ تَعبيرَنَا بالولادةِ ، لأنَّ الروحَ تُوْلَدُ مِنَ البَدَنَه ، وتَسكنُ في قالبٍ مِنْ نوعٍ آخرٍ ، وتعيشُ فيِه في البرزخِ في نَعيمِ أو عذابِ ولا تشعرُ بالزمنِ ، الى يومِ القيامةِ ، ولكنَّها تَبقى تَحِنُ إلى البَدَنِ ، وتنتظرُ حتى يُصنعُ منْ جديدٍ في المحشرِ فتعودَ اليه /
    أمَّا البدنُ فيفسَدُ ويَتحلَّلُ ، إلا نَواتَهُ الّتي تحملُ خصائصَ الإنسانِ حسبَ عملِهِ وهيَ كالبذرةِ تُزرعُ يومَ القيامةِ فتنبُتُ،أو تُجمَعُ بواسطتِها بقيَّةُ أجزاءِ البدنِ وتَنمو في القبرِ،فإذا إكتملَ نُموُها تَعودُ إليها الروحُ.
    فقدْ سُئلَ الإمامُ الصادقُ عليه السّلام : (عنِ الميِّتِ يُبلى جَسدُهُ ؟ قالَ: نعمْ ، حَتى لا يَبقى لهُ لحمٌ ولا عظمٌ ، إلا طَينَتِهِ الّتي خُلِقَ مِنها فإنَّها لا تَبلى ، تبقى في القبرِ مستديرةٌ حتى يُخلَقُ منها كَما خُلِقَ أوّلَ مَرةٍ). (الكافي:3/251) .
    إنَّ الروحَ إذا فارقتْ الجسدُ الماديُ ، تتلبسُ بجسدٍ مِثاليٍ يعني ليسَ جسداً مادياً، لا يَشغلُ حيزاً منَ الفراغِ ، ليسَ لهُ طولٌ وعرضٌ وعمقٌ، جسدٌ يَشبهُ البَدنَ في صورتِهِ، ولكنَّه ليسَ مادياً ، ولذلكَ إذا إنطلقتْ الروحُ ﴿كَلاَّ إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ سُورَةُ القِيامَةِ ، يَرتقي الشُّعاعُ إلى أنْ يصلَ إلى العالمِ الآخرِ، الرِّواياتُ تقولُ: أنَّ الأرواحَ موجودةٌ، ”دَعوها فإنَّها أقبلتْ منْ هولٍ عظيمٍ“ يعني أنَّ الانفصالَ عنِ الجسدِ ليسَ بالشيءِ السهلِ،القرآنُ يُعبِرُ عَنْها بالسكراتِ،﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾سُورَةُ ق:19 .
    أنا الآن في هذا المكانِ ، لا أدري ماذا يوجدُ بالجنوبِ، لأنَّ المكانَ يَحَدُّني، إذنْ الزمانُ حدٌّ والمكانُ حدٌّ، فأنا لا أدركُ ما وراءَ الحدِّ، أمَّا إذا ماتَ الإنسانُ، تحررَ منَ الجسدِ، فتحررَ منَ الزمانِ والمكانِ، وتحررَ منَ الحدودِ، فإذا تحررَ منَ الزمانَ والمكانَ صارَ إدراكُهُ إدراكٌ إطلاقيٌ، يعني يُدركُ ما وراءَ الزمانِ والمكانِ، مِنْ دونِ فرقٍ سواءٌ كانَ مسلمٌ أو كافرٌ، الجميعُ يصبحُ لدَّيِهِ حياةٌ إدراكيةٌ إطلاقيةٌ، لا تعرفُ حدودَ الزمانِ والمكانِ ﴿فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ سُورَةُ ق: 22 ، الزمنُ غطاءٌ، المكانُ غطاءٌ، هذه كُلُّها أغطيةٌ ورُفعتْ عَنِ الإنسانِ، فيستطيعُ أنْ يرى الملائكةَ والجِّنِ والأشباحِ، الأرواحِ، العقولِ الكلّيَّةِ، يَرى عوالمَ غريبةً، ما كانَ يراها وهو في الحياةِ، ولهذا الشخصُ العاديُ يُفاجأ بما يَرى، أمَّا الشخصُ الّذي انكشفتْ لَهُ العوالمُ في الدُّنْيا، هناكَ قسمٌ منِ النَّاسِ اكتشفوا هذه العوالمَ قبلَ أنْ يموتوا، إكتشفَ عالمَ الأرواحِ والأشباحِ والملائكةِ والجِّنِ، فإذا ماتوا لا يُغيّرُ الموتُ مِنْ حياتِهم شيء، لأنَّهم اكتشفوُها قبلَ موتِهم، يقولُ الإمامُ عليٍ عليه السّلام : ” لَوْ كُشِفَ‏ [لِيَ‏] الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً “الروضة في فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام: 235 ، لأبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي ، الغطاءُ يعني الموت .



  • #2
    احسنتم وبارك الله بجهودكم

    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وال محمد
      احسنتم ويبارك الله بكم
      شكرا لكم كثيرا

      تعليق


      • #4
        رفع الله منزلتكم ورزقكم حسن العاقبة والجنة

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X