بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النشأة الهادفة
الربانيون من عباد الله يتميزون بأنهم لا يمارسون نشاطا ، إلا ابتغاء مرضاة ربهم . قال الله سبحانه :
﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ حركات عباد الله الربانيين تتجه إلى قبلة واحدة ، هي رضوان الرب ، وهكذا تجدهم إذا تزوجوا او ابتغوا ذرية فلغاية ربانية . فمثلا أمرأة عمران تنذر ما في بطنها محررا لله سبحانه ، فيتقبل الله سبحانه مريم بقبول حسن ، وينبتها نباتا حسنا ، ويكفلها زكريا .
وكانت تلك الدعوة ذات أثر بالغ على مستقبل جنينها ، فاذا بها تلد مريم ، التي جعلها الله تعالى وابنها المسيح ـ عليه السلام ـ آية للعالمين .
وكان الهدف الأسمى للإمام علي ـ عليه السلام ـ من زواجه من فاطمة بنت حزام الكلابية ـ أم العباس ـ ان يرزقه الله منها ولدا ينصر نجله الحسين ـ عليه السلام ـ في كربلاء .
تقول الرواية التأريخية ؛ لقد قال الإمام أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ لأخيه عقيل ـ وكان عالما بالأنساب ـ : " انظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا " .
فقال له : تزوج بأم البنين الكلابية ، فانه ليس في العرب أشجع من آبائها 5 . واضافت رواية اخرى بعد قوله ؛ فتلد غلاما فارسا ، هذه الكلمة : " ينصر الحسين بطف كربلاء " 6 . لقد رسم الإمام صورة واضحة لهدفه من الزواج حتى قبل انتخاب الزوجة ، وهكذا رزقه الله سبحانه ذلك البطل الوفي المواسي لأخيه ، والناصح لامام زمانه .
اما فاطمة الكلابية فقد كانت مثلا رائعا في المثل الاخلاقية ، فعندما دخل بها الإمام علي ـ عليه السلام ـ سألها حاجتها ، حسب عادة الزيجات يومئذ ، طلبت حاجة وحيده ـ حسب رواية تاريخية ـ بألا يناديها باسمها فاطمة !
لماذا وقد سمتك أمك فاطمة ؟!
قالت بلى .. أخشى انه كلما تناديني بهذا الاسم ( فاطمة ) ان يتذكر اولاد فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ أمهم فتتجدد احزانهم . فكناها الإمام بأم البنين .
ثم بعد عشرات السنين وبعد واقعة كربلاء تقول الرواية التاريخية حينما قدم الإمام زين العابدين ـ عليه السلام ـ وسائر الاسارى إلى المدينة المنورة ، أمر بشرا وكان شاعرا ان يتقدم الركب وينعى الحسين ـ عليه السلام ـ لأهل المدينة فاستقبلته أم البنين وأخذت تسأله عن الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ .
اما بشر فقال لها : يا أم البنين ؛ آجرك الله في ولدك عبد الله .
قالت : اخبرني عن الحسين ؟
فقال بشر : آجرك الله في ولدك جعفر .
قالت أم البنين : اخبرني عن الحسين يا بشر ؟
قال بشر : آجرك الله في ولدك عثمان .
عادت أم البنين تسأل بشرا : اخبرني عن الحسين يا بشر ؟
فقال بشر : آجرك الله في ولدك العباس ..