إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإحسان وكظم الغيظ في حياة الإمام زين العابدين(ع)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإحسان وكظم الغيظ في حياة الإمام زين العابدين(ع)

    الإحسان وكظم الغيظ في حياة الإمام زين العابدين(ع)

    الخطبة الأولى

    قال الله سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. صدق الله العظيم.

    عنوان الصّبر

    في كلمة للإمام زين العابدين(ع) ـ هذا الإمام الّذي مرّت علينا ذكرى ولادته في الخامس من شهر شعبان ـ وهو يتحدّث عن أحبّ الأشياء إلى نفسه، قال: "ما تجرّعت من جرعةً أحبّ إليّ من جرعة غيظٍ لا أكافئ بها صاحبها".

    فقد اعتبر أنّ أحبّ الأشياء إلى نفسه، هو أن لا يبادل الإساءة بمثلها، بل أن يبادلها بالإحسان منه. وهذا السلوك هو الذي طبع شخصية هذا الإمام، من بين العديد من المزايا الّتي اتّصفت بها شخصيّته، فقد كان زيناً للعابدين، وسيداً للساجدين لكثرة سجوده وعبادته، وكان محبّاً للفقراء، وهو الذي كان يقول: "اللّهمّ حبّب إليَّ صحبة الفقراء، وأعنّي على صحبتهم بحسن الصّبر". وكان إذا جنّ الليل، وهدأت العيون، ونام الناس، خرج من بيته حاملاً الطعام على ظهره للفقراء كي لا يقضوا ليلتهم جائعين.
    وكان عنواناً للصّبر، وقد تمثَّل ذلك في كربلاء؛ في صبره على مرضه، وفي صبره على المأساة الّتي حدثت أمام عينيه. وبعد كربلاء، تمثّل صبره في الشّجاعة التي أبداها في الكوفة أمام ابن زياد الّذي هدّده بالقتل إن هو استمرّ بتحدّيه، فقال(ع) له: "أبالقتل تهدّدني يابن زياد؟ أما علمت أنّ القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشّهادة؟". وقد قال ليزيد في الشّام: "أبشر يا يزيد بالخزي والنّدامة".
    كظم الغيظ

    ونحن اليوم سنتوقف عند بعض المزايا والمواقف الّتي تميّز بها، ومنها قيمة كظم الغيظ، والعفو، ومبادلة الإساءة بالإحسان. وقد برزت هذه المزايا لدى الإمام(ع) في تعامله مع مختلف تنوّعات المجتمع؛ مع العبد والسيّد، ومع القريب والبعيد، والحاكم والمحكوم، ليؤكّد الطابع الشامل لها.

    أوّل هذه المواقف، موقفه من أحد أقربائه الّذي كان يحسد الإمام(ع) ويحقد عليه، ما دفعه يوماً إلى أن يتهجّم عليه، ويصفه بنعوت مسيئة، وعلى مرأى من أصحابه، فلما انصرف، قال لأصحابه: "لقد سمعتم ما قال هذا الرّجل، وأنا أحبّ أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا ردّي عليه!". وهم لا يشكّون أنّ ردّ الإمام(ع) سيكون قاسياً. ولكن في الطّريق، سمعوه يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَوَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُيُحِبُّالْمُحْسِنِينَ}، فعرفوا أنّ الإمام(ع) لا يريد ما كانوا يتمنّون. فلمّا وصل الإمام إلى بيت ذلك الرّجل، خرج متوثّباً للشّرّ، لكنّ الإمام هدّأ من روعه وقال له: "يا أخي، إنّك كنت قد وقفت عليَّ آنفاً، فقلت وقلت، فإن كنت قلت ما فيّ، فأستغفر الله‏ منه، وإن كنت قلت ما ليس فيّ، فغفر الله‏ لك".
    كلمات قليلة كانت كافية لتهزّ أعماق هذا الرّجل، ولتجعله يعيد النظر في موقفه من الإمام(ع)، وليقول له: "بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحقّ به". أنا المخطئ وأنا الجاني. أرجو أن تعفو عني، وأن تستغفر لي ربَّك. وصار هذا الرّجل من بعدها من أخلص الناس للإمام. وهنا نسأل: ماذا لو بادل الإمام هذا الرّجل بمثل فعلته، أو بأقسى من ذلك، كما يحصل عادةً منّا؛ أكان حقَّق ما تحقّق له بأسلوبه؟!

    وموقف ثان مع أحد مواليه ـ والمقصود أحد عبيده. ومن المعروف عن الإمام زين العابدين(ع)، أنّه كان يشتري في كلّ عام عبيداً، ليعتقهم في موسمين؛ في شهر رمضان، وفي يوم عرفة ـ إذ تذكر السّيرة أنّ عدداً من الضيوف حضروا إلى الإمام(ع)، فآثر الإمام أن يعدّ لهم شواءً، فاستعان بهذا العبد ليعينه على تحضير الطّعام ويقوم بالشّواء، وعندما حلّ وقت الطّعام، تعثّر هذا الخادم، وهو يحمل السّفود الشَّديدة الحرارة، بعد أن أخرجها من التنّور ـ والسفود هي الأسياخ الطّويلة التي كان يوضع فيها اللّحم ـ فسقطت على رأس ابن صغير للإمام(ع)، فاحترق بسببها، فتغيّر وجه العبد، وأصابه الهلع من رهبة الجزاء. لكنّ الإمام(ع) قال له: هوّن عليك، فإنّك لم تتعمّد ذلك. ولم يكتف الإمام(ع) بذلك، بل قال له: اذهب فأنت حرّ لوجه الله.


  • #2
    الأخت الفاضلة خادمة ام أبيها . أسعد الله أيامنا وأيامكِ بذكرى ولادة الإمام زين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين (عليهما السلام) . وأحسنتِ وأجدتِ وسلمت أناملكِ على نشر هذا الموضوع القيم عنه . جعل الله عملكِ هذا في ميزان حسناتكِ . ودمتِ في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X