الإحسان في أرقى صوره
وموقف آخر مع هشام بن إسماعيل، وكان هشام والياً على المدينة من قبل عبد الملك بن مروان، وهو من أركان بني أميّة، وكان معروفاً بعدائه للإمام زين العابدين(ع) ولأهل البيت(ع). وتذكر السّيرة أنّه بعد موت عبد الملك، تولّى ولده الوليد الخلافة، فعزل الوليد هشاماً بسبب خلاف شخصيّ معه، وقرر أن يوقفه للناس ليقتصّوا منه ويفعلوا به ما يشاؤون، وكان هشام يقول حينها: أنا لا أخشى أحداً سوى زين العابدين، لكثرة ما ارتكب بحقّه. ولكنّ الإمام لم يقل حينها ما نقول من أنّه حان وقت الاقتصاص والثّأر، بل طلب من أصحابه أن لا يتعرّضوا له بالسّوء، فلمّا وصل إليه قال له: "انظر إلى ما أعجزك من مال تؤخَذ به، فعندنا ما يسعك. فطب نفساً منّا، ومن كلّ من يطيعنا". فنادى هشام، وهو يستمع إلى هذا المنطق، بأعلى صوته: "الله أعلم حيث يجعل رسالته".
وقد صوّر هذا المشهد أحد الشّعراء، حين قال:
ملكنا فكان العفو منا سجيّة فلمّا ملكتم سال بالدّم أبطح
فحسبكم هذا التّفاوت بيننا وكلّ إناء بالّذي فيه ينضح
وموقف آخر يمثّل القمّة في التّجاوز والإحسان، وهو الّذي جرى مع مروان بن الحكم. ومروان هذا كان معروفاً بعدائه الشّديد لأهل البيت(ع) وغلظته عليهم، فهو من أوائل من خرجوا لحرب الجمل، وبعدها في صفّين، وكان من المحرّضين على قتال عليّ(ع)، وهو من قال لوالي المدينة: "إن لم يبايع الحسين يزيد، فاضرب عنقه". مروان هذا حين ثارت المدينة على بني أميّة، وقرّر أهلها إخراج بني أمية منها، وكان هو على رأسهم، فتّش حينها عمّن يدع عنده عائلته، وحاول لدى الكثيرين، ولم يقبل أحد بذلك، حتى الذين كانوا من خواصّه والمقرّبين منه. الكلّ تنصّل خوفاً من أن يتلبّس بالقرب من مروان بن الحكم، ولا سيّما أنّ عائلته كبيرة. لم يجد حينها سوى الإمام زين العابدين(ع) من يقبل ذلك، وقال(ع) له: "عائلتك مع عائلتي، وحرمك مع حرمي"، ثم غادر مروان.
تقول إحدى بنات مروان عن تلك الفترة من إقامتهم عند الإمام زين العابدين(ع): "ما وجدنا من الرعاية عند أبينا ما وجدناه عند عليّ بن الحسين".
ولعلّ الموقف الأبرز للإمام في هذا المجال، تمثّل في الدعاء الذي عُرف بدعاء "أهل الثّغور"، فقد دعا به الإمام(ع) للجيش الأمويّ بالسّلامة والنصر على الأعداء، رغم أنّ هذا الجيش هو الّذي تسبَّب بكلّ ما حدث في كربلاء لأبيه وأخوته وأعمامه وأولاد عمّه ولأصحاب أبيه ولما جرى له وللنّساء، وقد تجاوز كلّ ذلك لحفظ ثغور المسلمين.
وموقف آخر مع هشام بن إسماعيل، وكان هشام والياً على المدينة من قبل عبد الملك بن مروان، وهو من أركان بني أميّة، وكان معروفاً بعدائه للإمام زين العابدين(ع) ولأهل البيت(ع). وتذكر السّيرة أنّه بعد موت عبد الملك، تولّى ولده الوليد الخلافة، فعزل الوليد هشاماً بسبب خلاف شخصيّ معه، وقرر أن يوقفه للناس ليقتصّوا منه ويفعلوا به ما يشاؤون، وكان هشام يقول حينها: أنا لا أخشى أحداً سوى زين العابدين، لكثرة ما ارتكب بحقّه. ولكنّ الإمام لم يقل حينها ما نقول من أنّه حان وقت الاقتصاص والثّأر، بل طلب من أصحابه أن لا يتعرّضوا له بالسّوء، فلمّا وصل إليه قال له: "انظر إلى ما أعجزك من مال تؤخَذ به، فعندنا ما يسعك. فطب نفساً منّا، ومن كلّ من يطيعنا". فنادى هشام، وهو يستمع إلى هذا المنطق، بأعلى صوته: "الله أعلم حيث يجعل رسالته".
وقد صوّر هذا المشهد أحد الشّعراء، حين قال:
ملكنا فكان العفو منا سجيّة فلمّا ملكتم سال بالدّم أبطح
فحسبكم هذا التّفاوت بيننا وكلّ إناء بالّذي فيه ينضح
وموقف آخر يمثّل القمّة في التّجاوز والإحسان، وهو الّذي جرى مع مروان بن الحكم. ومروان هذا كان معروفاً بعدائه الشّديد لأهل البيت(ع) وغلظته عليهم، فهو من أوائل من خرجوا لحرب الجمل، وبعدها في صفّين، وكان من المحرّضين على قتال عليّ(ع)، وهو من قال لوالي المدينة: "إن لم يبايع الحسين يزيد، فاضرب عنقه". مروان هذا حين ثارت المدينة على بني أميّة، وقرّر أهلها إخراج بني أمية منها، وكان هو على رأسهم، فتّش حينها عمّن يدع عنده عائلته، وحاول لدى الكثيرين، ولم يقبل أحد بذلك، حتى الذين كانوا من خواصّه والمقرّبين منه. الكلّ تنصّل خوفاً من أن يتلبّس بالقرب من مروان بن الحكم، ولا سيّما أنّ عائلته كبيرة. لم يجد حينها سوى الإمام زين العابدين(ع) من يقبل ذلك، وقال(ع) له: "عائلتك مع عائلتي، وحرمك مع حرمي"، ثم غادر مروان.
تقول إحدى بنات مروان عن تلك الفترة من إقامتهم عند الإمام زين العابدين(ع): "ما وجدنا من الرعاية عند أبينا ما وجدناه عند عليّ بن الحسين".
ولعلّ الموقف الأبرز للإمام في هذا المجال، تمثّل في الدعاء الذي عُرف بدعاء "أهل الثّغور"، فقد دعا به الإمام(ع) للجيش الأمويّ بالسّلامة والنصر على الأعداء، رغم أنّ هذا الجيش هو الّذي تسبَّب بكلّ ما حدث في كربلاء لأبيه وأخوته وأعمامه وأولاد عمّه ولأصحاب أبيه ولما جرى له وللنّساء، وقد تجاوز كلّ ذلك لحفظ ثغور المسلمين.
تعليق