بسم الله الرحمن الرحيم
الّلهم صلِ على محمد وآله الطاهرين
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الّلهم صلِ على محمد وآله الطاهرين
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2- الآيةُ 31 مِن سورةِ المُدَّثِرِ :-
لا تَخلو النَّارُ مِنَ الملائكةِ ، فَقدْ قالَ عَزَّ و جَلَّ في كتابِهِ العزيزِ مِنْ سُورةِ المدُّثرِ:-
{ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ } .
(في الكافي عنِ الكاظِمِ عليه السّلام يستيقنونَ أنَّ اللهَ ورسولَهُ ووصيَّهُ حقٌّ ويزدادُ الّذينَ آمنوا إيماناً ، بالايمانِ بِهِ أو بتصديقِ أهلِ الكتابِ لَهُ ولا يَرتابَ الّذينَ أوتوا الكتابَ والمؤمنونَ أي في ذلكَ وهو تأكيدٌ للإستيقانِ و زيادةُ الايمانِ ونفيٌ لِما يَعرضُ المُتيقِّنُ حيثَما عَراهُ شبهةٌ وليقولَ الّذينَ في قُلوبِهُمُ مرضُ شَّكٍّ أو نِفاقٍ ، والكافرونَ الجازمونَ في التكذيبِ ماذا أرادَ اللهُ بِهذا مثلاً ، أي شئٍ أرادَ بِهذا العددِ المُستغربِ إستغرابَ المَثلِ كذلك يُضلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ ويَهدى مَنْ يَشاءُ وما يَعلمُ جنودَ ربِّكَ أصنافُ خَلقِهِ على ما هُم عليِهِ إلا هو). التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٤٩ .
وليسَتِ الجحيمُ بلا معنى ، بلْ لِيزدادَ إيمانُهُمُ ونَقرأُ في القرآنِ أنَّ أصحابَ النَّارِ يُحاورونَ الملائكةَ فيُجيبونَهُمُ ، فَلَهم إذنْ ما يُفكرونَ بِهِ ويَفهمونَ ولعلَّ هذهِ الحواراتِ هيَ لتفهيِمِ أهلَ النَّارِ ذُنوبَهُمُ وسببَ عذابَهمُ ، ونجدُ تَغيَّراً في أفكارِهم .
فنجدُ مثلاً أنَّهم يطلبونَ الماءَ والطَّعامَ في النَّارِ فيُقالُ لَهُمُ أنَّ اللهَ حَرَمَها على الكافرينَ ، لأنَّ الماءَ والريَّ والشَّبعَ في الآخرةِ كانوا قَدْ أعرَضوا عنهُ بأنفسِهم ، فالماءُ والثمراتُ هي ذكرُ اللهِ وأنْتُمُ غَرتْكُم الحياةُ الدُّنيا ونسيتُم لقاءَ يومِكُم هذا وكُنتُم بآياتِ اللهِ تجحدونَ .
(فقولُه: " وما جَعلْنا أصحابَ النَّارِ إلاَّ ملائكة " المُرادُ بأصحابِ النَّارِ خزنَتُها المُوَكَّلونَ عَليها المُتولونَ لتعذيبِ المُجرمينَ فِيها كَما يُفيدُه قُولُهُ: " عَليها تسعةَ عشرٍ " ويَشهدُ بذلكَ قَوُلُهُ بعدَ: " وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً "
ومُحصَّلُ المَعنى: إنِّا جعلنَاهم ملائكةً يَقدرونَ على ما أمروا بِهِ كما قالَ:
{عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
التحريم: 6 فليسوا من البشر حتى يرجوا المجرمون أن يقاوموهم ويطيقوهم). تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٨٩ .
ويطلبونَ أنْ يُخفِّفَ عَنْهمُ العذابَ فيُقالُ لَهم أنَّ اللهَ بَعثَ لَكم رُّسُلَكم بالبيّناتِ ليخرجُوُكم مِنْ هذا العذابِ الّذي هو أعماُلكم ورفَضْتُم . ويبحثونَ عَنْ أشخاصٍ كانوا يَظنونَهم مِنَ الأشرارِ فيُقالُ لَهمُ : { أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ) سُورةُ ألأعرافِ آية 49 .
ويفهمونَ أيضاً أنَّ ما جاءت بِهِ الرُّسلُ حقٌّ ، وكذلكَ يفهمونَ أنَّ الّذين كانوا يَعبدونَهمُ مِنْ دونِ اللهِ لا يملكونَ لهم شيئاً ، والعبادةُ المَقصودةُ في زمانِنَا هذه هيَ عبادةُ الأشخاصِ وعبادةُ وسائلِ التَواصلِ الإجتماعي والأموالِ والمناصبِ وعبادةُ الدُّنيا ......الخ .
والمُلاحظُ على حِواراتِ أهلِ النَّارِ أنَّهم لمْ يَتوجهوا فيها إلى اللهِ قط ، بلْ كانوا يَتوسلونَ إما بالملائكةِ أو بأهلِ الجنَّةِ ولم يسألوا اللهَ مِنْ فَضلِهِ { وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا } سُورةُ الإسراءِ آية 72 .
تعليق