يعمل المضمون على تشكيل التجربة الإبداعية بما يحمل من رؤية لمعاني تمثيل الرمز الإنساني والكاتب الشيخ محمود الصافي في كتابه بلاغة الامام الحسن العسكري عليه السلام استطاع ان يقدم لنا حسب مقدمة الدكتور محمد عبد الحسين الخطيب ، انتهج محورين الأول سيرة الامام العسكري عليه السلام وتسليط الضوء على عطائه الفكري وفي المحور الثاني بلاغة الامام الحسن العسكري ، وشخص الدكتور الخطيب ان سعي الشيخ الصافي تخصص بتحري جميع النصوص من مصادر قديمة متنوعة وتوثيقها مع بعض التوثيقات والايضاحات والارشادات والاراء الخاصة ، وفي مقدمة الكتاب للشيخ الصافي جسد فكرة النص بانها تابعة لنفس المنهج الذي اتبعه والده العلامة الشيخ عبد الرضا الصافي رحمه الله في كتابه بلاغة الامام الحسن المجتبى وهذا يعني ان توظيف المؤلف الشيخ محمود الصافي مستمد من روح التراث المعصوم ليجدد مشروع والده وهو سعي ايماني قادر على املاء فارق الزمنين ومن باب التذكير ان زمن كتاب الوالد كان زمن سلطوي لايسمح بالكتابة ضمن هذه الأطر الروحية ، يعكس المنجز تاريخ الامام العسكري وعلاقته بالسيرة الذاتية لهذا الامام المعصوم سلام الله عليه وهويته الشخصية والعامة مثلا ولادته المباركة واوصافه واسرته اسم الزوجة واسماء الاخوة ويقدم مادة متجانسة في ابراز معالم الكنية والالقاب ، العسكري / الفاضل / الزكي وبقية الألقاب الأخرى ، التي تشكل مواقف مكونة للكتاب كدلالات الاعتقال أو تأمل مدرك لموضوع استشهاده مع كشف الجوانب المتعلقة في أمور عصمة وإبراز معالم حياتياته وفي الفصل الثاني تحت عنوان ( الالاهيات ) سعى الى توظيف الرمز الامام العسكري لتأصيل لغة الكتاب من خلاله البلاغيات التي تحف العنوان بالطاقة الروحية القادرة على احتواء فكر وشعور المتلقي ، تشعر من خلال تلك النصوص انها سعي لتقديم فكر الامامة ، هويته العصمة فما يذكر في فكر الالهيات يحمل نفس معالم الفكر عند كل امام بما يحمل من طاقة إبداعية صلات مبنية على أسس الايمان ( يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الاجسام وغير ذلك وليس بجسم ، ويصور ما يشاء وليس بصورة، جل ثناؤه وتقدست اسماؤه ان يكون له شبه هو لاغيره ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، )ويقدم لنا الكاتب بلاغة الرمز العسكري عليه السلام ، بما يحمل من ثقافة دينية قادرة على التفاعل مع جميع الأمور الفلسفية ، كان الخالق لايرى ، او في خلق القرآن أو قضية عفوه سبحانه وحوارات في البداء وفي أمور الشرك نجد ان هذه التجليات داخل المبنى السردي لمحتوى الكتاب ، حضور الامام في جميع الملامح والتجليات ، اعتقد ان مقدمة الكتاب الحقيقية جاءت عبر كلام الامام عليه السلام وكانه يقدم هوية المنجز الكتاب ، قد صعدنا ذي الحقائق بأقدام النبوة والولاية ونورنا السبع الطرائق بإعلام الفتوة ، فنحن ليوث الوغى وغيوث الندى ، وفينا السيف والقلم في العاجل ولواء الحمد والعلم في الآجل ) ولكن نلخص طرق سرد روح البلاغة ، معظم ما ورد في الكتاب هو عبارة عن أجوبة مباشرة لأسئلة موجهة للإمام عليه السلام أي بطريقة الارتجال ، واغلب تلك المكونات الإبداعية تحمل روح البشارة من حكم واخبار وروح البشارة باليقين ودائما ترد نهاية الجواب فانك على خير ، اغلب المفردات التي تعاملت معها البلاغة هي مفردات قرآنية ، وتحمل البلاغة روح النجاة ، والفلسفة الإلهية ( ان الله تعالى يمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائص لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه اليه بربك رحمة منه اليكم ) موجهات في قضاء القائم الحجة ، فكان يقول في ولد المولود وفي هذا صاحبكم من بعدي ، وله تشخيصات عن ولاية الحجة من بعدي وكلام له كثير في بقية الله في أرضه وقضية الشبه الخلقي برسول الله عليه وعلى اهل بيته افضل الصلوات ، وعقبات المنكر الحجة وتخلل الكتاب سرديات الزواج بام الحجة عليهم السلام ، ومعظم الخطاب يدور عن الغيبيات والكرامات وتعريف صاحب هذه الكرامات ، وفي شفاعة الائمة عليهم السلام للشيعة وصفات وسمات الشيعي ، وسعيا لتسليط الضوء على أساليب كتابة المواعظ وبلاغيات الامام نرى في هذه القراءة ان بعض ما ورد شيد على الجناس التقابلي ( من آنس بالله استوحش الناس ) وعلى تكرار حرف الروي التقفية لبعث النغمية في الجملة البلاغية ( لاتطلب الصفا ممن كدرت عليه ، ولا النصح من صرفت سوء ظنك اليه ، فانما قلب غيرك لك كقلبك عليه ) ويستخدم اللام من نافية وناهية وامروالتماس ، وموجزات التكثيف في بلاغة الجملة ( صديق الجاهل تعب ) والجناس التوافقي ( زيدوا في الشكر تزدادوا في النعم )
وبعض تلك الحكم وردت شعرية في تكوينها ، باستخدام التراكيب الشعرية ( من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة ) وتستخدم الشعرية في ادب العبادات والادعية ( ان الوصول الى الله عز وجل سفر لا يدرك الا بامتطاء الليل ) ان ما قدمه الشيخ محمود الصافي في هذا السفر المبارك لايمكن ان تستوعبه قراءة بهذا التلخيص / مبارك على الشيخ الصافي هذا المنجز
تعليق