لكل كاتب بدايات بسيطة، كانت منطلقاً لعالم رحب من أفكار وموضوعات وشجون عامة وخاصة، وهذه البدايات رغم عذوبتها وحماسها وشغفها، إلا أنها لا تمثل لزومًا نهج وشخصية الكاتب المستقبلي، فقد تتغير توجهاته وأفكاره وأساليبه فيما بعد، وربما العكس، يبقى حبيس نفس الأطر السابقة التي درج عليها؛ نتيجة غياب المخيلة والأفق، ورؤية الكاتب للعالم والطبيعة والأحداث.
الكاتب شأنه شأن أي متغيّر آخر في الطبيعة، لا يمكنه الركون لفصل واحد، أو تهب عليه الرياح من جهة واحدة، إنه مجموعة من المؤثرات، يتأثر بأقلام مميزة، تكشف سيماء بذرته الأولى، وميوله الفطري، ليستقبل العالم في ضرورة نفسية لبوح ما، أو نقل معاناة، أو رسالة هادفة في الحياة، كل تلك التوجهات هي من صميم رؤى الكاتب، ومهامه الوجدانية في المجتمع الإنساني.
ولعل الاهتمام بتحقيق جمالية النص، نابع بالأساس من حرصه العميق على تجسيد أفكاره بقوة طرحها وحداثتها، فالفكرة يجب أن توضع في وعاء صالح كما البذرة، وهذا الوعاء مصنوع من لغة رصينة خالية من الأخطاء، والتراكيب المفسدة للذوق، مع جمال الأسلوب ورونقه، المتأتي من صميم شخصيته المهذبة، ومن مكتسباته البيئية والثقافية، إضافة إلى عوامل وأدوات أخرى تتعاضد جميعها لولادة نصّ رائع.
تعليق