تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
التودّد، ماذا يعني؟
التودّد يعني: طلب المودة ـ أيّ أن تطلب محبة الناس ـ أن تسعى لأن يحبك الناس.
بعض الناس ليس لديهم هذا التوجه، الراويات والنصوص تطلب من الإنسان المؤمن أن يسعى لكسب قلوب الناس ومحبتهم.
أن بعض هذه المفاهيم الأخلاقية السلوكية تكاد تكون مغيبة في وعينا وأفكارنا وواقعنا وكل همه نفسه .
نحن نعرف فضل الصلاة والزيارة والصيام والحج، وفضل كثير من العبادات والمستحبات، لكن هناك من المفاهيم والسلوكيات ما ترتبط بالتعامل مع الناس، والتركيز عليها قليل، وهذا يجعل الإنسان المؤمن مهتمًا ببعض العبادات الطقوسية، لكنه غير مهتم بالمعاملة مع الناس وحسن العلاقة معهم، هذا إيمان مبتور «إيمان ببعض الكتاب» ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾[سورة البقرة، الآية:85].
لنلقِ نظرة على بعض النصوص، ورد في الحديث عن رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم «رأس العقل ـ بعد الإيمان ـ التودّد إلى الناس»[1] ، لاشيء أهم بعد الإيمان باللّه سبحانه من أن تسعى لكسب محبة الناس، يقول عليه السلام: «رأس العقل» ـ يعني أفضل العقل ـ يتحقق في أمرين: الإيمان باللّه والتودّد إلى الناس. هذا الموضوع في رأس القائمة والأولويات، بأن تتصرف بشكل يحبك ويودّك الناس، وفي حديث آخر عنه : «رأس العقل بعد الإيمان باللّه التحبب إلى الناس»[2] هنا دعوة إلى التحبب إلى الناس كافة ـ لم يقل إلى المؤمنين أو المسلمين أو الأقرباء ـ إنما الناس بشكل عام، وعنه : «التودّد نصف العقل»[3] أيّ إن الإنسان يسعى لكسب محبة الناس، هذا 50 % من استخدام العقل، وبمعنى آخر إن من لا يسعى لمحبة الناس نصف رأس مال عقله مجمّد. وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام : «أول العقل التودّد»[4] .
جاء عن رسول اللّه : «التودّد نصف الدين»[5] ليس فقط نصف العقل بل نصف الدين، ولكن ما معنى نصف الدين؟ الدين له هدفان: حسن العلاقة مع الخالق وهذا هو الهدف الأول، أما الهدف الثاني:حسن العلاقة مع المخلوقين.
نصف الدين أن تتعامل مع اللّه بشكل سليم: عبادة اللّه والخضوع له.
أما النصف الثاني: المعاملة الطيبة مع الناس، والمعاملة الطيبة مع الناس جزء من العبادة للّه، فالرسول صلى الله عليه واله وسلم يقول:«التودّد نصف الدين».
المودة تخلق وشيجة مع الآخرين تشبه الرحم والقرابة.
ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «المودة قرابة مستفادة»[6] . أيّ كلما كسبت مودة أحد اكتسبت أقرباء جدد، وعنه : «المودة إحدى القرابتين»[7] ، القرابة إما عبر الرحم أو عبر المودة والمحبة، بل هناك نصوص تشير أن المودة موقعيتها أكثر من الرحم، عن أمير المؤمنين عليه السلام : «المودة أقرب نسب»[8] ، وفي رواية أخرى «المودة أقرب رحم»[9] ، وفي رواية ثالثة «المودة أقرب الأنساب»[10] ، بل هناك روايات تقارن بين القرابة الرحمية وقرابة المودة: عن رسول اللّه صلى الله عليه.و: «القريب من قربته المودة وإن بعد نسبه، والبعيد من باعدته المودة وأن قرب نسبه»[11] ، قريبك ولكن لا تربطكما محبة، لا تحبه ولا يحبك،. وآخر بعيد ـ ليس بينكما صلة قرابة ـ ولكن بين الطرفين مودة هذا هو أقرب الأقرباء، وفي كلمة جميلة لأمير المؤمنين علي عليه السلام: «كل قرابة تحتاج إلى مودة»[12] ، كونه قريبك: أخوك أو ابن عمك أو ابن خالك، هذا لا يكفي ما لم تكن هناك ألفة ومحبة، وفي كلمة أخرى تحتاج القرابة إلى مودة، ولا تحتاج المودة إلى قرابة، كلمة رائعة، وعنه عليه السلام: «ربَّ أخ لم تلده أمك»[13] ..
ونختم برواية عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: «أنفع الكنوز محبة القلوب»[14]
يا لها من عبارة رائعة، أنفع الكنوز ـ لا المال لا الثروة لاشيء آخر ـ محبة القلوب هو أهم رصيد، ولذلك يبذل الإنسان ماله وجاهه وجهده من أجل أن ينال المحبة والمودة من الآخرين.
***
[1] وسائل الشيعة. ج16، ص295.
[2] بحار الأنوار. ج1، ص131.
[3] من لا يحضره الفقيه. ج4 ص416، حديث5904.
[4] غرر الحكم ودرر الكلم.
[5] بحار الأنوار. ج71، ص392.
[6] من لا يحضره الفقيه. ج4 ص389.
[7] غرر الحكم ودرر الكلم.
[8] غرر الحكم ودرر الكلم.
[9] المصدر نفسه.
[10] بحار الأنوار. ج74، ص419.
[11] الكافي. ج2 ص643.
[12] بحار الأنوار. ج75، ص7.
[13] غرر الحكم ودرر الكلم.
[14] المصدر نفسه.
اللهم صل على محمد وآل محمد
التودّد، ماذا يعني؟
التودّد يعني: طلب المودة ـ أيّ أن تطلب محبة الناس ـ أن تسعى لأن يحبك الناس.
بعض الناس ليس لديهم هذا التوجه، الراويات والنصوص تطلب من الإنسان المؤمن أن يسعى لكسب قلوب الناس ومحبتهم.
أن بعض هذه المفاهيم الأخلاقية السلوكية تكاد تكون مغيبة في وعينا وأفكارنا وواقعنا وكل همه نفسه .
نحن نعرف فضل الصلاة والزيارة والصيام والحج، وفضل كثير من العبادات والمستحبات، لكن هناك من المفاهيم والسلوكيات ما ترتبط بالتعامل مع الناس، والتركيز عليها قليل، وهذا يجعل الإنسان المؤمن مهتمًا ببعض العبادات الطقوسية، لكنه غير مهتم بالمعاملة مع الناس وحسن العلاقة معهم، هذا إيمان مبتور «إيمان ببعض الكتاب» ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾[سورة البقرة، الآية:85].
لنلقِ نظرة على بعض النصوص، ورد في الحديث عن رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم «رأس العقل ـ بعد الإيمان ـ التودّد إلى الناس»[1] ، لاشيء أهم بعد الإيمان باللّه سبحانه من أن تسعى لكسب محبة الناس، يقول عليه السلام: «رأس العقل» ـ يعني أفضل العقل ـ يتحقق في أمرين: الإيمان باللّه والتودّد إلى الناس. هذا الموضوع في رأس القائمة والأولويات، بأن تتصرف بشكل يحبك ويودّك الناس، وفي حديث آخر عنه : «رأس العقل بعد الإيمان باللّه التحبب إلى الناس»[2] هنا دعوة إلى التحبب إلى الناس كافة ـ لم يقل إلى المؤمنين أو المسلمين أو الأقرباء ـ إنما الناس بشكل عام، وعنه : «التودّد نصف العقل»[3] أيّ إن الإنسان يسعى لكسب محبة الناس، هذا 50 % من استخدام العقل، وبمعنى آخر إن من لا يسعى لمحبة الناس نصف رأس مال عقله مجمّد. وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام : «أول العقل التودّد»[4] .
جاء عن رسول اللّه : «التودّد نصف الدين»[5] ليس فقط نصف العقل بل نصف الدين، ولكن ما معنى نصف الدين؟ الدين له هدفان: حسن العلاقة مع الخالق وهذا هو الهدف الأول، أما الهدف الثاني:حسن العلاقة مع المخلوقين.
نصف الدين أن تتعامل مع اللّه بشكل سليم: عبادة اللّه والخضوع له.
أما النصف الثاني: المعاملة الطيبة مع الناس، والمعاملة الطيبة مع الناس جزء من العبادة للّه، فالرسول صلى الله عليه واله وسلم يقول:«التودّد نصف الدين».
المودة تخلق وشيجة مع الآخرين تشبه الرحم والقرابة.
ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «المودة قرابة مستفادة»[6] . أيّ كلما كسبت مودة أحد اكتسبت أقرباء جدد، وعنه : «المودة إحدى القرابتين»[7] ، القرابة إما عبر الرحم أو عبر المودة والمحبة، بل هناك نصوص تشير أن المودة موقعيتها أكثر من الرحم، عن أمير المؤمنين عليه السلام : «المودة أقرب نسب»[8] ، وفي رواية أخرى «المودة أقرب رحم»[9] ، وفي رواية ثالثة «المودة أقرب الأنساب»[10] ، بل هناك روايات تقارن بين القرابة الرحمية وقرابة المودة: عن رسول اللّه صلى الله عليه.و: «القريب من قربته المودة وإن بعد نسبه، والبعيد من باعدته المودة وأن قرب نسبه»[11] ، قريبك ولكن لا تربطكما محبة، لا تحبه ولا يحبك،. وآخر بعيد ـ ليس بينكما صلة قرابة ـ ولكن بين الطرفين مودة هذا هو أقرب الأقرباء، وفي كلمة جميلة لأمير المؤمنين علي عليه السلام: «كل قرابة تحتاج إلى مودة»[12] ، كونه قريبك: أخوك أو ابن عمك أو ابن خالك، هذا لا يكفي ما لم تكن هناك ألفة ومحبة، وفي كلمة أخرى تحتاج القرابة إلى مودة، ولا تحتاج المودة إلى قرابة، كلمة رائعة، وعنه عليه السلام: «ربَّ أخ لم تلده أمك»[13] ..
ونختم برواية عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: «أنفع الكنوز محبة القلوب»[14]
يا لها من عبارة رائعة، أنفع الكنوز ـ لا المال لا الثروة لاشيء آخر ـ محبة القلوب هو أهم رصيد، ولذلك يبذل الإنسان ماله وجاهه وجهده من أجل أن ينال المحبة والمودة من الآخرين.
***
[1] وسائل الشيعة. ج16، ص295.
[2] بحار الأنوار. ج1، ص131.
[3] من لا يحضره الفقيه. ج4 ص416، حديث5904.
[4] غرر الحكم ودرر الكلم.
[5] بحار الأنوار. ج71، ص392.
[6] من لا يحضره الفقيه. ج4 ص389.
[7] غرر الحكم ودرر الكلم.
[8] غرر الحكم ودرر الكلم.
[9] المصدر نفسه.
[10] بحار الأنوار. ج74، ص419.
[11] الكافي. ج2 ص643.
[12] بحار الأنوار. ج75، ص7.
[13] غرر الحكم ودرر الكلم.
[14] المصدر نفسه.
تعليق