منذ صدور العدد الأول لصدى الروضتين، كان اهتمامها جادًّا بدراسة واقعة الطف المباركة، والغوص فيها، وما ترمز له هذه الثورة العملاقة من قيم إنسانية تمثل نهضة الدين، والاهتمام البحثي في تواريخ رموزها ومكانتهم ودورهم الفاعل في تثبيت الخط الرسالي.
الذي يؤلم حقًّا حين نشعر يومًا أننا قد غمطنا حقّ شهيد ضحّى بروحه في سبيل الحسين (عليه السلام)، ولم يحظَ منّا بأي اهتمام يُذكر، ولم يُرمز له الى الآن بقبر أو مزار، كيف تجاوزته تلك التواريخ بهذا الشكل المؤلم؟ وأين كان عنه المؤرخون؟
أسئلة كثيرة تأخذنا الى قلب التاريخ، كانت في سبعينيات القرن المنصرم هناك لائحة معلقة في مرقد الشهيد هاني بن عروة، عبارة عن قصيدة قديمة ذكرت موضوعًا مهمّا، القصيدة تحدثت عن ثلاثة شهداء تعرضوا للذبح والسحل في الكوفة: الشهيد مسلم بن عقيل، والشهيد الثاني هاني بن عروة، والثالث شهيد دونت اسمه، لكن التاريخ لم يقف عنده طويلًا، إذ تذكر الرواية: جاءت زوجة هاني بن عروة معها بعض قريباتها لدفن مسلم وهاني، فوجدن شهيدًا آخر تعرض للسحل من قبل جند ابن زياد، اسم هذا الشهيد هو حنظلة بن مرة الهمداني، رجل اعرابي من أهل واقصة، كان راكبًا على مطية راجعًا من بستانه الى بيته، ورأى رجلًا يُسحل بالحبل، فسأل: ويلكم يا أهل الكوفة، ما فعل هذا الرجل الذي تفعلون به هذه الفعال؟ قالوا: هو خارجي خرج على الأمير يزيد بن معاوية، سألهم: يا قوم بالله عليكم ما يقال له، وما اسمه، ومن أي الأعمام هو؟
قالوا له: هذا مسلم بن عقيل ابن عم الحسين (عليه السلام)! صاح بهم: ويلكم، إذا علمتم أنه ابن عم الحسين فلِمَ قتلتموه وسحلتموه على وجهه؟، ثم نزل عن مطيته ووضع يده على سيفه وسلّه من غمده وحمل عليهم، وهو يقول: لا خير في الحياة بعدك يا سيدي، ولم يزل يقاتلهم حتى قتل منهم أربعة عشر رجلًا، تكاثروا عليه حتى قتلوه، وربطوا برجليه حبلًا وسحلوه على وجهه حتى رمي على كناسة الكوفة، بجانب مسلم بن عقيل.
هذه النبذة القصيرة هي كل ما موجود عن هذا الشهيد، وقد ذكرته مصادر كثيرة نذكرها، ونحن نطمح بالبحث الجاد عن ضريح يليق بمقام هذا الشهيد البطل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
أولًا- موسوعة الامام الحسين عليه السلام، ج1، ص78 لمجموعة من المؤلفين.
ثانيًا- السمعاني، عبد الكريم بن محمد، الأنساب، تحقيق: عبد الرحمن بن عيسى العلمي اليماني، مجلس دائرة المعارف العثمانية، ط1، 1962م.
ثالثًا- أضواء على مدينة الحسين عليه السلام (قسم الحركة السياسية) مبحث الشهداء، الجزء الأول، محمد صادق الكرباسي.
رابعًا- وفود الإصلاح الحسيني، حنظلة بن مرة الهمداني، حسين نوح، المشامع، صحيفة جهينة الإخبارية.
خامسًا- شبكة رافد للتنمية والثقافة، محاضرات الشيخ عبد الحميد الاحسائي.