اليأسُ يطرق بابي، والحزن سرمدي البقاء، حيث وجد مكانًا بين طيّات قلبي، أما السعادة فقد غادرتني، حياة لا غاية فيها ولا هدف!
نظرت الى نفسها في المرآة، شاهدت عيونها التي باتت كعيون قبطان عجوز غرقت سفينته، ويداها التي باتت خشنة من ضغط العمل، بشرتها صفراء شفاهها ذابلة، باتت كلوحة رسام يائسة قد غطّاها غبار الزمن، شعرها الذي كان مميزًا بسواده الداكن، قد بدأت الشعيرات البيضاء ترسم لوحاتها فيه، كلّ شيء من حولها بات كفلم قديم لا يلوّنه شيء سوى الأبيض والأسود، هذا هو عالمها.
لكن ما إن تخرج من غرفتها حتى ترى عالمًا آخر، عالمًا تعيش فيه أخواتها الأربعة حيث يعملن، ويضحكن، ويخرجن، أما هي فليس لديها عمل سوى الجلوس في البيت، وإشغال نفسها بأعماله حتى دراستها تركتها، قد دخل اليأس حياتها منذ ذلك اليوم الذي توفي فيه والدها، رغم مرور سنوات على هذه الذكرى، إلا أنها مازالت تعيش في سجن الحزن والبكاء!
«ما أقسى أن تشعر أنك ميت وأنت حيّ؟
ما أقسى أن تعدّ ثواني ودقائق حياتك من أجل أن تموت؟
ما أقسى شعور اليأس؟
ما أقسى أن يكون وجودك وعدمه واحدًا؟
ما أقسى أن تحيا وأنت ميت في الحياة؟»
تلك الكلمات التي أيقظتها من سبات نومها الذي طال لسنوات، إنها كلمات ابن عمها الذي دعاها مع أخواتها لحضور دورته في التنمية وبناء الذات، لم تكن تريد الذهاب، لكن بعد كثرة الإلحاح استسلمت لهنّ، كانت تودّ أن تنتهي المحاضرة، لكن انجذبت لباقي تلك الكلمات:
«النجاح هو السعادة، والسعادة هي النجاح، وكلا المفهومين لا يعنيان أنك تكون ناجحًا أو سعيدًا، إذا لم تواجه مشكلة في حياتك، او تعرقلك أزمة، فكلنا لا نعيش حياة زهرية، لكن هناك من لوّن حياته بالسواد، وهناك من جعل حياته مزهرة وجميلة .
أنت سعيد وناجح طالما تعرف كيف تدير حياتك، وتواجه مشكلاتك.
الناجح هو من استطاع أن يحلّ أزماته دون أن يسبّب او يضاعف تلك الأزمات. أما الفاشل، فهو من فشل في حلّ أزمة ما، فقام بعمل عشرات الأزمات منها!
الفشل يسبب اليأس، واليأس يسبب الفشل، فعليك أن تحطم اليأس في داخلك، وتكسر الفشل. عليك أن تنهض وتتجه نحو هدفك، وإن لم يكن لديك هدف اصنع أنت هذا الهدف!
لا تجلس يائسًا، ولا ترحل من هذه الدنيا يائسًا، بل كن ناجحًا، وارحل ناجحًا.
ارمِ الماضي خلفك، واكتبْ أولى صفحات نجاحك، وقررْ أن تكون ناجحًا».
بعد تلك المحاضرة، بدأت آثار التغيّر تظهر عليها، كانت أولى خطواتها هي المطالعة، بدأت بإحضار كتب ومجلات، بدأت بتصفّح الإنترنت، بدأت وبدأت، وقررت أن تكون ناجحة، ويوم بعد آخر، وشهر بعد شهر، بدأ الجميع يلاحظ عليها التغيّر، تلك التي كانت انطوائية ولا تتحدث أو لا تخرج، أصبحت الآن من أكثر الناس مرحًا، حتى مظهرها بدأت بتغييره، بدأت وقررت أن تسلك طريق النجاح، قررت أن تعلّم الناسَ السعادة والنجاح، وقد أدركت ذلك، فها هي اليوم تُكرّمُ كأفضل مدرية تنمية بشرية،
لتقف بثبات وتقول :
أنت من تصنع نجاحك وسعادتك، لا تنتظر أن تطرق السعادة بابك، بل أنت من عليك أن يطرق بابها، كن سعيدًا وناجحًا، فأنت قادر على أن تكون ناجحًا.
استغل كل لحظات عمرك، استثمر كلّ دقائق حياتك.
لا تستسلم ليأسك أبدًا، فكم من شيخ عاش شابًّا بعمر العشرين، وكم من شابّ عاش الثمانين بعمر العشرين!
عشْ حياتك واستمتع بلحظاتك، ولا تعش الشباب بالشيخوخة، فسيأتي ذلك اليوم الذي تتحسر فيه على لحظات عمرك التي تفرطت منك كعقد اللؤلؤ، ولا تنسَ أنها لن تأتي مجددًا، وعند ذلك اليوم، ستجلس متأسفًا تنشد الشعر قائلًا :
ليت الشباب يعود يومًا ... فأخبره بما فعل المشيبُ