ذو الجلال والإكرام
ذو العظمة والكبرياء؛ وجلالُ الله عظمتُه، والجلل الأمر العظيم، والجلال مصدر الجليل، ولا يقال (الجلال) إلا لله عزَّ وجَلَّ، والإكرام مصدرُ أكرم؛ ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ ) [الإسراء: 70] .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
- الله – تعالى - مُستحقٌّ أن يُجَلَّ ويُعَظَّمَ ويُكْرَمَ؛ فلا يُجحد ولا يُكفر به .
- حَثَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه على الإكثار من الدُّعاء بهذا الاسم : «أَلظُّوا بيَا ذَا الجلال والإكرام»(الترمذي)؛ والإلظاظُ في اللغة الملازَمةُ له والمثابَرةُ عليه والإكثارُ منه؛ حتى يستمدَّ القلبُ (جلالَ الله)، ويُقرَّ في النَّفْس تعظيمَه وهيبتَه؛ فيُكرمه الله ببرِّه ونعمه وفضله دنيا وآخرة .
- وروي أيضًا أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يدعو : «اللهمَّ إنِّي أَسألكَ بأَنَّ لكَ الحمدَ لا إلَهَ إلا أنتَ المنَّانُ بَديعُ السماوات والأرض يَا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم» فقال صلى الله عليه وسلم : «دعا اللهَ باسمه الأعْظم الذي إذا دُعي به أجَابَ وإذا سُئل به أعطى» (الترمذي) .
- وكان صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال : «اللهمَّ أنتَ السلامُ وَمنكَ السَّلامُ تَباركْتَ يَا ذَا الجلالِ وَالإكرامِ» (مسلم) .
- كَرَّمَ الله – تعالى - خَلْقَه وهو يشركهم في جلاله؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : «إنَّ مِنْ إجلال الله إكرامَ ذي الشَّيْبَة المسلم وحامل الْقُرْآن غَيْر الغالي فيه والجافي عنهُ، وإكرام ذي السُّلْطان المقسط»(أبو داود ، حسَّنه الألباني) .
- جلالةُ الله تكسو من يُعَظِّمُها جلالةً ونورًا حتى تجعلَه على منابر من نور يَغْبطه عليها الأنبياء؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : «قَالَ اللهُ عز وجلَّ : المتحابُّونَ في جَلالي لَهُمْ مَنَابرُ مِنْ نُور يَغْبطُهُمُ النَّبيُّون والشُّهَداءُ» (الترمذي) ؛
المتحابُّون في جلالي : أي لأجل إجلالي و تعظيمي؛ وهو حُبٌّ في ذات الله وجهته لا يَشُوبه الرِّياءُ والهَوَى .
مالك الملك
المالك لجميع الممالك، وجميع من فيها مماليك له، وهو المالك لخزائن السماوات والأرض بيده الخيرُ يرزق من يشاء .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
- تَفَرُّدُ اللهُ بالملك يوم القيامة؛ ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) [الفاتحة: 4] وخصَّ يوم الدِّين لأنَّه اليومُ الذي لا يملك فيه أحدٌ شيئًا ممَّا كان في ملكهم في الدنيا ! .
- من رحمة الله بعباده أنَّه هو الملك الوحيد يوم القيامة؛ لأنَّه يحاسب بالعدل ولا يجور؛ ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) [فُصِّلَت: 46] .
الملك
المصرِّفُ لأمور عباده كما يجب؛ جاء على صيغة المبالَغة من ملك.
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
سبحانه كل يوم في شأن، يتصرف في ملكوته كيف يشاء؛ ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) [الرحمن: 29] عَبَّرَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عن تَصَرُّف الله في ملكه في هذه الآية : «مَنْ شَأْنه أن يَغْفر ذَنبًا وَيُفَرِّجَ كربًا وَيرفَعَ قَوْمًا وَيَخفضَ آخرين» (ابن ماجه 207، حسنه الألباني) وقال تعالى : ( يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) [البقرة: 247] .
إذا علم العبدُ ما لله من المُلْك حَقَّ عليه ألَّا يشح به؛ لأنَّ ملكَه لما آتاه اللهُ من نعمة ومال وجاه على طريق الوديعة اسْتُخْلف عليه أيَّامًا قليلة؛ فإن رَدَّها إلى مالكها أحسن رَدٍّ عاد عليه ونال عوضًا منها أرفعَ وأشرفَ مُلْك، وإن نسي أنَّه مُسْتَخْلَفٌ فقط طَغَى وظَنَّ أنَّه المالكُ الحقيقيُّ .
الملك
مُلك الله تعالى وملكوتُه، سلطانُه وعظمتُه وعزَّتُه، والمُلْكُ أَعَمُّ من المالك؛ فالملك صفةٌ لذاته، والمالكُ صفةٌ لفعله .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
من أحكام كَوْنه ملكًا كمالُ الرَّحْمة؛ حيث أثبت لنفسه الملكَ بعدَ أو قبلَ صفة الرَّحْمة؛ ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ "[الفاتحة: 3، 4]، " هو الرحمن الرحيم * هو الله الذي لا إله إلا هو الملك ) [الحشر: 22، 23] وهذه الآياتُ تَدُلُّ على أنَّ المُلكَ لا يَحْسُنُ ولا يَكْمُلُ إلَّا مع الإحسان والرَّحْمة .
إذا كان المُلك المطْلَقُ لله وحدَه فالطَّاعةُ المطلقةُ له وحدَه؛ لأنَّ مَنْ سواه من ملوك الأرض إنَّما هم عبيدٌ له وتحتَ إمْرَته؛ فالله – تعالى - هو ملك الملوك؛ فَحَريٌّ بنا أن نمثل أنفسنا بين يدي الملك الأعظم المطَّلع على السِّرِّ والعلانية .
القدوس
الطاهر المطهر؛ وممَّا طَهَّرَ وقَدَّسَ به بني آدم ما أنزله في كتبه ورسله، وما شَرَّعه من الطَّهارة بالماء الطَّهور، ثم جعل كلَّ شيء يُسَبِّحُ بحمده؛ فهو (السّبّوح القدّوس)، وهو صيغةُ مبالغة من القُدْس؛ وهو الطَّهارةُ .
( وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) [البقرة: 30] نُقَدِّسُ لَكَ : نُطَهِّر أنفسَنا لك، وقيل : نَنْسبك إلى صفاتك الطَّاهرة .
وروحُ القُدُس هو جبريل - عليه السلام - معناه رُوحُ الطَّهارة، وقيل : القُدسُ البركة، والأرضُ المقدَّسةُ هي الأرضُ المبارَكةُ؛ ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) [الإسراء: 1] .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
- اللهُ – سبحانه - هو القُدُّوسُ بكلِّ اعتبار المنَزَّهُ على الإطلاق، وطهارةُ العبد منه وبه .
- وَجَبَ على العبد أن يُقَدِّسَ اللهَ ويُنَزِّهه عن النَّقائص، ثم يُقَدِّسُ نفسَه عن الشَّهوات ومالَه عن الشُّبُهات وقلبَه وجوارحَه عن الغَفَلات؛ فإذا فَعَلَ ذلك اسْتَنَارَ قَلْبُه وظَهَرَ ذلك على ظاهره، وتَعَدَّى لغيره؛ فَيَطْهر بطهارته أهلُه وولدُه .
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكْثر من ذكر هذا الاسم في رُكوعه وسُجوده : «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الملائكة والرُّوح»(مسلم) .
- وكان يُسَبِّحُ به إذا سَلَّمَ في الوتر بقوله : «سُبحان الملك القُدوس»(أبي داود) .
- نفى صلى الله عليه وسلم صفةَ التَّقْديس عن الأُمَّة الظَّالمة : «لا قُدِّسَتْ أُمةٌ لا يَأْخُذُ الضَّعيفُ فيها حَقَّه غَيْرَ مُتَعْتَع» (ابن ماجه) المتعتع : المقلق المنزعج، وقال صلى الله عليه وسلم : «كَيف يُقدِّسُ اللهُ أمةً لا يُؤْخَذُ لضعيفهم من شديدهم»(ابن ماجه) فالظُّلمُ يَنْتَقص من طهارة وبركة الأُمَّة .
كتب أبو الدَّرْداء إلى سلمان الفارسيِّ ليهاجر من العراق إلى الأرض المقدَّسَة؛ وهي الشَّام، فَرَدَّ عليه سَلْمان ببلاغة تُوَضِّحُ مفهومَ القداسة : «إنَّ الأرضَ لا تُقَدِّسُ أحدًا؛ وإنَّما يُقَدِّسُ الإنسانَ عَمَلُه» (موطأ مالك) .
تعليق