بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يبدو أن التحسر في يوم القيامة لا يختص بالمسيئ بل تكون الحسرة عامة فالمحسن أيضاً له نصيب من الحسرة لكن من نوع آخر .
قال الفيض الكاشاني في تفسيره : يوم يتحسّر النّاس المسيء على إساءته و المُحسن على قلّة إحسانه1 .
و كلام الفيض الكاشاني يذكرنا بما رُوِيَ في قصة ذي القرنين2 عندما دخل وادي الظلمات مع قومه و لشدة الظلمات فلم يكن أحد يرى شيئاً بل أحس الناس بأن تحت أقدامهم أحجاراً و صخوراً كبيرة و صغيرة ، فقال لهم ذو القرنين أن من يأخذ شيئاً من هذه الصخور فسوف يندم ، و بطبيعة الحال فقد قرر القوم عدم أخذ شيء من تلك الاحجار لأن عاقبة ذلك هو الندم ، لكن ذو القرنين أضاف قائلاً و من لم يأخذ من هذه الاحجار فسوف يندم أيضاً ، فتحير القوم ، لكن أكثرهم قرر أن لا يأخذ شيئاً لأن طرفي القضية فيها ندم و منطقهم كان في هذا القرار لماذا نحمل احجارا ثقلية ثم نندم ، أما بعضهم قرر أن يأخذ معه بعض النماذج الصغيرة لمعرفة حقيقة هذه الاحجار فقط ، و بالفعل أخذ هؤلاء بعض العينات البسيطة .
ثم قطعوا مسافات و تجاوزوا وادي الظلمات و نسوا ما كانوا فيه ، عندها طلب منهم ذو القرنين أن يأتوا بما أخذوا من ذلك الوادي ، فإذا بهم يرون أن تلك الاحجار إنما هي مجوهرات غالية الثمن ، فعندها كانت الحسرة للجميع ، الذين لم يأخذوا من تلك الاحجار تحسروا على عدم أخذهم شيئاً ، و الذين أخذوا القليل تحسروا على أخذهم القليل ، نعم هذا هو مثال الدنيا و الآخرة .
المصادر
1. تفسير الصافي : 3 / 281 .
2. ذو القرنين كان رجلا صالحا طويت له الاسباب و مكن له في البلاد حتى ملك ما بين المشرق و المغرب ، و قيل كان أول الملوك من الانبياء و كان بعد نوح عليه السلام ، أنظر تفسير العياشي .
تعليق