يقطع صمت حديثنا الذي لا يصل إلى خصر حقيقته، صراخ امرأة
تجري و رائحة الدم تطيب اثارها
نكاية بالظلام ظهر القمر ليضيء لها العتمة، وتسأله
:-إلى اين ترحل هذه المرة وتتركني... الا تياس من الرحيل؟
-يلتفت الشهيد الى صوتها..
-أعود إلى عالمي
في ظل صمت الليل الرهيب يسقط الكفن ارضاً ويجثو الشهيد على ركبتيه
بعض الخيبات لا تغفر
- هذه المرة تسقط الصورة وكانها تعتذرله عن تخليها عنه وتسأل
:ـ لك ان تعود..
-ولكن الشهداء لا يلتفتون عندما تصير الخيبة خنجر
:ـ لا لا -عودي إلى جراحك ا فأنتِ ألان قبري وليس هذا الإطار
الذي يعول أمام ناظري ،هذه المرة لن أكون لكِ صورا أو ذكريات ،سوف احملني واذهب إلى المقبرة واجد حضني الحقيقي ، أجد أمان أناس لا تغدر ولا تخون،
يصبح الأموات أوفى من الأحياء حين يُدفنون الصدق الذي فيهم ، ليبزغ العالم بدجى لا تضيئه ألف شمس
ولا تمحيه ألف دمعة،ولا تتولد في رحمة بهجة أو نور ، تلتوي قدما الشهيد فيحمل كفنه ويضمد جِراح صورته ويمضي
:ـ اشد أنواع الانكسار أن تحفر لشهيدك قبرًا وقد خرج ليعيد لك الحياة
يصبح الليل شاهدا على عبث اللامبالاة ، هكذا هو الحب حتى لو بعد مائة سنة من الموت ولحاف من التراب،
لحقت بطيفه او ربما بروحه ،هرولت انا الاخرى وكاني بلا قدمين
دخلنا إلى المقبرة التي تسكن قريتنا وتتنفس من أمواتنا بعطر عذب
رايت الشهيد يضع كفنه على جانبه الايمن ويبحث عن قبر وليس عن صورة
يحدثني دون ان يلتفت إلي ، :ـ لم أكن اعلم بان الأوطان تخون
-أجيبه ولساني يتعثر بالكلمات
:ـ الأوطان لا تخون ... المحتل من يهيئ لها درب الخيانة حتى يزين لها الوفاء بحلة زليخا حين تزينت ليوسف كي تراوده عن نفسه ، الأوطان نقية طاهرة بطهر روح يوسف
-الأوطان تبكي بلا عيون
يجيبني :ـ وبعض الناس مقابر
تعليق