بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيِمِ
اللّهمَ صلِ على مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَاهرين
السَّلامُ عَلِيكُمُ ورَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتِهِ
اللّهمَ صلِ على مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَاهرين
السَّلامُ عَلِيكُمُ ورَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتِهِ
النَّفسُ الإنسانيَّةُ مَحطةٌ تتواجدُ فِيهَا تَجاذباتٌ إمَّا إنقيادٌ للرَّحمَنِ لِقولِهِ تَعالَى فِي كِتَابِهِ العَزيزِ : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } سُورةُ الحِجْرِ 42، أو ضياع مع الشَّيطان لِقولِهِ تَعالَى فِي كِتَابِهِ العَزيزِ:{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } سورةُ إِبَراهِيم22 ،
والقَلبُ هُو الفَيصلُ فَعِندَمَا يَكونُ مُمتَلِئاً بِحُبِ الرَّحمَنِ عَارفاً بأنَّ الدُّنيَا دَارُ إمتِحَانٍ وفِتنَةٍ وَزوالٍ ، فَلا مَجالَ لِلشَّيطانِ كَي يُغرِقُ هذهِ النَّفس في مَهاوي حُبِّ الدُّنيا والإنزلاقُ نَحوَ الهَاويَةِ { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ *} سُورةُ العَادياتِ الآيات 8-11.
وَهَذا كُلُّهُ يَتَجَسَدُ في أيامِ شَهرِ رَمضان فالصِّيامُ جُّنَةٌ مِنَ النَّارِ عِندَمَا يَكونُ القَلبُ بِكُلِّهِ وَكَلكَلِهِ مُتوجِهاً للهِ تَعالى مُمتَنعاً عَنِ الأكلِ والشُربِ مَعَ إمتناعِ الجوارحِ عَنْ كُلِّ مَاهَو مَعصِيَةٌ وَذَنبٌ مِمَّا يَجعلُ النَّفسَ الإنسانيَّةَ رَّحمانيَّةً مُطيعةً للهِ تَبحثُ عَنْ مَزيدٍ مِنْ مَقاماتِ القُربِ للهِ عَزَّ و جَلَّ ، وَعِندَمَا يَكونُ القَلبُ مَشغولاً بِحُبِ الدُّنيَا وَملوثاً بِالمَعَاصِي والذنوبِ فَلا خيرَ فِيهِ وأثرَ ذَلكَ فِي النَّفسِ أنَّها تَكونُ شَّيطانيَّةً تَبحثُ عَنِ الشَّرِ أيْنَمَا كَانَ وَلَو كَانَ هَذا الإنسانَ صَائماً ،
عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ:( إِنَّ اَلصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ اَلطَّعَامِ وَ اَلشَّرَابِ وَحْدَهُ إِنَّمَا لِلصَّوْمِ شَرْطٌ يَحْتَاجُ أَنْ يُحْفَظَ حَتَّى يَتِمَّ اَلصَّوْمُ وَ هُوَ اَلصَّمْتُ اَلدَّاخِلُ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اَلْيَوْمَ إِنْسِيًّا .......إلى أن قال :
وَ وَهَبْتَ نَفْسَكَ لِلَّهِ فِي أَيَّامِ صَوْمِكَ وَ فَرَّغْتَ قَلْبَكَ لَهُ وَ نَصَبْتَ نَفْسَكَ لَهُ فِيمَا أَمَرَكَ وَ دَعَاكَ إِلَيْهِ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَأَنْتَ صَائِمٌ لِلَّهِ بِحَقِيقَةِ صَوْمِهِ صَانِعٌ لِمَا أَمَرَكَ وَ كُلَّمَا نَقَصْتَ مِنْهَا شَيْئاً مِمَّا بَيَّنْتُ لَكَ فَقَدْ نَقَصَ مِنْ صَوْمِكَ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ: إِنَّ اَلصَّوْمَ لَيْسَ مِنَ اَلطَّعَامِ وَ اَلشَّرَابِ إِنَّمَا جَعَلَ اَللَّهُ ذَلِكَ حِجَاباً مِمَّا سِوَاهَا مِنَ اَلْفَوَاحِشِ مِنَ اَلْفِعْلِ وَ اَلْقَوْلِ يُفَطِّرُ اَلصَّائِمَ مَا أَقَلَّ اَلصُّوَّامَ وَ أَكْثَرَ اَلْجُوَّاعَ). وَسائلُ الشِّیعَةِ ، الجُزءُ العَاشرِ ، الصفحة 166، كِتَابُ اَلصِّيَامِ أَبْوَابُ آدَابِ اَلصَّائِمِ 11 - بَابُ اِسْتِحْبَابِ إِمْسَاكِ سَمْعِ اَلصَّائِمِ وَ بَصَرِهِ وَ شَعْرِهِ وَ بَشَرِهِ وَ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ عَمَّا لاَ يَنْبَغِي مِنَ اَلْمَكْرُوهَاتِ وَ وُجُوبِ تَرْكِهِ لِلْمُحَرَّمَاتِ
وقَالَ الإمامُ جَعفرَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَادق ( عَلِيهِ السَّلامُ ) : ( سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) امْرَأَةً تَسُبُّ جَارِيَةً لَهَا وَ هِيَ صَائِمَةٌ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِطَعَامٍ، فَقَالَ لَهَا : " كُلِي" !
فَقَالَتْ : إِنِّي صَائِمَةٌ !!
فَقَالَ : " كَيْفَ تَكُونِينَ صَائِمَةً وَ قَدْ سَبَبْتِ جَارِيَتَكِ ؟! إِنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ ) الكافي : 4 / 64 ، للشيخِ أبي جعفرٍ مُحَمَّدِ بنَ يعقوبٍ بنَ إسحاقٍ الكُليني ،
وهذا مِنْ أوضحِ مَصادِيقِ الذَّنوبِ ، فَحَاوِلا أخيَ المُسلِمِ وأُختِيَ المُسلِمَةِ أنْ لا تَقعَا في مِثلِ هذهِ المَحاذيرِ في هَذا الشَهرِ الشَريفِ ، وَلَكُمَا الأجرَ والثواب .
تعليق