بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
الذوبان في الله
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد} (البقرة:207). إنه هذا الإنسان الذي باع نفسه لله؛ كان عقله لله، وكان قلبه لله، وكانت كل طاقته لله، منذ أن فتح عينيه في بيت الله وأغلقهما في بيت الله. إنه سرّه، سرّ شخصيته، سرّ إمامته، سرّ جهاده، إنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، الذي نعيش في هذه الأيام ذكرى استشهاده عندما كان في صلاة الفجر في مسجد الكوفة، وضربه الشقي ابن ملجم على رأسه، وكانت كلمته: "بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله، فزت وربّ الكعبة"، لأن عليّاً(ع) كان يفكر في أن يعيش حياته كلّها للإسلام، وأن يموت وهو في خط الإسلام، وهذا ما عبّر عنه لرسول الله(ص) عندما قال له الرسول(ص): "أبكي لما يستحلّ منك في هذا الشهر"، قال(ع): "يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟" فقال(ص): "في سلامةٍ من دينك". وكان هذا همّ علي(ع)؛ أن يقتل وهو على دين الإسلام الحقّ، وهذا ما عبّر عنه ابنه الحسين(ع) عندما قال:
ولست أبالي حين أُقتل مسلماً على أيّ جنب كان في الله مصرعي
فارس الإسلام
إننا عندما نتذكر عليّاً(ع) في شهر رمضان، نتذكر فارس "بدر"، لأنه(ع) كان هو الفارس المميّز القويّ الصلب في هذه المعركة التي حدثت في شهر رمضان، والتي أراد الله تعالى لها أن تمنح الانطباع للعرب آنذاك، بأن هناك قوة أخرى غير قوة قريش، وأنّ عليهم أن لا يخافوا من قريش عندما يريدون الدخول في الإسلام. وكانت معركة "بدر" التي قتل فيها عليّ(ع) نصف القتلى من المشركين، ولم يكن قد تدرّب على القتال في الحروب من قبل، أي أنّه لم يكن محارباً بالمعنى الفني للحرب، ولكن كانت قوته في الحرب نابعة من قوّة إيمانه ومن إخلاصه لله تعالى. ويذكر المؤرخون أن جبرائيل(ع) عندما رأى هذه القوة من عليّ(ع) هتف: "لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا عليّ".
وهكذا، كان عليّ(ع) حاضراً في معركة فتح مكة التي حدثت في مثل هذا الشهر، والتي كان النبي(ص) يخطط لفتحها سلماً، ويعمل على أن لا تراق فيها نقطة دم، وكانت الراية بيد شخص دخل مكة وهو يقول: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة"، وسمعها عليّ(ع) ولم يتفاعل معها، فجاء إلى النبي(ص) الذي أمره بأن يأخذ الراية، وأن يدخل بها مكة وهو يقول: "اليوم يوم المرحمة، اليوم تصان الحرمة". وبذلك نعرف أن عليّاً(ع) كان يقاتل حيث كانت مصلحة الإسلام تقتضي أن يقاتل، وكان يسالم ويصون الحرمات ويرحم الناس عندما تكون مصلحة الإسلام أن يفعل ذلك. وهذا ما استوحاه من رسول الله(ص)، الذي جمع قريشاً التي عطّلت مسيرته وأربكت دعوته، وسألهم بعد أن دخل مكة فاتحاً: "ما ترون أني فاعلٌ بكم؟" قالوا، وهم يعرفون أخلاقه وروحيته: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال(ص): "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
وهكذا كان عليّ(ع) فارس الإسلام، ومعلّم الإسلام، وهو الذي قال عنه رسول الله(ص): "أنا مدينة العلم وعليّ بابها"، وكان(ع) يقول: "علّمني رسول الله ألف باب من العلم، يُفتح لي من كل باب ألف باب". وكان(ع) إمام الحق، وقد ورد عن رسول الله(ص) قوله: "عليّ مع الحق والحق مع عليّ، يدور معه حيثما دار". ويصف(ع) معاناته من أجل الحق فيقول: "ما ترك لي الحق من صديق"، لأن الأصدقاء كانوا يريدونه لأنفسهم وكان يريدهم لله. وكان(ع) مع الإسلام حتى بعد وفاة النبي(ص)، وعلى الرغم من إبعاده عن حقه الشرعي في الخلافة التي عقدها رسول الله(ص) له يوم الغدير، والتي عبّر عنها(ص) بقوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي"، وهو القائل: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليَّ خاصة". فعليٌّ(ع) لم يُرِدْ للإسلام أن يُظلم، ولم يُرِدْ للمسلمين أن يضعفوا، حتى لو كان ذلك على حساب ظلامته هو.
السير على نهجه وخطاه
إننا عندما نقف أمام ذكرى عليّ(ع)، فإن علينا أن نتعلّم منه كيف نكون مع الحق، وكيف نكون مع الصدق، وكيف ندافع عن الإسلام، وكيف نحافظ على وحدة الإسلام والمسلمين، ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي وقف فيها العالم المستكبر والكافر من أجل إسقاط قوة الإسلام والمسلمين.
سنبقى مع عليّ، نبقى مع بطولته، مع جهاده، نبقى مع إخلاصه للإسلام، نبقى مع علمه وزهده وروحانيته، لأننا عندما نكون مع عليّ، فإننا نكون مع رسول الله، ونكون في خط الله، لأن عليّاً كان يحبّ الله ورسوله، وكان يحبُّه الله ورسوله. علينا أن نعيش مع ولايته، هذه الولاية الخالصة المخلصة التي تعبّر عن نفسها بالسير على خط عليّ(ع) ونهجه وكل تعاليمه. وسلام عليه يوم وُلد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
الذوبان في الله
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد} (البقرة:207). إنه هذا الإنسان الذي باع نفسه لله؛ كان عقله لله، وكان قلبه لله، وكانت كل طاقته لله، منذ أن فتح عينيه في بيت الله وأغلقهما في بيت الله. إنه سرّه، سرّ شخصيته، سرّ إمامته، سرّ جهاده، إنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، الذي نعيش في هذه الأيام ذكرى استشهاده عندما كان في صلاة الفجر في مسجد الكوفة، وضربه الشقي ابن ملجم على رأسه، وكانت كلمته: "بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله، فزت وربّ الكعبة"، لأن عليّاً(ع) كان يفكر في أن يعيش حياته كلّها للإسلام، وأن يموت وهو في خط الإسلام، وهذا ما عبّر عنه لرسول الله(ص) عندما قال له الرسول(ص): "أبكي لما يستحلّ منك في هذا الشهر"، قال(ع): "يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟" فقال(ص): "في سلامةٍ من دينك". وكان هذا همّ علي(ع)؛ أن يقتل وهو على دين الإسلام الحقّ، وهذا ما عبّر عنه ابنه الحسين(ع) عندما قال:
ولست أبالي حين أُقتل مسلماً على أيّ جنب كان في الله مصرعي
فارس الإسلام
إننا عندما نتذكر عليّاً(ع) في شهر رمضان، نتذكر فارس "بدر"، لأنه(ع) كان هو الفارس المميّز القويّ الصلب في هذه المعركة التي حدثت في شهر رمضان، والتي أراد الله تعالى لها أن تمنح الانطباع للعرب آنذاك، بأن هناك قوة أخرى غير قوة قريش، وأنّ عليهم أن لا يخافوا من قريش عندما يريدون الدخول في الإسلام. وكانت معركة "بدر" التي قتل فيها عليّ(ع) نصف القتلى من المشركين، ولم يكن قد تدرّب على القتال في الحروب من قبل، أي أنّه لم يكن محارباً بالمعنى الفني للحرب، ولكن كانت قوته في الحرب نابعة من قوّة إيمانه ومن إخلاصه لله تعالى. ويذكر المؤرخون أن جبرائيل(ع) عندما رأى هذه القوة من عليّ(ع) هتف: "لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا عليّ".
وهكذا، كان عليّ(ع) حاضراً في معركة فتح مكة التي حدثت في مثل هذا الشهر، والتي كان النبي(ص) يخطط لفتحها سلماً، ويعمل على أن لا تراق فيها نقطة دم، وكانت الراية بيد شخص دخل مكة وهو يقول: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة"، وسمعها عليّ(ع) ولم يتفاعل معها، فجاء إلى النبي(ص) الذي أمره بأن يأخذ الراية، وأن يدخل بها مكة وهو يقول: "اليوم يوم المرحمة، اليوم تصان الحرمة". وبذلك نعرف أن عليّاً(ع) كان يقاتل حيث كانت مصلحة الإسلام تقتضي أن يقاتل، وكان يسالم ويصون الحرمات ويرحم الناس عندما تكون مصلحة الإسلام أن يفعل ذلك. وهذا ما استوحاه من رسول الله(ص)، الذي جمع قريشاً التي عطّلت مسيرته وأربكت دعوته، وسألهم بعد أن دخل مكة فاتحاً: "ما ترون أني فاعلٌ بكم؟" قالوا، وهم يعرفون أخلاقه وروحيته: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال(ص): "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
وهكذا كان عليّ(ع) فارس الإسلام، ومعلّم الإسلام، وهو الذي قال عنه رسول الله(ص): "أنا مدينة العلم وعليّ بابها"، وكان(ع) يقول: "علّمني رسول الله ألف باب من العلم، يُفتح لي من كل باب ألف باب". وكان(ع) إمام الحق، وقد ورد عن رسول الله(ص) قوله: "عليّ مع الحق والحق مع عليّ، يدور معه حيثما دار". ويصف(ع) معاناته من أجل الحق فيقول: "ما ترك لي الحق من صديق"، لأن الأصدقاء كانوا يريدونه لأنفسهم وكان يريدهم لله. وكان(ع) مع الإسلام حتى بعد وفاة النبي(ص)، وعلى الرغم من إبعاده عن حقه الشرعي في الخلافة التي عقدها رسول الله(ص) له يوم الغدير، والتي عبّر عنها(ص) بقوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي"، وهو القائل: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليَّ خاصة". فعليٌّ(ع) لم يُرِدْ للإسلام أن يُظلم، ولم يُرِدْ للمسلمين أن يضعفوا، حتى لو كان ذلك على حساب ظلامته هو.
السير على نهجه وخطاه
إننا عندما نقف أمام ذكرى عليّ(ع)، فإن علينا أن نتعلّم منه كيف نكون مع الحق، وكيف نكون مع الصدق، وكيف ندافع عن الإسلام، وكيف نحافظ على وحدة الإسلام والمسلمين، ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي وقف فيها العالم المستكبر والكافر من أجل إسقاط قوة الإسلام والمسلمين.
سنبقى مع عليّ، نبقى مع بطولته، مع جهاده، نبقى مع إخلاصه للإسلام، نبقى مع علمه وزهده وروحانيته، لأننا عندما نكون مع عليّ، فإننا نكون مع رسول الله، ونكون في خط الله، لأن عليّاً كان يحبّ الله ورسوله، وكان يحبُّه الله ورسوله. علينا أن نعيش مع ولايته، هذه الولاية الخالصة المخلصة التي تعبّر عن نفسها بالسير على خط عليّ(ع) ونهجه وكل تعاليمه. وسلام عليه يوم وُلد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً
تعليق