بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
بِقرينةِ المُقَابَلَةِ بَينَ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَزِينَةِ الحَيَاةِ الآخِرةِ مِنْ خِلالِ سُورَةِ الكَهفِ ، وَهيَ الّتي فِيها مَعَاني عَظيمةٌ وإشاراتٌ ربَّانيَّةٌ الَى أَهَميَتَهَا ، نَجِدُ أنَّ المُفسِّرينَ قَدْ أَدْلوا بِدَلوِهِم بِخُصِوصِها وَتَأمَلوا كَثيراً في مُرَاجَعَتِهَا والبَحثُ عَنْ أسْرَارِهَا ، وَمِنْ جُملَتِهِم :-
وَبِمَا أنَّ قِسْماً مُهِمَاً مِنْ هَذهِ السُّورةِ يَتَعرضُ إلى قِصةِ تَحرُكِ مجموعةٌ مِنَ الفِتيَةِ ضِدَّ طَّاغوتِ عَصرِهِم، وَدَجَّالِ زَمانِهِم، هذا التَحرُكُ الّذي عَرَّضَ حَياتَهُم ووَجُودُهُم لِلخطرِ وللِموتِ لَولَا عِنايَةُ البَارئ بِهُم وَرِعَايَتِهِ لَهُم ، لِذا فإنَّ الالتفاتَ إلى هذهِ الحَقيقةِ يُنيرُ القَلبَ بِنورِ الإيمانِ، وَيَحفَظَهُ مِنَ الذنوبِ وإغواءاتِ الدَّجَالينَ، وَيَعصِمَهُ مِنَ الذَوبانِ في المُحيطِ الفَاسدِ إنَّ مّمَا يُساعدُ عَلَى تَكميلِ هذا الأثرِ النُّفوسُ والقُلوبُ هو مَا تُثِيرُهُ السُورةُ مِنْ أوصافِ الآخرةِ ويومَ الحسابِ، والمُستقبلُ المشؤومُ الّذي يَنتظرُ المُستكبرينَ، وَضرورةُ الالتفاتِ إلَى عِلمِ الخَالقِ المُطلقِ وإحَاطَتِهِ بِكُلِّ شيءٍ ، إنَّ كُلَّ ذَلكَ مّمَا يَحفظُ الإنسانَ مِنْ فِتَنِ الشَّيطانِ، وَيجعلُ نَورَ الإيمانِ يَشُعُ فِيِه، وَيَغرسُ العصمةَ في قَلبِه، وتكونُ عاقبتَهُ مَعَ الشُّهداءِ والصَادقينَ . الأمثلُ في تَفسيرِ كِتابِ اللهِ المُنزلِ - الشيخُ ناصرُ مَكارمِ الشِّيرازي - ج ٩ - الصفحة ١٨٩.
فَهذهِ المُقَابَلَةُ الّتي لَمسنَاها مِنْ خلالِ سُورةِ الكَهفِ وأيضاً الرَّواياتُ الشريفةِ ومنها :-
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)أَنَّهُ قَالَ: (إِنْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ: اَلْمٰالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا فَإِنَّ الثَّمَانِيَةَ رَكَعَاتٍ يُصَلِّيهَا الْعَبْدُ آخِرَ اللَّيْلِ زِينَةُ الْآخِرَةِ ) تَهذيبُ الأحكامِ - الشَّيخُ الطَّوسيِّ - ج ٢ - الصفحة ١٢٠، ح 223. فَلمَّا تَكونُ زينةُ الحياةِ الدُّنيَا هُما المالُ والبنونَ تكونُ صلاةُ اللّيلِ هَي زينةُ الآخرةِ ، ولِهذا السبّبُ نَجِدُ النَّبِيَّ يُوصي بِها وَصِّيَهُ وَوزيرَهُ وأبنَ عَمِهِ وَصِهرَهُ ووليَّ المؤمنينَ مِنْ بَعدِهِ فقالَ لهُ :-
قالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم) فِي وَصِيَّتِهِ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( يَا عَلِيُّ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ ، وَعَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ ، وَعَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ ) مَنْ لا يَحضرُهُ الفَقيهُ، الشيخُ الصَدُّوقُ، ج 1، ص 484
وقَدْ ذُكرَ في تَفسيرِ البَاقياتِ الصالحاتِ أنَّها أعمالُ الخيرِ الّتي يُثابُ علَيها الإنسان.. وأنَّها كُلُّ عَملٍ يتأملُ الإنسانُ بِهِ النَّجاةَ مِنَ الحِساب.. وَيَردّه إلَى ربِّهِ مُطمئناً الَى الثَواب.. ويؤيدُ هَذا المَعنى العَامُ الظَّاهرُ مَا رُويَ عَنْ النَّبيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم) مِنْ قَولِهِ لإبنِ مَسعود: ( وَعليكَ بِذكرِ اللهِ والعملِ الصالحِ فإنَّ اللهَ تَعالى يَقولُ والباقياتُ الصالحاتُ خيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَواباً وخيرٌ أملاً ) مكارم الأخلاق ص457 ،
عن أبي عبد الله (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)( أنَّ قَولَهُ تَعالَى {والْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} هي القيامُ آخرَ اللّيلِ لِصلاةِ اللّيلِ والدُّعاءُ في الأسْحَارِ) فقهُ القرآنِ للراوندي ج1 ص129، قالَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُخاطباً حَبيبَهُ المُصطَفى (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم) : ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴾ سُورةُ الإسراءِ، الآية : 79 ، وقالَ عَزَّ مِنْ قَائلٍ مُمتدحَاً القائمينَ آناءَ الّليلِ لعبادةِ اللهِ جَلَّ جَلالُه : ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ سُورةُ السَّجدةِ ، الآية : 16 و 17
وعَليِهِ هذا العملُ الصالحُ مِنْ أفضلِ الأعمالِ وأكَدت المَرجعيَّةُ الدينيَّةُ علَى مرِّ التَاريخِ بإستحبابِهِ المُؤكدِ ، والمُداومَةِ علَيِهِ تَكسبُ النَّفسَ الإنسانيَّةِ صَفاءاً إيمانياً وطهارةً قلبيَّةً يؤهلانَكَ كي تكونَ مِنَ الفائزينَ والناجينَ ، بالإضافةِ الَى نتائجٍ وآثارٍ جليلةٍ في الدُّنيا رُوِيَ عن الإمامِ جَعفرِ بنَ مُحَمَّدٍ الصَادق (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أنهُ قَالَ : ( صَلَاةُ اللَّيْلِ تُبَيِّضُ الْوَجْهَ ، وَ صَلَاةُ اللَّيْلِ تُطَيِّبُ الرِّيحَ ، وَ صَلَاةُ اللَّيْلِ تَجْلِبُ الرِّزْقَ ) التهذيب : 2 / 120، وفي القبرِ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) : ( قُمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ اجْعَلْ قَبْرَكَ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ) مُستدركُ وسائلِ الشيعةِ : 6 / 331 ، والآخرة فَعنِ الإمامِ العسكريِّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(إنَّ الوُصولَ إلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ سَفَرٌ لا يُدرَكُ إلّا بِامتِطاءِ اللَّيلِ ) بحار الأنوار ج75 ص380 ح1 أعيان الشيعة ج2 ص43 س 29، إنتهى . وآخرُ دَعوانا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .
تعليق