علي حسين الخباز
كل قراءة فكرية تاريخية هدفها وضع إطار فكري نظري لتوثيق مسارات الحدث وفق رؤى جديدة والدراسة التحليلية مسعى فكري لاستخلاص العبر ،لكون الثورة الدستورية الإيرانية تعد حدثا تاريخيا ، دور الفكر في هذه الثورة كان عبر امتلاك الوعي الذي قوض البنى الفكرية السائدة ، ونجاح الوعي الفكري بإعادة الثقة الجماهيرية ، العلماء أكدوا عدم وجود شيء يتقاطع مع مبادىء الدين الإسلامي الحنيف ، ودعمتها النجف ، سرد الإحداث من أجل توضيح المسار التاريخي لتحديد العلاقة بين الإحداث التاريخية ومقومات وجودها ومضامين التصورات المترسخة والرؤى المستحدثة لقراءة التأريخ بعدما تضافرت عوامل داخلية ، وأخرى خارجية في حدوث الثورة الدستورية الايرانية ، والدراسة التحليلية دائبة البحث عن الاسباب المؤدية الى الثورة وقيم استنهاض الجماهير فكريا السبب المباشر لتضافرها وتبني طابع داخلي وطابع خارجي خبير بلجيكي يدعى ناوس أستخدم للإشراف على إدارة الجمارك في عهد مظفر الدين شاه ،هذا الرجل كان يرتدي ملابس رجال الدين ويزور الجوامع ويحضر بعض المناسبات الدينية اعتبروه إساءة للمشاعر الدينية ـ واعتبروا الغرضية في نشر صور عن تلك الزيارات
السبب الثاني .. نفر من أهل البازار خالف بعض الأوامر الحكومية فأمرت الحكومة بشد أقدامهم وجلدهم بالسياط انتقلت الأخبار فأغلقت المخازن والمحلات وسار التجار وقادة النقابات وطلاب المعاهد الدينية والعلماء إلى حرم الشاه عبد العظيم ، مطالبين باستبدال حاكم طهران ( عين الدولة ) وطرد الخبير البلجيكي ، تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتأسيس مجلس العدالة استمر الإضراب شهرا كاملا فوافق الشاه على كل هذه المطالب ، هذه ثورة الوعي التي تكون تحت تأثير واقع لكن المطالبات تستثمر إزاحة أسباب ذلك الواقع ، نجد أن في ايران تحديدا جاءت الثورة تعبيرا عن تجربة الواقع وتطوراته والتجربة الشائبة هي تجربة فكرية قادها علماء الدين ، وتبلورت التجربتين ، عبر المطالب التي من ضمنها تطبيق أحكام الشريعة وتأسيس مجلس العدالة ـ أستمرت الأحزاب شهرا كاملا وافق الشاه على كل هذه المطالب ، وفي محرم عام 1906 م ثار الشعب ثانية لفشل الشاه ع في عقد مجلس العدالة ، بإستثمار العزاء الحسيني ، وزعت المنشورات م1906 أصيب الشاه بالشلل أنتهز عين الدولة ،أصدر أوامر القبض على السيد محمد الطباطبائي ، جاء الجنود للقبض على هذا المجتهد الكبير تجمع الناس لتخليصه من أيديهم فوقع الصدام بين الجنود والأهالي ، ثم وقع صدام آخر سقط فيه خمسة عشر قتيلا ، فتوتر الوضع في طهران ، تولدت من هذه الإحداث تحولات سريعة على مستوى الفكر شكلت بدورها أرضية فكرية وثقافية تبلور مفهوم الثورة ، أعلن الإضراب العام فاعلق التجار دكاكينهم ، بعث فيها السيد محمد الطباطبائي من قم رسالة الى الشاه ( إصلاح جميع أمور المملكة والبدأ بتاسيس المجلس ووحدة الشعب ودولة بالعلماء ) استجاب الشاه لإرادة الشعب فعزل ( عين الدولة) أصدر أوامره بإجراء انتخابات المجلس النيابي ( المجلس الثوري الملي ) تمت صياغة الدستور ثم مات الشاه كانت عبارة عن ترجمة حرفية للدستور البلجيكي ، حرصت على ان يكون موافقا للشريعة الاسلامية لايخالفها في شيء ، أحداث كثيرة انتهت بالضربة القاصمة على يد رئيس القبائل البختارية في منطقة أصفهان ( سردار أسعد ) فتوجه بقواته نحو طهران في تموز ، التجأ الشاه 1909م إلى المفوضية الروسية وأعلن الثوار عزله عن الملك رسميا وتنصيب ولده أحمد مررا وهو أبن الثانية عشرة وأقيم عليه وصي كبير من أسرة آل قاجار ( عضد الدولة وأجريت انتخابات وأقتنع المجلس ووضع قانونا جديدا للانتخابات ،
المحور الثاني المرجعية الدينية بالرغم من أن جذور الثورة الدستورية تخص إيران إلا أن لهذا الحدث دور في تأريخ نمو الوعي الفكري ، لدى أبناء النجف ودور المرجعية الدينية فيها من ذلك الحدث وبخاصة عندما فوضت الحركة الدستورية الإيرانية المسائل الإصلاحية السياسية في الحرية / الديمقراطية ، الدستور لرجال الإصلاح في مدينة النجف ، زحفت الحركة حسب تعبير البحث إلى النجف ، استعرت مشبوبة بين المتنورين وأكثرهم المعممين الدارسين الذين يؤلفون حزب المشروطة وكانت دعامتهم العلامة الملا كاظم الخرساني والاخواند والعلامة الخليلي والشيخ عبد الله المازندراني ، اما حزب الاستبداد من الدهماء وزعامتهم معقودة للسيد كاظم الطباطبائي ، ورجال الدين في النجف ينظرون الى السياسة نظرة جامعة لقيم الشريعة رفضوا عنصرية العثمانيين الاتحاديين ، رفضوها ووضعوا مفاهيم دستورية راقية ، وطرحوا نشاطهم السياسي بقوة وايمان كبير بعد الانقلاب العثماني عام 1908م ودافعوا عن منجزاته السياسية دخلوا في صراع ضد من أراد ضرب الثورة الدستورية في ايران بزعامة المرجع الشيخ كاظم الخرساني والمطالبة بانجاز مجلسين الاول تشريعي والآخر تنفيذي ، انقسم النجف الى تيارين تيار المشروطة وتيار المستبدة ، وسرى الجدل الى كربلاء والكاظمية ، نحن نقرأ التأريخ لنقرأ فيه الوعي المرجعي الديني العراقي الذي كان على تماس مباشر مع الاحداث في ايران ، تعرض الشاه لمحاولة اغتيال 1908 م نجا باعجوبة فانتقم من الثوار قصف ببناية المجلس بالقنابل بعد حله ، واعتقال القادة الوطنيين، قراءة هذه المشاهد تعتبر مرجعية ثقافية لهوية الثورة بعيدا عن انتماءه لحضارتها وأنما نصوغ منها انعكاسات الهوية ، علماء النجف صعدوا من نشاطهم ضد استبداد الشاه وصرف نظره عن افتتاح المجلس وأدعى ان افتتاح المجلس وتحقير الاسىلام شيء واحد ، ، نريد ان نقرأ من خلال هذا البحث ذهنية رجل الدين والتماسك الشعبي وكأننا نقدم لحوزتنا المباركة خطوات نصرها المبين ، أصدر السيد الخرساني فتوى جاء فيها ، تعتبر أزاحة هذا السفاك المتجبر والدفاع عن نفوس واعراض واموال المسلمين من أهم الواجبات اليوم ، على أثر فتوى النجف خلع محمد علي وتعيين ابنه أحمد رضا خان ، شاها على ايران وبعد سنتين خلع عبد الحميد الثاني ، أصبحت الدولتان مشروطتين
المحور الثالث تقويم موقف السيد ، اعتقد ان مثل هذه الدراسة تكون قاعدة لمراجعة التأريخ واستنهاض الوعي لمعرفة قيمة ما نمتلك ، مرجعية السيد اليزدي هي من المرجعيات التي امتدت من حدود العراق الى سائر البلاد الإسلامية ، بعد استشهاد الشيخ فضل الله النوري ، وتقدير الناس لخطأ موقف المدافعين عن الدستور الحكومي الجديد الحكومة المشروطة ، انهال الناس في جميع أنحاء ايران أو أكثر الى تقليد السيد اليزدي ،
المرحلة الأولى ... أيد فيها فكرة إقامة حكومة دستورية في إيران
المرحلة الثانية :ـ امتنع السيد عن الموافقة لم يوقع ، وبها حدث أنقسام بين المجتهدين ،
المرحلة الثالثة :ـ رفض الفكرة أساسا ، الشيخ فضل الله النوري أعترض على بعض مواد الدستور ، معلنا اعتصامه في ضريح الشاه عبد العظيم ، مواد القانون مستلهمة من الغرب بعد الاعتصام تعهد المجلس ان تكون إيران دولة اسلامية ،
بعد إعدام الشيخ النوري أدرك العلماء ان الثورة سارت في طريق آخر ، كان العهد الاستبدادي أفضل من الفوضى في الأراء ، وادارة الحكم والتسابق على تحريك العوام بإسم الدين وخاتمة المطاف تكمن في التميز بين أصل الفكرة الدستورية وبين تطبيقها على الأرض