بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
دائماً ما يردد اهل الخلاف لماذا لم يكتب ذلك التي الذي فيه عصمة للأمة من الضياع والتفرقة والتناحر بعد قول عمر حسبنا كتاب الله
نقول :
إنّما عدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الكتابة ، لإنّ كلمة عمر بن الخطاب : (دعو الرجل فإنّه ليهجر أو ليهذي أو قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القران حسبنا كتاب الله) واتفاق كلمة اكثر الحاضرين على ما قاله عمر ، هذه الكلمة التي فاجأت النبي (صلى الله عليه وآله) اضطرّته الى العدول عن الكتابة ، اذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة والاختلاف من بعده في أنّه هل هجر فيما كتبه ـ والعياذ بالله ـ أو لم يهجر ، كما اختلفوا في ذلك واكثروا اللغو واللغط نصب عينيه ، فلم يتسنّ له يومئذ اكثر من قوله لهم : قوموا عنّي .
ولو اصرّ فكتب الكتاب للجّوا في قولهم ّ هجر ، ولأوغل أشياعهم في إثبات هجره ـ والعياذ بالله ـ فسطروا به أساطيرهم ، وملأوا طواميرهم ردّا على ذلك الكتاب وعلى من يحتجّ به ويسري هذا القول الى كل سنة النبي صلى الله عليه وآله.
لهذا اقتضت حكمته البالغة أن يضرب صلّى الله عليه وآله وسلم عن ذلك الكتاب صفحاً لئلا يفتح هؤلاء المعارضون وأولياؤهم باباً الى الطعن في النبوة ـ نعوذ بالله وبه نستجير ـ وقد رأى (صلى الله عليه وآله) أن علياً وأولياءه خاضعون لمضمون ذلك الكتاب سواء عليهم أكتب أم لم يكتب ، وغيرهم لا يعمل به ولا يعتبره لو كتب ، فالحكمة ـ والحال هذه ـ توجب تركه ، إ ذ لا أثر له بعد تلك المعارضة سوى الفتنة كما لا يخفى .