بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
قوة الارادة والروح العالية في مواجهة مصاعب الحياة، ركن أساس في شخصية الامام علي عليه السلام وقد لا نغالي اذا اعتبرناها قاعدة للكثير من مواقف الامام عليه السلام في حياته العملية، فشدة تعلقه بالله وكثرة عبادته وتورعه عن البغي وزهده في الحياة الدنيا وصفحه عمن يسيء اليه وكثير غيرها مؤشرات ضخمة على تسلح الامام عليه السلام بصبر لا يعرف الهزيمة ولا النكوص عن القصد بشكل جعله عليه السلام كأنه الصبر صار إنساناً. ولقد تحمل أمير المؤمنين عليه السلام ما تحمل من الآلام والمشقات في سبيل إخماد الفتن السوداء التي أثارها أصحاب المنافع الشخصية وأصحاب المصلحة من سياسة الانحراف في طريق مسيرته الاصلاحية فقابل كلّ ذلك بالصبر الجميل وبالتسليم لقضاء الله تعالى حتى رحل الى ربه الأعلى شهيداً. واذا تركنا تلك الامور جانباً وألقينا نظرة على جوانب أخرى من حياة الامام علي عليه السلام لنحدد مواقع الصبر والارادة الصلبة لما صح أن تفوتنا مواقف الصبر التي وقفها أمير المؤمنين عليه السلام حين فارق أحبته ورفاق الدرب، وأولهم رسول الله صلى الله عليه وآله التي فاضت نفسه الشريفة في حجره عليه السلام، وواراه الثرى بنفسه، وعايش مأساة فراقه بكل أبعادها وها هو يخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يلي غسله وتجهيزه بكلمات حزينة تدمي القلب وتزرع الأسى «بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء، خصصت حتى صرت مسلياً عمن سواك؟ وعممت حتى صار الناس فيك سواء، ولولا أنك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون ولكان الداء مماطلاً والكمد محالفاً وقلا لك ولكنه ما لا يملك رده ولا يستطاع دفعه بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك واجعلنا من بالك». وإذا أعدنا الى الأذهان ما يحظى به رسول الله صلى الله عليه وآله من حب وتعظيم في نفس أمير المؤمنين عليه السلام لأدركنا حجم الأسى الذي صُب على الإمام عليه السلام بفقده صلى الله عليه وآله، فعليّ عليه السلام قد حظي بتربية الرسول صلى الله عليه وآله ورعايته وإعداده ومصاحبته منذ الصبا حتى فارق رسول الله صلى الله عليه وآله الدنيا. ولقد كانت تلك التربية وتلك الأخوة بينهما مليئة بضروب الود والحنان والوفاء والإخلاص مما ليس له نظير على أن الامام عليه السلام التزم جانب الصبر راضياً بقضاء الله المحتوم في رسول الله صلى الله عليه وآله. وكما صبر الامام عليه السلام لفقد رسول الله صلى الله عليه وآله والصديقة الزهراء عليها السلام تجمل بالصبر كذلك لفقد أخوة له في الله، انقطعوا اليه في الوفاء وبذلوا أرواحهم وكلّ ما يملكون في سبيل الله تعالى وقد تصدوا لهدم الباطل وواجهوا الانحراف فاستشهدوا في ساحات الجهاد كعمار بن ياسر ومالك بن التيهان، وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت الأنصاري، ومالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر وسواهم. وها هو الامام عليه السلام يذكرهم قبل اغتياله بأيام في خطبة له جاء فيها: {أين أخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على النية وأبرد برؤوسهم الى الفجرة؟} ثم أطال البكاء وقال: {أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنة، وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا ووثقوا بالقائد فاتبعوه}. ومن شواهد صبر الامام عليه السلام كذلك رفضه للدنيا ولذاتها وتحمله لأذى الجوع والتقشف وزهده بالمال حتى يبلغ به الحال أحيانا ان يشد حجر المجاعة على بطنه. وهكذا عاش الامام عليه السلام حياة مليئة بالكدح والآلام زاخرة بالرزايا حافلة بالمحن غير انه واجهها جميعاً بقوة صبره وعظيم إرادته التي لا تقهر. جريمة قتل أمير المؤمنين تبقى أشرس جريمة وأكثرها فظاعة ووحشية لأنها لم تستهدف رجلاً كباقي الرجال إنما استهدفت القيادة الاسلامية الراشدة بعد رسول الله صلى الله عليه واله، واستهدفت كذلك اغتيال رسالة وتاريخ وحضارة وأمة كلها تتمثل في شخص علي أمير المؤمنين، لقد كانت خسارة الرسالة والأمة بفقده من أفدح الخسائر التي أصيبت بها الأمة بعد رسول الله، فبموت علي فقدت الأمة بطولة غدت أنشودة للزمان وشجاعة ما حلم التأريخ بمثلها، وحكمة لا يعلم بعدها الا الله، وطهراً ما أكتسى به غير الأنبياء، وزهداً في الدنيا ما بلغه إلا المقربون، وبلاغة كأنما هي رجع صدى لكتاب الله تعالى وفقها وعلما وتضلعا في أحكام الرسالة رشحته لأن يكون باب مدينة علم الرسول ومرجعاً للأمة الاسلامية في جميع شؤونها.
فسلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم ولد ويوم قضي شهيداً في محرابه ويوم يبعث حيا.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
قوة الارادة والروح العالية في مواجهة مصاعب الحياة، ركن أساس في شخصية الامام علي عليه السلام وقد لا نغالي اذا اعتبرناها قاعدة للكثير من مواقف الامام عليه السلام في حياته العملية، فشدة تعلقه بالله وكثرة عبادته وتورعه عن البغي وزهده في الحياة الدنيا وصفحه عمن يسيء اليه وكثير غيرها مؤشرات ضخمة على تسلح الامام عليه السلام بصبر لا يعرف الهزيمة ولا النكوص عن القصد بشكل جعله عليه السلام كأنه الصبر صار إنساناً. ولقد تحمل أمير المؤمنين عليه السلام ما تحمل من الآلام والمشقات في سبيل إخماد الفتن السوداء التي أثارها أصحاب المنافع الشخصية وأصحاب المصلحة من سياسة الانحراف في طريق مسيرته الاصلاحية فقابل كلّ ذلك بالصبر الجميل وبالتسليم لقضاء الله تعالى حتى رحل الى ربه الأعلى شهيداً. واذا تركنا تلك الامور جانباً وألقينا نظرة على جوانب أخرى من حياة الامام علي عليه السلام لنحدد مواقع الصبر والارادة الصلبة لما صح أن تفوتنا مواقف الصبر التي وقفها أمير المؤمنين عليه السلام حين فارق أحبته ورفاق الدرب، وأولهم رسول الله صلى الله عليه وآله التي فاضت نفسه الشريفة في حجره عليه السلام، وواراه الثرى بنفسه، وعايش مأساة فراقه بكل أبعادها وها هو يخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يلي غسله وتجهيزه بكلمات حزينة تدمي القلب وتزرع الأسى «بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء، خصصت حتى صرت مسلياً عمن سواك؟ وعممت حتى صار الناس فيك سواء، ولولا أنك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون ولكان الداء مماطلاً والكمد محالفاً وقلا لك ولكنه ما لا يملك رده ولا يستطاع دفعه بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك واجعلنا من بالك». وإذا أعدنا الى الأذهان ما يحظى به رسول الله صلى الله عليه وآله من حب وتعظيم في نفس أمير المؤمنين عليه السلام لأدركنا حجم الأسى الذي صُب على الإمام عليه السلام بفقده صلى الله عليه وآله، فعليّ عليه السلام قد حظي بتربية الرسول صلى الله عليه وآله ورعايته وإعداده ومصاحبته منذ الصبا حتى فارق رسول الله صلى الله عليه وآله الدنيا. ولقد كانت تلك التربية وتلك الأخوة بينهما مليئة بضروب الود والحنان والوفاء والإخلاص مما ليس له نظير على أن الامام عليه السلام التزم جانب الصبر راضياً بقضاء الله المحتوم في رسول الله صلى الله عليه وآله. وكما صبر الامام عليه السلام لفقد رسول الله صلى الله عليه وآله والصديقة الزهراء عليها السلام تجمل بالصبر كذلك لفقد أخوة له في الله، انقطعوا اليه في الوفاء وبذلوا أرواحهم وكلّ ما يملكون في سبيل الله تعالى وقد تصدوا لهدم الباطل وواجهوا الانحراف فاستشهدوا في ساحات الجهاد كعمار بن ياسر ومالك بن التيهان، وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت الأنصاري، ومالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر وسواهم. وها هو الامام عليه السلام يذكرهم قبل اغتياله بأيام في خطبة له جاء فيها: {أين أخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على النية وأبرد برؤوسهم الى الفجرة؟} ثم أطال البكاء وقال: {أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنة، وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا ووثقوا بالقائد فاتبعوه}. ومن شواهد صبر الامام عليه السلام كذلك رفضه للدنيا ولذاتها وتحمله لأذى الجوع والتقشف وزهده بالمال حتى يبلغ به الحال أحيانا ان يشد حجر المجاعة على بطنه. وهكذا عاش الامام عليه السلام حياة مليئة بالكدح والآلام زاخرة بالرزايا حافلة بالمحن غير انه واجهها جميعاً بقوة صبره وعظيم إرادته التي لا تقهر. جريمة قتل أمير المؤمنين تبقى أشرس جريمة وأكثرها فظاعة ووحشية لأنها لم تستهدف رجلاً كباقي الرجال إنما استهدفت القيادة الاسلامية الراشدة بعد رسول الله صلى الله عليه واله، واستهدفت كذلك اغتيال رسالة وتاريخ وحضارة وأمة كلها تتمثل في شخص علي أمير المؤمنين، لقد كانت خسارة الرسالة والأمة بفقده من أفدح الخسائر التي أصيبت بها الأمة بعد رسول الله، فبموت علي فقدت الأمة بطولة غدت أنشودة للزمان وشجاعة ما حلم التأريخ بمثلها، وحكمة لا يعلم بعدها الا الله، وطهراً ما أكتسى به غير الأنبياء، وزهداً في الدنيا ما بلغه إلا المقربون، وبلاغة كأنما هي رجع صدى لكتاب الله تعالى وفقها وعلما وتضلعا في أحكام الرسالة رشحته لأن يكون باب مدينة علم الرسول ومرجعاً للأمة الاسلامية في جميع شؤونها.
فسلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم ولد ويوم قضي شهيداً في محرابه ويوم يبعث حيا.
تعليق