إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اروع القصص فيمن رأى الامام المهدي عجل الله تعالى فرحة الشريف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    الحكاية السابعة والعشرون
    قصة الجزيرة الخضراء


    روى الشريف الزاهد أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني في آخر كتاب (التعازي).عن الأجل العالم الحافظ حجة الإسلام سعدي بن أحمد بن الرضي عن الشيخ الجل المقرئ خطير الدين حمزة بن المسيب بن الحارث أنه حكى في داري بالظفرية بمدينة السلام في ثامن عشر شهر شعبان سنة أربع وأربعين وخمسمائة قال: حديثي شيخي العالم ابن أبي القاسم عثمان بن عبد الباقي بن أحمد الدمشقي في سابع عشر جمادى الآخر من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة قال: حدثني الأجل العالم الحجة كمال الدين أحمد بن محمد بن يحي الأنباري بدراه بمدينة السلام ليلة الخميس عاشر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.قال: كنا عند الوزير عون الدين يحي بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها ونحن على طبقة وعنده جماعة فلما أفطر من كان حاضراً وتقوض أكثر من حضر حاضراً أردنا الانصراف فأمرنا بالتمسي عنده فكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه ولم أكن رأيته من قبل ورأيت الوزير يكثر إكرامه ويقرب مجلسه ويصغي إليه ويسمع قوله دون الحاضرين.فتجارينا الحديث والمذاكرة حتى أمسينا وأردنا الانصراف فعرفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل وأن يمنع من يري الخروج فأشار الوزير أن نمسي عنده فأخذنا نتحادث فأفضى الحديث حتى تحادثنا في الأديان والمذاهب ورجعنا إلى دين الإسلام وتفرق المذاهب فيه فقال الوزير أقل طائفة مذهب الشيعة وما يمكن أن يكون أكثر منهم في خطتنا هذه وهم الأقل من أهلها وأخذ يذم أحوالهم ويحمد الله على قتلهم في أقاصي الأرض.فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلاً عليه مصغياً إليه فقال له أدام الله أيامك أحدث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعرض عنه؟ فصمت الوزير ثم قال قل ما عندك فقال خرجت مع والدي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة من مدينتنا وهي المعروفة بالباهية ولها الرستاق الذي يعرفه التجار وعدة ضياعها ألف ومائتا ضيعة في كل ضيعة من الخلق ما لا يحصي عددهم إلا الله وهم قوم نصارى وجميع الجزائر التي كانت حولهم على دينهم ومذهبهم ومسير بلادهم وجزائر مدة شهرين وبينهم وبين البر مسير عشرين يوماً وكل من في البر من الأعراب وغيرهم نصارى وتتصل بالحبشة والنوبة وكلهم نصارى ويتصل بالبربر وهم على دينهم فإن حد هاذ كان بقدر كل من في الأرض ولم نضف إليهم الإفرنج والروم.وغير خفي عنكم من بالشام والعراق والحجاز من النصارى واتفق أننا سرنا في البحر وأوغلنا وتعدينا الجهات التي كنا نصل إليها ورغبنا في المكاسب ولم نزل على ذلك حتى صرنا إلى جزائر عظيمة كثيرة الأشجار مليحة الجدران فيها المدن المدورة والرساتيق.وأول مدينة وصلنا إليها وأرسى المراكب بها وقد سألنا الناخداه (أي ربان السفينة) أي شيء هذه الجزيرة؟ قال والله أن هذه الجزيرة لم أصل إليها ولا أعرفها وأنا وأنتم في معرفتها سواء.فلما أرسينا بها وصعد التجار إلى مشرعة تلك المدينة وسألنا ما اسمها؟ فقيل هي المباركة فسألنا عن سلطانهم وما اسمه؟ فقالوا: اسمه الطاهر فقلنا وأين سرير مملكته؟ فقيل: بالزاهرة فقلنا وأين الزاهرة؟ فقالوا بينكم وبينها مسيرة عشر ليالي في البحر وخمسة وعشرين ليلة في البر وهم قوم مسلمون.فقلنا من يقبض زكاة ما في المركب لنشرع في البيع والابتياع؟ فقالوا: تحضرون عند نائب السلطان فقلنا وأين أعوانه؟ فقالوا: لا أعوان له بل هو في داره وكل من عليه حق يحضر عنده فيسلمه إليه.فتعجبنا من ذلك وقلنا ألا تدلونا عليه؟ فقالوا بلى وجاء معنا من أدخلنا داره فرأينا رجلاً صالحاً عليه عباءة وتحته عباءة وهو مفترشها وبين يديه دواة يكتب فيها من كتاب ينظر إليه فسلمنا عليه فرد علينا السلام وحيانا وقال من أين أقبلتم؟ فقلنا من أرض كذا وكذا؟ فقال كلكم مسلمون؟ فقلنا لا فينا المسلم واليهودي والنصراني فقال يزن اليهودي جزيته والنصراني جزيته ويناظر المسلم عن مذهبه.فوزن والدي عن خمس نفر نصارى عنه وعن ثلاثة كانوا معنا ثم وزن تسعة نفر كانوا يهوداً وقال للباقين: هاتوا مذاهبكم فشرعوا معه في مذاهبهم.فقال: لستم مسلمين وإنما أنتم خوارج وأموالكم تحل للمسلم المؤمن وليس بمسلم من لم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر وبالوصي والأوصياء من ذريته حتى مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليهم) فضاقت بهم الأرض ولم يبق إلا أخذ أموالهم.ثم قال لنا يا أهل الكتاب لا معارضة لكم فيما معكم حيث أخذت الجزية منكم فلما عرف أولئك أن أموالهم معرضة للنهب سألوه أن يحملهم إلى سلطانهم فأجاب سؤالهم وتلا: ï´؟لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍï´¾.فقلنا للناخذاه والربان وهو الدليل: هؤلاء قوم قد عاشرناهم وصاروا رفقة وما يحسن لنا أن نتخلف عنهم أينما يكونوا نكون معهم حتى نعلم ما يستقر حالهم عليه؟ فقال الربان والله ما أعلم هذا البحر أين المسير فيه فاستأجرنا رباناً ورجالاً وقلعنا القلع (أي الشراع) وسرنا ثلاثة عشر يوماً بلياليها حتى كان قبل طلوع الفجر فكبر الربان فقال هذه والله أعلام الزاهرة ومنائرها وجدرانها إنها قد بانت فسرنا حتى تضاحى النهار.فقدمنا إلى المدينة لم تر العيون أحسن منها ولا أخف على القلب ولا أرق من نسيمها ولا أطيب من هوائها ولا أعذب من مائها وهي راكبة البحر على جبل من صخر أبيض كأنه لون الفضة وعليها سور إلى ما يلي البحر والبحر يحوط الذي يليها منها والأنهار منحرفة في وسطها يشرب منها أهل الدور والأسواق وتأخذ منها الحمامات وفواضل النهار ترمى في البحر ومدى الأنهار فرسخ ونصف وفي تحت ذلك الجبل بساتين المدينة وأشجارها ومزارعها عند العيون وأثمار تلك الأشجار لا يرى أطيب منها ولا أعذب ويرعى الذئب والنعجة عياناً ولو قصد قاصد لتخلية دابة في زرع غيره لما رعته ولا قطعت قطعة حمله ولقد شاهدت السباع والهوام رابضة في غيض تلك المدينة وبنو آدم يمرون عليها فلا تؤذيهم.فلما قدمنا المدينة وأرمى المركب فيها وما كان صحبنا من الشوابي والذوابيح من المباركة بشريعة الزاهرة صعدنا فرأينا مدينة عظيمة عيناء كثيرة الخلق وسيعة الربقة وفيها الأسواق الكثيرة والمعاش العظيم ويرد إليها الخلق من البر والبحر وأهلها على أحسن قاعدة لا يكون على وجه الأرض من الأمم والأديان مثلهم وأمانتهم حتى أن المتعيش بسوق يرده إليه من يبتاع منه حاجة أما بالوزن أو بالذراع فيبايعه عليها ثم يقول يا هذا زن لنفسك واذرع لنفسك فهذه صورة مبايعاتهم ولا يسمع بينهم لغو المقال ولا السفه ولا النميمة ولا يسب بعضهم بعضاً وإذا نادى المؤذن الآذان لا يتخلف منهم متخلف ذكراً كان أو أنثى إلا ويسعى إلى الصلاة حتى إذا قضيت الصلاة للوقت المفروض رجع كل منهم إلى بيته حتى يكون وقت الصلاة الأخرى فيكون الحال كما كانت.فلما وصلنا المدينة وأرسينا بمشرعتها أمرونا بالحضور عند السلطان فحضرنا داره ودخلنا إليه إلى بستان صور- (أي النخل المجتمع الصغار لا واحد له)- في وسطه قبة من قصب والسلطان في تلك القبة وعنده جماعة وفي باب القبة ساقية تجري.فوافينا القبة وقد أقام المؤذن الصلاة فلم يكن أسرع من أن امتلأ البستان بالناس وأقيمت الصلاة فصلى بهم جماعة فلا والله لم تنظر عيني أخضع من الله ولا ألين جانباً لرعيته فصلى من صلى مأموماً.فلما قضيت الصلاة التفت إلينا وقال هؤلاء القادمون؟ قلنا: نعم وكانت تحية الناس له أو مخاطبتهم له: (ابن صاحب الأمر) فقال على خير مقدم.ثم قال: أنتم تجار أو ضيوف؟ فقلنا تجار فقال من منكم المسلم ومن منكم أهل الكتاب؟ فعرفناه فقال إن الإسلام تفرق شعباً فمن أي قبيل أنتم؟ وكان معنا شخص يعرف بالمقري ابن دربهان بن أحمد الأهوازي؟ يزعم أنه على مذهب الشافعي فقال له أنا رجل شافعي قال فمن على مذهبك من الجماعة؟ قال كلنا إلا هذا حسان بن غيث فإنه رجل مالكي.فقال: أنت تقول بالإجماع؟ قال نعم قال إذن تعمل بالقياس ثم قال بالله يا شافعي تلو ما نزلت يوم المباهلة؟ قل نعم قال ما هو؟ قال قوله تعالى: ï´؟ َقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَï´¾فقال: بالله عليك من أبناء الرسول ومن نساؤه ومن نفسه يا ابن دربهان؟ فأمسك فقال يالله هل بلغك أن غير الرسول والوصي والبتول والسبطين دخل تحت الكساء؟ قال لا فقال والله لم ننزل هذه الآية إلا فيهم ولا خص بها سواهم.ثم قال: بالله عليك يا شافعي ما تقول فيمن طهره الله بالدليل القاطع هل ينجسه المختلفون؟ قال لا وقال بالله عليك هل تلوت ï´؟ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراï´¾ قال نعم قال بالله عليك من يعنى بذلك؟ فأمسك فقال والله ما عنى بها إلا أهلها.ثم بسط لسانه وتحدث بحديث أمضى من السهام وأقطع من الحسام فقطع الشافعي ووافقه فقام عند ذلك فقال: عفواً يا ابن صاحب الأمر انسب إلى نسبك فقال أنا طاه بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي الذي أنزل الله فيه: ï´؟ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍï´¾.وهو والله الإمام المبين ونحن الذين أنزل الله في حقنا: ï´؟ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌï´¾.يا شافعي نحن أهل البيت نحن ذرية الرسول ونحن أولوا الأمر فخر الشافعي مغشياً عليه لما سمع ثم أفاق من غشيته وآمن به وقال: الحمد لله الذي منحني بالإسلام ونقلني من التقليد إلى اليقين.ثم أمر لنا بإقامة الضيافة فبقينا على ذلك ثمانية أيام ولم يبق في المدينة إلا من جاء إلينا وحادثنا فلما انقضت الأيام الثمانية سأله أهل المدينة أن يقوموا لنا بالضيافة ففتح لهم في ذلك فكثرت علينا الأطعمة والفواكه وعملت لنا الولائم ولبثنا في تلك المدينة سنة كاملة.فعلمنا وتحققنا أن تلك المدينة مسيرة شهرين كاملة براً وبحراً بعدها مدينة اسمها الرائقة سلطانها القاسم صاحب الأمر (ع) مسيرة ملكها شهرين وهي على تلك القاعدة ولها دخل عظيم وبعدها مدينة اسمها الصافية سلطانها إبراهيم بن صاحب الأمر (ع) بالحكام وبعدها مدينة أخرى اسمها ظلوم سلطانها عبدالرحمن بن صاحب الأمر (ع) مسيرة رستاقها وضياعها شهران وبعدها مدينة أخرى اسمها عناطيس سلطانها هاشم بن صاحب الأمر (ع) وهي أعظم المدن كلها وأكبرها وأعظم دخلاء ومسيرة ملكها أربعة أشهر.فيكون مسيرة المدن الخمس والمملكة مقدار سنة لا يوجد في أهل تلك الخطط والمدن والضياع والجزائر غير المؤمن الشيعي الموحد القاتل بالبراءة والولاية الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر سلاطينهم أولاد إمامهم يحكمون بالعدل وبه يأمرون وليس على وجه الأرض مثلهم ولو جمع أهل الدنيا لكانوا أكثر عدداً منهم على اختلاف الأديان والمذاهب ولقد أقمنا عندهم سنة كاملة نترقب ورود صاحب الأمر إليهم لأنهم زعموا أنها سنة وروده فلم يوفقنا الله تعالى للنظر إليه فأما ابن دربهان وحسان فإنهما أقاما بالزاهرة يرقبان رؤيته وقد كنا لما استكثرنا هذه المدن وأهلها سألنا عنها فقيل إنها عمارة صاحب الأمر (ع) واستخراجه.
    فلما سمع عون الدين ذلك نهض ودخل حجرة لطيفة وقد تقضى الليل فأمر بإحضارها واحداً واحداً وقال إياكم إعادة ما سمعتم أو إجراءة على ألفاظكم وشدده وتأكد علينا فخرجنا من عنده ولم بعد أحد منا مما سمعه حرفاً واحداً حتى هلك.وكنا إذ حضرنا موضعاً واجتمع واحدنا بصاحبة قال أتذكر شهر رمضان فيقول نعم ستراً لحال الشرط.فهذا ما سمعته ورويته والحمد لله وحده وصلواته على خير خلقه محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين.

    تعليق


    • #32
      الحكاية الثامنة والعشرون
      المهدي(ع)ينقذه من الهلاك

      نقل السيد محمد الحسيني ... قال: حدثنا رجل صالح من أصحابنا قال خرجت سنة من السنين حاجاً إلى بيت الله الحرام وكانت سنة شديدة الحر كثيرة السموم فانقطعت عن القافلة وضللت الطريق فغلب علي العطش حتى سقطت وأشرفت على الموت فسمعت صهيلاً ففتحت عيني فإذا بشاب حسن الوجه حسن الرائحة راكب على دابة شهباء فسقاني ماء أبرد من الثلج وأحلى من العسل ونجاني من الهلاك قلت: يا سيدي من أنت؟ قال أنا حجة الله على عباده، وبقية الله في أرضه أنا الذي أملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً أنا ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب (عليهم السلام) ثم قال: اخفض عينيك فخفضتهما ثم قال: افتحهما ففتحتهما فرأيت نفسي في قدام القافلة ثم غاب عن نظري (صلوات الله عليه).

      تعليق


      • #33
        الحكاية التاسعة والعشرون
        المهدي (ع) يشفي الميرزا النائيني

        أخبرنا جناب العالم الفاضل الصالح الورع ميرزا محمد حسين النائيني الإصفهاني ابن سماحة العالم العامل والمهذب الكامل ميرزا عبد الرحيم النائيني الملقب بشيخ الإسلام أنه ظهر وجع في قد أخ لي من الأب اسمه محمد سعيد حال انشغاله في تحصيل العلوم الدينية في سنة خمسة وثمانين ومائتين وألف تقريبا وقد ورم خلف قدمه بحيث أعوج وعجز عن المشي فجاء وبميزرا أحمد الطيب بن الحاج ميرزا عبد الوهاب النائيني ليعالجه فزال الاعوجاج الذي هو خلف قدمه وذهب الورم وتفرقت المادة ولم تمض عدة أيام إلا وظهرت المادة بين الركبة والساق وبعد عدة أيام ظهرت المادة في الفخذ في نفس تلك الرجل ومادة بين الكنف حتى تقيح كل واحد منهما وكان له وجع شديد فعندما يعالجه ينفجر فيخرج منه قيح إلى أن مضت سنة تقريباً أو أكثر من ذلك وهو على هذا الحال يعالج هذه القروح بأنواع العلاج ولم يلتئم واحد منها بل كل يوم تزداد الجراحات ولم يقدر في هذه المدة أن يضع قدمه على الأرض وهو يتقلب من جانب إلى جانب وقد أصابه الضعف من طول مدة المرض ولم يبق منه إلا الجلد والعظم من كثرة ما خرج منه من الدم والقيح وقد صعب ذلك على الوالد وما يستعمل نوعاً من العلاج إلا وتزداد الجروح ويضعف حاله ولا يؤثر في زيادة قوته وصحته.ووصلت هذه القروح إلى حد انه لو وضعت يد على أحد الاثنين- الذي أحدهما بين الركبة والساق والأخرى في الفخذ التي في نفس تلك الرجل- فإنه يجري من القرح الآخر القيح والدم.وظهر في تلك الأيام وباء شديد في نائين فلجأنا إلى قرية من قراها خوفاً من ذلك الوباء فاطلعنا على جراح حاذق يقال له (أقا يوسف) ينزل في قرية قريبة من قريتنا فبعث الوالد شخصاً إليه فحضر للعلاج وعندما عرض أخي المريض عليه سكت ساعة حتى خرج الوالد من عنده وبقيت عنده مع أحد أخوالي يدعى الحاج ميرزا عبد الوهاب فبعد مدة من مناجاته معه فهمت من فحوى تلك الكلمات بأنه يخبره يائساً ويخفي ذلك عني لئلا أخبر الوالد فيضطرب ويجزع.فعندما رجع الوالد قال ذلك الجراح: أنا أخذ المبلغ الفلاني أولاً ثم أبداً بالمعالجة وكان قصده من هذا الكلام هو امتناع الوالد عن دفع ذلك المبلغ قبل الابتداء في المعالجة ليكون سبباً لذهابه قبل الشروع في المعالجة.فامتنع الوالد من إعطائه ما أراه قبل المعالجة فاغتنم (الجراح) تلك الفرصة ورجع إلى قريته.وقد علم الوالد والوالدة أن هذا التصرف من الجراح كان ليأسه وعجزه عن المعالجة مع أنه كان أستاذا وحاذقاً فيأست منه.وكان لي خال آخر يدعى ميرزا أبو طالب في غاية التقوى والصلاح وله شهرة في البلد بأنه يكتب للناس رقع الاستغاثة إلى إمام عصره الإمام الحجة (ع) وهي سريعة الإجابة والتأثير وإن الناس كثيراً ما يرجعون إليه في الشدائد والبلايا فالتمست منه والدتي أن يكتب رقعة استغاثة لشفاء ولدها.فكتبها في يوم الجمعة وأخذتها الوالدة وأخذت وهذبت عند بئر قرب قريتنا أخي تلك الرقعة في البئر وكان متعلقاً فوق البئر بيد الوالدة فظهرت له وللوالدة في ذلك الوقت رقة فبكياً بكاءاً شديداً وكان ذلك في آخر ساعة من يوم الجمعة.وبعد مضي عدة أيام رأيت في المنام ثلاثة فرسان بالهيئة والشمائل التي وردت في واقعة إسماعيل الهرقلي قادمين من الصحراء باتجاه بيتنا فحضرت في ذهني في ذلك الحال واقعة إسماعيل وكنت قد وقفت عليها في تلك الأيام وكانت تفصيلاتها في ذهني فانتبهت أن هذا الفارس المتقدم هو الإمام (ع) جاء لشفاء أخي المريض وكان أخي المريض نائماً على ظهره أو متكئاً في فراشه في ساحة البيت كما كان كذلك في أغلب الأيام فقرب الإمام الحجة (ع) وبيده المباركة رمح ووضع ذلك الرمح في موضع من بدنه ولعله كان في كتفه وقال له قم فقد جاء خالك من السفر.وقد فهمت في ذلك الوقت أن مقصود (ع) من هذا الكلام البشارة بقدوم خال لنا آخر اسمه الحاج ميرزا علي أكبر كان سافر للتجارة وطال سفره ونحن قد خفنا عليه لطول السفر وتقلب الدهر من القحط والغلاء الشديد.وعندما وضع (ع) على كتفه وقال ذلك الكلام قال أخي من مكانه الذي كان نائماً فيه وأسرع إلى باب البيت لاستقبال خاله المذكور.فاستيقظت من نومي فرأيت الفجر قد طلع وقد أضاء الجو ولم يستيقظ أحد من النوم لصلاة الصبح فقمت من مكاني وأسرعت إلى أخي قبل أن ألبس ملابسي وأيقظته من النوم وقلت له: انهض فإن الإمام الحجة (ع) قد شافاك.وأخذت بيده وأقمته على رجليه فاستيقظت أمي من النوم وصاحت علي: لماذا أيقظته من النوم؟ لأنه كان يقظاً من غلبة الوجع عليه، وقليل من النوم في ذلك الحال كان يعد غنيمة قلت: إن الإمام الحجة (ع) قد شافاه.فعندما أقمته على قدميه ابتدأ بالمشي في ساحة الغرفة وقد كان في تلك الليلة غير قادر على وضع قدمه على الأرض حيث انقضت له على ذلك مدة سنة أو أكثر وكان يحمل من مكان إلى مكان.فانتشرت هذه الحكاية في تلك القرية واجتمع جميع الأقرباء والأصدقاء ليروه بما لا يصدق بالعقل ونقلت الرؤيا وكنت فرحاً جداً لأني بادرت ببشارة الشفاء عندما كان نائماً وقد انقطع الدم والقيء من ذلك اليوم والتأمت الجروح قبل أن ينقضي أسبوع وبعد عدة أيام من ذلك وصل الخال سالماً غانماً.

        تعليق


        • #34
          الحكاية الثلاثون
          قصة محمود الفارسي


          حدث السيد الجليل والعالم النبيل بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي النيلي المعاصر للشيخ الشهيد الأول (رحمة الله) في كتاب (الغيبة) عن الشيخ العالم الكامل القدوة المقرئ الحافظ المحمود الحاج المعتمر شمس الحق والدين محمد بن قارون قال:

          دعيت إلى إمرأة فأتيتها وأنا أعلم مؤمنة من أهل الخير والصلاح فزوجها أهلها من محمود الفارسي المعروف بأخي بكر ويقال له لأقاربه: بنو بكر وأهل فارس مشهورون بشدة التسنن والنصب والعداوة لأهل الإيمان وكان محمود هذا أشدهم في الباب وقد وفقه الله تعالى للتشيع دون أصحابه.

          فقلت لها: واعجباه كيف سمح أبوك بك؟ وجعلك مع هؤلاء النواصب؟ وكيف اتفق لزوجك مخالفة أهله حتى تفرضهم؟ فقالت لي أيها المقرئ إن له حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا أنها من العجب قلت: وما هي؟ قالت: سله عنها سيخبرك.

          قال الشيخ: فلما حضرنا عنده قلت له: يا محمود ما الذي أخرجك عن ملة أهلك وأدخلك مع الشيعة؟ فقال يا شيخ لما اتضح لي الحق تبعته أعلم أنه قد جرت عادة أهل الفرس أنهم إذا سمعوا بورود القوافل عليهم خرجوا يتلقونهم فاتفق إنا سمعنا بورود قافلة كبيرة فخرجت ومعي صبيان كثيرون وأنا إذ ذاك بي مراهق فاجتهدنا في طلب القافلة بجلهنا ولم نفكر في عاقبة الأمر وصرنا كلما انقطع منا واد لم نكن نعرفه وفيه شوك وشجر ودغل لم نر مثله قط فأخذنا في السير حتى عجزنا وتدلت ألسنتنا على صدورنا من العطش فأيقنا بالموت وسقطنا لوجوهنا.

          فبينما نحن كذلك إذا بفارس على فرس أبيض قد نزل قريباً منا وطرح مفرشاً لطفياً لم نر مثله منه رائحة طيبة، فالتفتنا إليه وإذا بفارس آخر على فرس أحمر عليه ثياب بيض وعلى رأسه عمامة لها ذؤابتان فنزل على ذلك المفرش ثم قام فصلى بصاحبه ثم جلس للتعقيب.

          فالتفت إلي وقال: يا محمود! فقلت بصوت ضعيف: لبيك يا سيدي، قال: ادن مني فقلت: لا استطيع لما بي من العطش والتعب قال: لا بأس عليك.

          فلها قالها حسبت كأن قد حدث في نفسي روح متجددة فسعيت إليه حبواً فمر يده على وجهي وصدري ورفعها إلى حنكي فرده حتى لصق بالحنك الأعلى ودخل لساني في فمي وذهب ما بي وعدت كما كنت أولاً.

          فقال: قم وائتني بحنظلة من هذا الحنظل وكان في الوادي حنظل كثير فأتيته بحنظلة كبيرة فقسمها نصفين وناولينها وقال: كل منها فأخذتها منه ولم أقدم على مخالفته وعندي أمرني أن أكل الصبر لما أعهد من مرارة الحنظل فلما ذقتها فإذا هي أحلى من العسل وأبرد من الثلج وأطيب ريحاً من المسك شبعت ورويت.

          ثم قال لي: ادع صاحبك فدعوته فقال بلسان مكسور ضعيف لا أقدر على الحركة فقال له: قم لا بأس عليك فأقبل إليه حبواً وفعل معه كما فعل معي ثم نهض ليركب فقلنا بالله عليك يا سيدنا إلا ما أتممت علينا نعمتك وأوصلتنا إلى أهلنا فقال: لا تعجلوا وخط حولنا برمحه خطة وذهب هو وصاحبة فقلت لصاحبي: قم بنا حتى نقف بإزاء الجبل ونقع على الطريق فقمنا وسرنا وإذا بحائط آخر وهكذا من أربع جوانبنا. فجلسنا نبكي على أنفسنا ثم قلت لصاحبي: ائتنا من هذا الحنظل لنأكله فأتى به فإذا هو أمر من كل شيء وأقبح فرمينا به ثم لبثنا هنيئة وإذا قد استدار من الوحش ما يعمل إلا الله عدده وكلما أرادوا القرب منا منعهم ذلك الحائط فإذا ذهبوا زال الحائط وإذا عادوا عاد.

          قال: فبتنا تلك الليلة آمنين حتى أصبحنا وطلعت الشمس واشتد الحر وأخذنا العطش فجزعنا أشد الجزع وإذا بالفارسين قد أقبلا وفعلا كما فعلا بالأمس فلما أراد مفارقتنا قلنا له: بالله عليك ألا أوصلتنا إلى أهلنا فقال: أبشرا فسيأتيكما من يوصلكما إلى أهليكما ثم غابا.

          فلما كان آخر النهار إذا برجل من فراسنا ومعه ثلاث أحمرة قد أقبل ليحتطب فلما رآنا ارتاع منا وانهزم وترك حميره فصحنا إليه باسمه وتسمينا له فرجع وقال يا ويلكما أن أهاليكما قد أقاموا عزاء كما قوماً لا حاجة في الحطب فقمنا وركبنا تلك الأحمرة فلما قربنا من البلد دخل أمامنا ففرحوا فرحاً شديداً وأكرموه وأخلعوا عليه.

          فلما دخلنا إلى أهلنا سألوا عن حالنا فكينا لهم بما شاهدناه فكذبونا وقالوا هو تخيل لكم من العطش.

          قال محمود: ثم أنساني الدهر حتى كأن لم يكن ولم يبق على خاطري شيء منه حتى بلغت عشرين سنة وتزوجت وصرت أخرج في المكاراة ولم يكن في أهلي أشد مني نصياً لأهل الإيمان سيما زوار الأئمة عليهم السلام بـ (سر من رأى) فكنت اكريهم الدواب بالقصد لأذيتهم بكل ما أقدر عليه من السرقة وغيرها وأعتقد أن ذلك مما يقريني إلى الله تعالى.

          فاتفق أني كريت دوابي لقوم من أهل الحلة وكانوا قادمين إلى الزيارة منهم ابن السهيلي وابن عرفة وابن حارب وابن الزهدري وغيرهم من أهل الصلاح ومضيت إلى بغداد وهو يعرفون ما أنا عليه من العناد فلما خلوا بي من الطريق وقد امتلأوا علي غيظاً وحنقاً لم يتركوا شيئاً من القبيح إلا فعلوه بي وأنا ساكت لا أقدر عليهم لكثرتهم فلما دخلنا بغداد ذهبوا إلى الجانب الغربي فنزلوا هناك وقد امتلأ فؤادي حنقاً.

          فلما جاء أصحابي قمت إليهم ولطمت على وجهي وبكيت فقالوا ما لك؟ وما دهاك؟ فحكيت لهم ما جرى علي من أولئك القوم فأخذوا في سبهم ولعنهم وقالوا طب نفساً فإنا نجتمع معهم في الطريق إذا خرجوا ونصنع بهم أعظم مما صنعوا.

          فلما جن الليل أدركتني السعادة فقلت في نفسي: إن هؤلاء الرافضة لا يرجعون عن دينهم بل غيرهم إذا زهد يرجع إليهم فما ذلك إلا لأن الحق معهم فبقيت مفكراً في ذلك وسألت ربي بنبيه محمد (صلى الله عليه وآل وسلم) أن يريني في ليتي علامة استدل بها على الحق الذي فرضه الله تعالى على عباده.

          فأخذني النوم فإذا أنا بالجنة قد زخرفت فإذا فيها أشجار عظيمة متخلفة الألوان والثمار ليست منها أشجار الدنيا لأن أغصانها مدلاة وعروقها إلى فوق ورأيت أربعة انهار: من خبر ولبن وعسل وماء وهي تجري وليس لها جرف بحث لو أرادت النملة أن تشرب منها لشربت ورأيت نساء حسنة الأشكال ورأيت قوماً يأكلون من تلك الثمار ويشربون من تلك الأنهار وأنا لا أقدر على ذلك فكلما أردت أن أتناول من الثمار تصعد إلى فوق وكلما هممت أن أشرب من تلك الأنهار تغور إلى تحت فقلت للقوم: ما بالكم تأكلون وتشربون؟ وأنا لا أطيق ذلك؟ فقالوا إنك لا تأتي إلينا بعد.

          فبينا أنا كذلك وإذا بفوج عظيم فقلت: ما الخبر؟ فقالوا سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام قد أقبلت فإذا بأفواج من الملائكة على أحسن هيئة ينزلون من الهواء إلى الأرض وهم حافون بها، فلما دنت وإذا بالفارس الذي قد خلصنا من العطش بإطعامه لنا الحنظل قائماً بين يدي فاطمة (عليها السلام) فلما رأيته عرفته وذكرت تلك الحكاية وسمعت القوم يقولون: هذا (م ح م د) بن حسن الحسن القائم المنتظر فقام الناس وسلموا على فاطمة عليها السلام فقمت أنا وقلت السلام عليك يا بنت رسول الله فقالت وعليك السلام يا محمود أنت الذي خلصك ولدي هذا من العطش؟ فقلت: نعم يا سيدتي! فقالت إن دخلت مع شيعتنا أفلحت فقلت أنا داخل في دينك ودين شيعتك مقر بإمامة من مضى من بنيك ومن بقي منهم فقالت: أبشر فقد فزت.

          قال محمود فانتبهت وأنا أبكي وقد ذهل عقلي مما رأيت فانزعج أصحابي لبكائي وظنوا أنه مما حكيت لهم فقالوا طب نفساً فوالله لنتقمن من الرافضة فسكت عنهم حتى سكتوا وسمعت المؤذن يعلن بالآذان فقمت إلى الجانب الغربي ودخلت منزل أولئك الزوار فسلمت عليهم فقالوا: لا أهلاً ولا سهلاً أخرج عنا لا بارك الله فيك فقلت: إني قد عدت معكم ودخلت عليكم لتعلموني معالم ديني فبهتوا من كلامي وقال بعضهم: كذب وقال آخرون: جاز أن يصدق.

          فسألوني عن سبب ذلك فحكيت لهم ما رأيت فقالوا: إن صدقت فإنا ذاهبون إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) فامض معنا حتى نشيعك هناك فقلت: سمعاً وطاعة وجعلت أقبل أيديهم وأقدامهم وحملت إخراجهم وأنا أدعو لهم حتى وصلنا إلى الحضرة الشريفة فاستقبلنا الخدام ومعهم رجل علوي كان أكبرهم فسلموا على الزوار فقالوا له: افتح لنا الباب حتى نزور سيدنا ومولانا فقال: حباً وكرامة ولكن معكم شخص يريد أن يتشيع ورأيته في منامي واقفاً بني يدي سيدتي فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فقالت لي: يأتيك غداً رجل يريد أن يتشيع فافتح له الباب قبل كل أحد، ولو رأيته الآن لعرفته.

          فنظر القوم بعضهم إلى بعض متعجبين فقالوا: فشرع ينظر واحد واحد فقال الله أكبر هذا والله هو الرجل الذي رأيته ثم أخذ بيدي فقال القوم: صدقت يا سيد وبررت وصدق هذا الرجل بما حكاه واستبشروا بأجمعهم وحمدوا الله تعالى ثم أنه أدخلني الحضرة الشريفة وشيعني وتوليت وتبريت.

          فلما تم أمري قال العلوي وسيدتك فاطمة تقول لك سيحلقك بعض حطام الدنيا فلا تحفل به وسيخلفه الله عليك وستحصل في مضايق فاستغث بنا تنج فقلت: السمع والطاعة وكان لي فرس قيمتها مائتا دينار وخلف الله على أوالي من والاهم وأعادي من عاداهم وأرجو بهم حسن العاقبة.

          ثم أني سعيت إلى رجل من الشيعة فزوجني هذا المرأة وتركت أهلي فما قبلت أتزوج منهم وهذا ما حكى لي في تاريخ شهر رجب سنة (788هـ) والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله.

          تعليق


          • #35
            الحكاية الحادي والثلا ثون
            هو يقص عليك الحكاية

            قال السيد الجليل صاحب المقامات الباهرة والكرامات الظاهرة رضي الدين علي بن طاووس في رسالة المواسعة والمضايقة: يقول على بن موسى بن جعفر بن طاووس: كنت قد توجهت أنا وأخي الصالح محمد بن محمد بم محمد بن القاضي الأوي ضاعف الله سعادته، وشرف خاتمته من الحلة إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه ) في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأخرى سنة إحدى وأربعين وستمائة فاختار الله لنا المبيت بالقرية وتوجهنا منها أوائل نهار يوم الأربعاء ثامن عشر الشهر المذكور.

            فوصلنا إلى مشهد مولانا علي (صلوات الله وسلامه عليه) قبل ظهر يوم الأربعاء المذكور فزرنا وجاء الليل في ليلة الخميس تاسع عشر جمادى الأخرى المذكور فوجدت من نفسي إقبالاً على الله وحضوراً وخيراً كثيراً فشاهدت ما بدل على القبول والعناية والرأفة وبلوغ المأمول والضيافة فحدثني أخي الصالح محمد بن محمد الأوي (ضاعف الله سعادت) أنه رأى في تلك الليلة في منامه كأن في يدي لقمة وأنا أقول له هذه من فم مولانا المهدي (ع) وقد أعطيته بعضها.

            فلما كان سحر تلك الليلة كنت على ما تفضل الله به من نافلة الليل فلما أصبحنا به من نهار الخميس المذكور دخلت الحضرة حضرة مولانا علي (ع) على عاداتي فورد علي من فضل الله وإقباله والمكاشفة ما كدت أسقط على الأرض ورجفت أعضائي وأقدامي وارتعدت رعدة هائلة على عوائد فضله عندي وعنايته لي وما أراني من بره لي ورفدي وأشرفت على الفناء ومفارقة دار الفناء والانتقال إلى دار البقاء حتى حضر الجمال محمد بن كنيلة وأنا في تلك الحال فسلم علي فعجزت عن مشاهدته وعن النظر إليه وإلى غيره وما تحققته بل سألت عنه بعد ذلك فعرفوني به تحقيقاً وتجددت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة وبشارات جميلة.

            وحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن الأوي ضاعف الله سعادته بعدة بشارات رواها لي منها أنه رأي كأن شخصاً يقص عليه في المنام مناماً ويقول له قد رأيت كأن فلاناً- يعنى عني- وكأنني- كنت حاضراً لما كان المنام يقص عليه- راكب فرساً وأنت- يعنى الأخر الصالح الأوي- وفارسان آخران قد صعدتم جمعياً إلى السماء قال فقلت له: أنت تدري أحد الفارسين من هو؟ فقال صاحب المنام في حال النوم لا أدري فقلت: أنت- يعنى عني- ذلك مولانا (صلوات الله وسلامه عليه).

            وتوجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة فوصلنا ليلة الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة بحسب الاستخارة فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة ان شخصاً فيه صلاح يقال له: عبد المحسن من أهل السواد (يعنى قرى العراق) قد حضر بالحلة وذكر انه قد لقيه مولانا المهدي (ع) ظاهراً في اليقظة وقد أرسله إلى عندي برسالة فنفذت قاصداً وهو محفوظ بن قرا فحضرا ليلة السبت ثامن عشر من جمادى الأخرى المقدم ذكرها.

            فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن فعرفته هو رجل صالح لا يشك النفس في حديثه ومستغن عنا وسألته فذكر أن أصله من حصن بشر وأنه انتقل إلى الدولاب الذي بإزاء المحولة المعروفة بالمجاهدية ويعرف الدولاب بابن أبي الحسن وأنه مقيم هنام وليس له عمل بالدولاب ولا زرع ولكنه تاجر في شراء غليلات وغيرها وأنه كان قد ابتاع غلة من ديوان السرائر وجاء ليقبضها وبات عند المعيدية في المواضع المعروفة بالمحبر.

            فلما كان وقت السحر كره استعمال ماء المعيدية فخرج فقصد النهر والنهر في الجهة المشرقة فما أحسن بنفسه إلا هو في تل السلام في طريق مشهد الحسين (ع) في جهة المغرب وكان ذلك ليلة الخميس تاسع عشر جمادى الآخرة من سنة إحدى وأربعين وستمائة التي تقم شرح بعض ما تفضل الله علي فيها وفي نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين (ع).

            فجلست أريق ماءً وإذا فارس عندي ما سمعت له حساً ولا وجدت لفرسه حركة ولا صوتاً وكان القمر طالعاً ولكن كان الضباب كثيراً فسألته عن الفارس وفرسه فقال: كان لون فرسه صدءاً (أحمر غامق مائل للسواد) وعليه ثياب بيض وهو متحنك بعمامة ومتقلد بسيف فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن: كيف وقت الناس؟ قال عبد المحسن: فظننت أنه يسأل عن ذلك الوقت قال فقلت الدنيا عليه ضباب وغبرة فقال ما سألتك عن هذا أنا سألتك عن حال الناس قال، فقلت: الناس طيبين مرخصين أمنين في أوطانهم وعلى أموالهم.

            فقال: تمضي إلى ابن طاووس وتقول له كذا وكذا وذكر لي ما قال (صلوات الله عليه) ثم قال عنه (ع) فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا قال عبد المحسن فوقع في قلبي وعرفت نفسيه أنه مولانا صاحب الزمان (ع) فوقعت على وجهي وبقيت كذلك مغشياً علي إلى أن طلع الصبح قلت : له فمن أين عرفت أنه قصد ابن طاووس عني؟ قال ما أعرف من بني طاووس إلا أنت وما في قلبي إلا أن قصد بالرسالة إليك قلت: أي شيء فهمت بقوله (ع): (فالوقت قد دنا فالقوت قد دنا) هل قصد وفاتي قد دنا أم وقت ظهور (صلوات الله عليه)؟ فقال: بل قد دنا وقت ظهوره (صلوات الله عليه).

            قال: فتوجهت ذلك الوقت إلى مشهد الحسين (ع) وعزمت أنني ألزم بيتي مدة حياتي أعبد الله تعالى وندمت كيف ما سألته (صلوات الله عليه) عن أشياء كنت أشتهي أساله فيها.

            قلت له: هل عرفت بذلك أحداً؟ قال: نعم عرفت بعض من كان عرف بخروجي من المعيدية وتوهموا أني قد ضللت وهلكت بتأخيري عنهم واشتغالي بالغشية التي وجدتها ولأنهم كانوا يروني طول ذلك النهار يوم الخميس في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه (ع) فوصيته أن لا يقول ذلك لأحد أبداً وعرضت عليه شيئاً فقال: أنا مستغن عن الناس وبخير كثير.

            فقمت أنا وهو فلما قام عني نفذت له غطاءً وبات عندنا في المجلس على باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلة فقمت وكنت أنا وهو في الروشن (الكوة) في خلوة فنزلت لأنام فسألت الله زيادة في كشف المنام في تلك الليلة أراه أنا.

            فرأيت كأن مولانا الصادق (ع) قد جاءني بهدية عظيمة وهي عندي وكأنني ما أعرف قدرها فاستيقظت وحمدت الله وصعدت الروشن لصلاة نافلة الليل وهي ليلة ثامن عشر جمادى الآخر فأصعد الغلام فتح الإبريق إلى عندي فمددت يدي فلزمت عروته لأفرغ على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق وأدراه عني ومنعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة فقلت: لعل الماء نجس فأراد الله أن يصونني عنه فإن الله عز وجل علي عوائد كثيرة أحدها مثل هذا وأعرفها.

            فناديت إلى فتح وقلت: من أين ملأت الإبريق؟ فقال من المصبة فقلت: هذا لعله نجس فاقلبه وطهره واملأه من الشط فمضى وقلبه وأنا أسمع صوت الإبريق وشفطه ملأه من الشط وجاء به فلزمت عروته وشرعت أقلب منه على كفي فأمسك ماسكك فم الإبريق وأداره عني ومنعني منه. فعدت وصبرت ودعوت بدعوات وعاودت الإبريق وجرى مثل ذلك فعرمت أن هذا منع لي من صلاة الليل تلك الليلة وقلت في خاطري لعل الله يريد أن يجري علي حكماً ابتلاء غداً ولا يريد أن أدعو الليل في السلامة من ذلك، وجلست لا يخطر بقلبي غير ذلك.

            فنمت وأنا جالس وإذا برجل يقول لي- يعنى عبد المحسن الذي جاء بالرسالة-: كان ينبغي أن تمشي بين يديه فاستيقظت ووقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه وإكرامه فتبت إلى الله جل جلاله واعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك وشعرت في الطهارة فلم يمسك أبداً فم الإبريق وتركت على عادتي فتطهرت وصليت ركعتين فطلع الفجر فقضيت نافلة الليل وفهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة: فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن وتلقيته وأكرمته وأخذت له من خاصتي ستة دنانير ومن غير خاصتي خمسة عشر ديناراً مما كنت أحكم فيه كما لي وخلوت به في الروشن وعرضت ذلك عليه واعتذرت إليه فامتنع من قبول شيء أصلاً وقال: أن معي نحو مائة دينار وما أخذ شيئاً أعطه لمن هو فقير وامتنع غاية الامتناع.

            فقلت: أن رسول مثله عليه الصلاة والسلام يعطي لأجل الإكرام لمن أرسله لا لأجل فقره وغناه فامتنع فقلت له مبارك اما الخمسة عشر فهي من غير خاصتي فلا أكرهك على قبولها وأما هذه الستة دنانير من خاصتي فلا بد أن تقبلها مني فكاد أن يؤيسني من قبولها فألزمته فأخذه وعاد تركها فألزمته فأخذها وتغديت أنا وهو ومشيت بين يديه كما أمرت في المنام إلى ظاهر الدار وأوصيته بالكتمان والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين.

            ومن عجيب زيادة بيان هذا الحال: أني توجهت في ذلك الأسبوع يوم الاثنين من جمادى الآخر سنة إحدى وأربعين وستمائة إلى مشهد الحسين (ع) لزيارة أول رجب أنا وأخي الصالح محمد بن محمد بن محمد ضاعف الله سعادته، فحضر عندي سحر ليلة الثالث أول رجب المبارك سنة إحدى وأربعين وستمائة المقرئ محمد بن سويد فيس بغداد وذكر ابتداءاً من نفسه أنه رأى ليلة السبت ثامن من عشر من جمادى الآخرة المتقدم ذكرها كأنني في داري وقد جاءني رسول إليك وقالوا هو من عند الصاحب.

            قال محمد بن سويد: فظن بعض الجماعة أنه من استاد الدار قد جاء إليك برسالة.

            قال محمد بن سويد: وأنا عرفت أنه من عند صاحب الزمان (ع) ، قال: فغسل محمد بن سويد وطهرهما وقام إلى رسول مولانا المهدي (ع) فوجده قد أحضر معه كتاباً من مولانا المهدي (ع) إلى عندي وعلى الكتاب المذكور ثلاثة ختوم.

            قال المقرئ محمد بن سويد فتسلمت الكتاب من رسول مولانا المهدي (ع) بيدي المشطوفة قال: وسلمه إليك يعني عني.

            قال: وكان أخي الصالح محمد بن محمد بن الأوي ضاعف الله سعادته، حاضراً فقال: ما هذا؟ فقلت: هو يقول لك قال علي بن موسى بن طاووس: فتعجبت من أن هذا محمد بن سويد قد رأى المنام في الليلة التي حضر عندي فيها الرسول المذكور وما كان عنده خبر من هذه الأمور والحمد لله.

            تعليق


            • #36
              الحكاية الثانية والثلاثون
              لم يكلم الامام لوجوب التأدب

              قال السيد المعظم في كتاب (فرج المهموم في معرفة نهج الحلال والحرام من النجوم).

              إني أدركت في زماني جماعة ذكروا أنهم شاهدوا المهدي (صلوات الله عليه) وبينهم من كان يحمل وقعاً وعرايض قد عرضت عليه (ع) ومنها ما عملت صدقة وهو أنه أخبرني من لم يأذن بتسميته، لك ذكر أنه سأل الله تعالى أن يتفضل عليه بمشاهدة المهدي (ع) فرأى في المنام أنه سوف يراه في وقت أشار إليه.

              قال: فعندما جاء ذلك الوقت كان هو في المشهد المطهر لمولانا موسى بن جعفر (عليهما السلام) فسمع صوتاً عرفه قبل ذلك الوقت وهو كان مشغولاً بزيارة مولانا الإمام الجواد (ع) فحبس السائل المذكور نفسه من مزاحمته (ع) ودخل الحرم المنور ووقف عند رجلي الضريح المقدس لمولانا الإمام الكاظم (ع) ثم خرج الذي كان يعتقد أنه المهدي (ع) وكان معه صاحب وقد شاهد هذا الشخص الإمام (ع) ولم يكلمه لوجوب التأدب في حضرة المقدس (ع).

              تعليق


              • #37
                اللهم صل على محمد وآل محمد

                تعليق


                • #38
                  اللهم صل على محمد وال محمد

                  تعليق


                  • #39
                    الحكاية الثالثة و الثلاثون


                    قصة الشيخ ورام والرقعة..

                    قال السيد عظيم الشأن..

                    ومن جملة الأخبار ما حدثنا به الرشيد أبو العباس بن ميمون الواسطي قال: عندما توجه الشيخ ( يعنى جده ورام بن أبي فراس قدس الله روحه) من الحلة للألم والملل الذي من المغازي وأقام في المشهد المقدس في مقابر قريش شهرين إلا سبعة أيام.

                    قال: فتوجهت من بلد واسط إلى (سر من رأى) وصار الهواء بارداً بشدة فاجتمعت بالشيخ ورام في المشهد الكاظمي وبينت له عزمي على الزيارة.

                    فقال: أريد أن أبعث معك رقعة تشدها بأزرار ملابسك أو تحت ملابسك. فربطتها بملابسي، ثم قال: إذا وصلت إلى القبة الشريفة ( يعنى قبة السرداب المقدس) ودخلت هناك في أول الليل ولا يبقى أحد عندك، وكنت آخر من بقي وأردت فضع الرقعة في القبة فإذا صار الصباح فاذهب إلى هناك فإذا لم تر الوقعة هناك فلا تقل لأحد شيئاً.

                    قال: فعلمت ما قاله لي فذهبت في الصباح ولم أجد الرقعة ورجعت إلى أهلي وقد رجع الشيخ قبلي من نفسه إلى أهل يعنى رجع إلى الحلة فجئت بعد موسم الزيارة والتقيت بالشيخ في منزله بالحلة فقال بي: انقضت تلك الحاجة.
                    التعديل الأخير تم بواسطة مهند المطيري; الساعة 06-10-2018, 09:18 PM.

                    تعليق


                    • #40
                      الحكاية الرابعة و الثلاثون
                      الإمام (ع) يكتب للعلامة الحلي كتاباً


                      قال السيد الشهيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين في ترجمة آية الله العلامة الحلي (قدس سره) أن من جملة مقدمة العالية أنه اشتهر عند أهل الإيمان أن بعض علماء أهل السنة ممن تتلمذ عليه العلامة في بعض الفنون ألف متاباً في رد الأمامية ويقرأ للناس في مجالسهم ويضلهم وكان لا يعطيه أحداً خوفاً من أن يرده أحد من الأمامية فاحتال (رحمه الله ) في تحصيل هذا الكتاب إلى أن جعل تتلمذه عليه وسيلة لأخذه الكتاب إلى أن جعل من رده وقال: إني آليت على نفسي أن لا أعطيه أحداً أزيد من ليلة فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان فأخذه منه وأتى به إلى بيته لينقل منه ما تيسر منه.

                      فلما اشتغل بكتابته وانتصف الليل غلبه النوم فحضر الحجة (ع) وقال: ولني الكتاب وخذ في نومك فانتبه العلامة وقد تم الكتاب بإعجازه (ع).

                      وجاء في كشكول الفاضل الألمعي علي بن إبراهيم المازندراني المعاصر للعلامة المجلسي (رحمة الله) هذه الحكاية بنمو آخر وهو كما نقله: أنه طلب من بعض الأفاضل نسخة فأبى من إعطائه وكان كتاباً كبيراً إلى أن اتفق على إعطائه بشرط أن يبقى عنده ليلة واحدة ولا يمكن استنساخ ذلك الكتاب إلا بسنة أو أكثر فأخذه العلامة إلى داره فابتدأ بكتابته في تلك الليلة فبعد كتابته عدة صفحات وتضجره رأى رجلاً يا شيخ أنت تسطر لي هذه الأوراق وأنا أكتب فكان الشيخ يسطر له وهو يكتب ومن سرعة الكتابة لا يلحق به بالتسطير وعندما كان نداء ديك الصبح تم ذلك الكتاب بالكامل.

                      وقال بعضهم فعندما تعب الشيخ نام فلما استيقظ رأى الكتاب قد كتب والله أعلم.

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...
                      X