إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ: 3- الإنْفَاقُ في سَبِيلِ اللهِ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ: 3- الإنْفَاقُ في سَبِيلِ اللهِ

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ



    حَثّت الشَريعةُ الإسلامِيَّةُ الإنسانَ عَلَى أنْ يُمَهِّدَ لِنفسِهِ بِالإنفاقِ في سَبيلِ اللهِ مُعتبرةً أنَّ ذَلكَ مِنْ أفضلِ الذَخائِرِ الّتي يُقدِّمُها بَينَ يَدِيِّ اللهِ لِآخِرَتِهِ، بَلْ لَعلَّ المَالُ الوَحيدُ الّذَي يَنتفعُ المَرءُ بِهِ هوَ المَالُ الّذي أَرسَلَهُ أمَامَهُ وأنْفَقَهُ إبتغاءَ المَغفرةِ والرضوانِ مِنَ اللهِ، وأنَّ الإنسانَ أحوجُ إلَى المَالِ الَذي يُقدِّمَهُ مِنْهُ إلَى المَالِ الّذي يَجمعَهُ، بَلْ هوَ أحوجُ إلَى المَالِ الَذي يُقدِّمَهُ مِنْهُ إلَى السَائلِ الّذي يَطلبَهُ، فَالسائلُ بَابَكَ إلَى رِضوانِ اللهِ وَمَغفرتِهُ وَبِهِ يَمتحنُ اللهُ عَبادَهُ بِصدقِ إيَمَانِهُم وَسَلامةِ يَقينِهُم وَقوّةِ دِينِهُم قالَ تَعالَى: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء﴾ البقرة 261..
    لَا شَكَّ أنَّ المَالَ بِذاتِهِ بِغضَّ النَظرِ عَنْ كَيفيَّةِ إنْفاقِهِ وَسُبُلِ إسْتخدامِهِ لَا يُمكن وَصْفَهُ بِالنِّعمَةِ أو النِّقمَةِ، وإنَّمَا ذَلكَ فَرعُ إسْتعمَالُ الإنسانِ لَهُ والجِهةُ الّتي يَبذِلَهُ فِيهَا، فَعَنِ الإمامِ عَليٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) : (إِنَّ إِنْفَاقَ هَذَا الْمَالِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ وَ إِنَّ إِنْفَاقَهُ فِي مَعَاصِيهِ أَعْظَمُ مِحْنَةٍ) عيونُ الحِكَمِ والمَواعظِ، ص 143.
    يقولُ العرفاءُ في شرحِ هذا الحَديثِ الشَريفِ أنَّ الصُورةَ الظاهريّةَ للإنفاقِ والصَدقَةِ أنَّ المتصدَّقَ يُعطي الفَقيرَ مَالاً إلّا أنَّ الصُورةَ البَرزخيّةِ للعَطاءِ أنَّ الفَقيرَ هوَ الّذي يُعطي المُتصدّقَ، لأنَّهُ يُعْطيِهِ الأجرَ والثوابَ، وَلِذلكَ كَانَ الإمامُ البَاقرِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَمنعُ السَائلَ أنْ يَمُدَ إلِيِهِ يَدَهُ، بَلْ كَانَ الإمامُ هوَ الّذي يَضعُ المَالَ في يَدِهِ ويُقدِّمَهُ للفقيرِ كالسائلِ فَيلتقِطَهُ مِنْ يَدِهِ ، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ سُورةُ سَبأ 39.
    لَقَدْ كَانَ أوّلُ مالٍ أُنفقَ في سَبيلِ اللهِ تَعَالَى؛ مالُ السيّدةِ الطَّاهرةِ الّتي فَاقتْ نِساءَ العَالمينَ في الخَيراتِ والمـُكرمَاتِ؛ مَولاتُنَا أمِّ المؤمنينَ خديجةَ الكُبرى(عَلَيْهِا السَّلاَمُ) ، فَكَمَا سَبَقَتْ نِساءَ الأمَّةِ إلَى الإيمانِ باللهِ ورسولِهِ وسَنَّتْ اللِحاقَ بركبِ الإيمانِ لكلِّ إمرأةٍ آمنتْ بَعدَها، كَذَلكَ ومِنْ خلالِ أوّليتِها في البَذلِ والعَطاءِ إبتغاءِ وجهِ اللهِ تَعالَى، فقد سَنَّتْ هذهِ السُنَّةِ الحَسنةِ لكلِّ مَنْ أنفقَ مَالَهُ بَعدَهَا في هذا السَبيلِ، فيكونَ لَها مِثلُ أجرِهم جَميعاً لقولِ خاتمِ النبيّينَ(صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم):
    (
    مَنْ سَنَّ فِي الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِها بعْدَهُ كُتِب لَه مثْلُ أَجْر من عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) أحمدُ بنَ شُعيبٍ النِسائِي، السُننُ الكثبرَى، ج5، ص75، وإذا كانَ العديدُ مِنَ الصَحابَةِ قَدْ شَارَكَهَا في بَعضِ هذهِ الأعمالِ فيمَا بعدُ، إلّا أنَّ الأمرَ لَا يَستوي، لأنَّ أمَّنَا الغرَّاءِ خَديجةَ (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) قَدْ فَعلَتْ ذَلكَ في وقتِ عَزَّ فيِهِ الصَاحبُ والنصيرُ؛ حيثُ كانتْ أموالُها المَصدرُ الأساسِ لِدعمِ النبيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم)، ورفدِ دَعوتَهُ بالمالِ اللّازِمِ لِتغطيةِ نفقاتِ المُستضعفينَ ، { قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ- يَعْنِي ابْنَ أَبِي رَافِعٍ- أَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَجِدُ مَا يُنْفِقُهُ هَكَذَا فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ أَبِي عَمَّا سَأَلْتَنِي، وَ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: فَأَيْنَ يَذْهَبُ بِكَ عَنْ مَالِ خَدِيجَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: (مَا نَفَعَنِي مَالُ قَطُّ مِثْلَ مَا نَفَعَنِي مَالُ خَدِيجَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَفُكُّ مِنْ مَالِهَا الْغَارِمَ وَ الْعَانِيَ‌ وَ يَحْمِلُ الْكَلَ‌، وَ يُعْطِي فِي النَّائِبَةِ، وَ يُرْفِدُ فُقَرَاءَ أَصْحَابِهِ إِذْ كَانَ بِمَكَّةَ، وَ يَحْمِلُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ الْهِجْرَةَ }الشيخُ أبي جَعفرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحَسنِ الطُّوسي، الأمَالي، ص468 المجلسُ السادسِ عَشَر.

    ومِنَ المعلومِ أنَّ الطَّاهرةَ الغرّاءِ(عَلَيْهِا السَّلاَمُ) كانتْ عَلَى نُبلِهَا وَسناءِ شَرَفِهَا ذَاتُ مَتاجرٍ واسعَةٍ يَنتقلُ بِها عُمّالُها بينَ الحِجازِ والشَامِ ، ( وَ كَانَتْ قُرَيْشٌ إِذَا رَحَلَتْ عِيْرُهَا فِي الرِّحْلَتَيْنِ- يَعْنِي رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ- كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْعِيرِ لِخَدِيجَةَ، وَ كَانَتْ أَكْثَرَ قُرَيْشٍ مَالًا، وَ كَانَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يُنْفِقُ مِنْهُ مَا شَاءَ فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ وَرِثَهَا هُوَ وَ وُلْدُهَا بَعْدَ مَمَاتِهَ) الشيخُ الطُّوسي، الأمالي، ص468، المجلسُ السادسِ عَشَر، (وفي بعضِ الأحيانِ كَانتْ قَافِلَتَها مُنفردةً تَعدِلُ قَوافلَ قُريشٍ بأجْمَعِها) أبو نعيمٍ الأصْبَهاني أحمدُ بنَ عبدِ اللهِ بنَ أحمدِ بنَ إسحاقَ بنَ مُوسى بنَ مَهرانِ الأصبَهاني، دلائلُ النُبوّةِ، ج1، ص177-178، حديث 227 ، وكانتْ أكثرُ قريشٍ مالاً، وَقدْ جَعلتْ مالَهَا كُلِّه في خِدمةِ مولانَا رسولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم)، وَمِنَ المعروفِ أنَّ نُصرةَ أمِّ المؤمنينَ خَديجةٌ لرسولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم) هيَ نُصرةٌ لدينِ اللهِ تَعالَى ، فلَا يُمكنُ النظرُ لرسولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم) بشكلٍ مُنفصلٍ عَنْ وُجودِهِ الرِّسالِي، وأنَّ مَنْ يَنفَعُهُ لَا ينفعُ الدينَ الّذي جاءَ بِهِ؛ يَدلُّ عَلَى ذَلكَ قَولُهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم): (وواسَتْني بمالِها إذْ حَرَمَني الناسُ ) أحمدُ بنُ حَنبلِ، مُسندِ أحمد، ج6، ص117، حديث رقم 24908 ، فَلَمْ يَحرِمَهُ أولئكَ النَّاسُ مَالَهم إلّا لِكونِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم) قَدْ صَدَعَ بِالرسالةِ والدَّعوةِ لِتوحيدِ اللهِ، وَنبذِ عبادةِ الأصنامِ الّتي كَانوا عَاكفينَ عَليها... ، وأمُّ المؤمنينَ خديجةُ الكُبرى (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) كانتْ تَضحياتُها في هذهِ المُدَّةِ بالنَّفسِ والمَالِ أعظمَ مِنْ كُلِّ المُوحّدينَ، ونُصرَتَها لرسولِ اللهِ أَجدَى وأَنفعَ، وإذا كانُ اللهُ تَعالى يقولُ: ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُواسورة الحديد، الآية 10،فكيفَ يستطيعُ الوَصفُ أنْ يؤدّيَ حقَّ السيّدةِ الّتي لَمْ يَنقَطعُ بَذلَها وإنفاقَها علَى الرِّسالةِ المحمديّةِ مِنْ أوّلِ نزولِ الوَحيِّ- وتتابعَ علَى امتدادِ أيّامِ الدَّعوةِ الحقّةِ- وإلَى أنْ لحِقَتْ تلكَ البَاذِلَةُ الكاملةُ بالرفيقِ الأعَلَى ؟! مَصحوبةً بقولِ الّذي مَا يَنطقُ عَنِ الهَوى(صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم): ( خيرُ نساءِ الجنَّةِ مَريمُ بنتُ عِمرانَ ، و خيرُ نساءِ الجنَّةِ خديجةُ بنتُ خُوَيلدٍ ) أبو جعفرٍ مُحَمَّدِ بنِ جريرٍ الطَبري، جامعُ البيانِ في تأويلِ القرآنِ، ج6، ص394، وبذلكَ صَارتْ أمُّ المؤمنينَ خديجةُ الكُبرى عَديلةً للبتولِ الطَّاهرةِ مَريم (عَلَيْهِما السَّلاَمُ).
    فَلكم عظيمُ الأجرِ بِذكرى وِفاتِها ، وَسلامٌ عَلَيها يومَ وُلدتْ ويومَ مَاتت ويومَ تُبعثُ حيَّة.
    التعديل الأخير تم بواسطة الاشتر; الساعة 12-04-2022, 02:19 PM.

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    تقبل الله منا ومنكم

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خير جزاء المحسنين وشكرنا لكم وتقبل الله اعمالكم

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X