بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
(رُوِيَ عن النبي(صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم)أنهُ قَالَ : إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ(عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فقال: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، لَا تُحَدِّثُوا بِالْحِكْمَةِ الْجُهَّالَ فَتَظْلِمُوهَا ، وَ لَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ ، وَ لَا تُعِينُوا الظَّالِمَ عَلَى ظُلْمِهِ فَيَبْطُلَ فَضْلُكُمْ)
من لا يحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق : 4 / 400 .
المُرادُ بِالجُهّالِ مَنْ لَا عِلمَ لَهمْ، ولَا يَطلبونَهُ، ولَا يُحبّونَهُ، فلَا يَلتفتونَ إليِه، ولَا يَقرّونَ بِهِ؛ أو مِنَ الجَهلِ مُقابلَ العَقلِ، أي الدَّاعي إلَى إختيارِ الشرِّ ومَا لَا صلاحَ فيِهِ ، والمُرادُ بأهلِ الحِكمةِ مُقابِلَهم .
قالَ الإمامُ عليٍّ(عَلَيْهِ السَّلَامُ): (فإنَّ العَالمَ العَاملَ بِغيرِ عِلْمِهِ كَالجاهلِ الحَائرِ الّذي لَا يَستفيقُ مِنْ جَهلِهِ بَلْ الحُجَّةُ عَليِهِ أعظَمُ والحَسرةُ لَهُ ألزمُ وهوَ عِندَ اللهِ ألومُ ).
الحِكمَةُ: إنّ الحِكمةَ مِنْ صِفَاتِهِ سُبحَانَهُ ، كَمَا أنَّ الحَكيمَ مِنْ أسمَائِهِ وَقدْ تَواترتْ النصوصُ القُرآنيَّةِ بِذَلكَ ، فَقالَ سُبحانَهُ: {وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} سُورةُ النِّسَاءِ : الآية ٢٦، مُشعراً بأنَّ العِلمَ غيرَ الحِكمَة .
إنَّ الحِكمةَ تُطلقُ عَلَى مَعنيينِ : أحَدُهُمَا ، كونُ الفِعلُ في غَايةِ الإحكامِ والإتقانِ ، وغايةِ الإتمامِ والإكمالِ ، وثَانِيهَا ، كونُ الفاعلُ لَا يفعلُ قَبيحاً ولا يَخلّ بِواجب.
وعَلَيْهِ يُريدُ النَّبيُّ عِيسَى(عَلَيْهِ السَّلَامُ) أنْ يقولَ: بمَا أنَّ الحِكمةَ بهذين المعنيينِ فلَا يَجوزُ أنْ يُتَحَدَّثُ بِهَا مَعَ الجَاهِلِ لأنَّهُ لَايَعرفُ كَيفَ يُحْكِمُ ويَتَقِنُ أفعالَهَ وكلماتَهَ ويُتمَهُمَا ، وأيضاً غالباً مَا يَصدرُ مِنهُ القبيحَ وَلديِهِ تَقاعسٌ وتقصيرٌ بَلْ في بعضِ الأحيانِ يَتركِ الواجبَ ، لِهذا يقولُ عَزَّ و جَلَّ في كتابِهِ العزيزِ:{يُؤْتِى ٱلْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ ٱلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلْأَلْبَٰبِ} سُورةُ البقرة – 269، وقدْ وَردت أحاديثٌ كثيرةٌ بِهذا الخصوصِ مِنها :-
الإمامُ عليٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (الحِكمةُ ضَالةُ المؤمنِ، فاطْلِبوهَا ولوَ عندَ المُشركِ تَكونوا أحقَّ بهَا وأهلَهَا )، أماليُ الطُّوسي: 625 / 1290.
قالَ الإمامُ عليٍّ(عَلَيْهِ السَّلَامُ): (الدُّنيَا كُلُّهَا جَهلٌ إلَا مواضعَ العلمِ والعلمُ كُلُّهُ حُجَّةٌ إلَا مَا عُمِلَ بِهِ والعملُ كُلُّهُ رِياءٌ إلَا مَا كانَ مُخلصاً والإخلاصُ عَلَى خَطرٍ حَتَى يَنظرَ العبدُ بمَا يُختَمُ لَهُ).
قَالَ النَّبيُّ(صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم): ( تَعَلَّمُوا اَلْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ حَسَنَةٌ وَمُدَارَسَتَهُ تَسْبِيحٌ وَاَلْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ وَتَعْلِيمَهُ مَنْ لاَ يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ لِأَنَّهُ مَعَالِمُ اَلْحَلاَلِ وَاَلْحَرَامِ وَسَالِكٌ بِطَالِبِهِ سُبُلَ اَلْجَنَّةِ وَ مُونِسٌ فِي اَلْوَحْدَةِ وَصَاحِبٌ فِي اَلْغُرْبَةِ وَدَلِيلٌ عَلَى اَلسَّرَّاءِ وَسِلاَحٌ عَلَى اَلْأَعْدَاءِ وَزَيْنُ اَلْأَخِلاَّءِ يَرْفَعُ اَللَّهُ بِهِ أَقْوَاماً يَجْعَلُهُمْ فِي اَلْخَيْرِ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ تُرْمَقُ أَعْمَالُهُمْ وَ تُقْتَبَسُ آثَارُهُمْ وَتَرْغَبُ اَلْمَلاَئِكَةُ فِي خَلَّتِهِمْ لِأَنَّ اَلْعِلْمَ حَيَاةُ اَلْقُلُوبِ وَنُورُ اَلْأَبْصَارِ مِنَ اَلْعَمَى وَ قُوَّةُ اَلْأَبْدَانِ مِنَ اَلضَّعْفِ وَ يُنْزِلُ اَللَّهُ حَامِلَهُ مَنَازِلَ اَلْأَحِبَّاءِ وَ يَمْنَحُهُ مُجَالَسَةَ اَلْأَبْرَارِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ - بِالْعِلْمِ يُطَاعُ اَللَّهُ وَ يُعْبَدُ وَبِالْعِلْمِ يُعْرَفُ اَللَّهُ وَ يُوَحَّدُ وَبِهِ تُوصَلُ اَلْأَرْحَامُ وَيُعْرَفُ اَلْحَلاَلُ وَاَلْحَرَامُ وَاَلْعِلْمُ إِمَامُ اَلْعَقْلِ - وَاَلْعَقْلُ يُلْهِمُهُ اَللَّهُ اَلسُّعَدَاءَ وَيَحْرِمُهُ اَلْأَشْقِيَاءَ وَصِفَةُ اَلْعَاقِلِ أَنْ يَحْلُمَ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَيْهِ وَيَتَجَاوَزَ عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَ يَتَوَاضَعَ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَيُسَابِقَ مَنْ فَوْقَهُ فِي طَلَبِ اَلْبِرِّ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ تَدَبَّرَ فَإِنْ كَانَ خَيْراً تَكَلَّمَ فَغَنِمَ وَإِنْ كَانَ شَرّاً سَكَتَ فَسَلِمَ وَإِذَا عَرَضَتْ لَهُ فِتْنَةٌ اِسْتَعْصَمَ بِاللَّهِ وَ أَمْسَكَ يَدَهُ وَ لِسَانَهُ وَإِذَا رَأَى فَضِيلَةً اِنْتَهَزَ بِهَا لاَ يُفَارِقُهُ اَلْحَيَاءُ وَلاَ يَبْدُو مِنْهُ اَلْحِرْصُ فَتِلْكَ عَشْرُ خِصَالٍ يُعْرَفُ بِهَا اَلْعَاقِلُ وَصِفَةُ اَلْجَاهِلِ أَنْ يَظْلِمَ مَنْ خَالَطَهُ وَيَتَعَدَّى عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَ يَتَطَاوَلَ عَلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ كَلاَمُهُ بِغَيْرِ تَدَبُّرٍ إِنْ تَكَلَّمَ أَثِمَ وَإِنْ سَكَتَ سَهَا وَإِنْ عَرَضَتْ لَهُ فِتْنَةٌ سَارَعَ إِلَيْهَا فَأَرْدَتْهُ وَإِنْ رَأَى فَضِيلةً أَعْرَضَ وَأَبْطَأَ عَنْهَا لاَ يَخَافُ ذُنُوبَهُ اَلْقَدِيمَةَ وَلاَ يَرْتَدِعُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ مِنَ اَلذُّنُوبِ يَتَوَانَى عَنِ اَلْبِرِّ وَيُبْطِئُ عَنْهُ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ لِمَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ ضَيَّعَهُ فَتِلْكَ عَشْرُ خِصَالٍ مِنْ صِفَةِ اَلْجَاهِلِ اَلَّذِي حُرِمَ اَلْعَقْلَ ، تحف العقول )، ابن شعبة الحراني ، ص ٢٨-29.
فأسْتَفدْ أيُّهَا المؤمنُ أيُّتُهَا المؤمنةُ مِنْ هذهِ الدُّرر ِبِكلماتِ النَّبيِّ(صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ)والأئمةِالمعصومينَ (عَلَيْهِم السَّلَامُ) وعيسى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وأعملْ بِهِا فلَا تَقعُ في مطباتِ الجهلِ ويتنورُ قلبُكَ بِنورِ الحِكمَةِ . ولكمُ الأجرُ والثواب .
تعليق