إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

​​​​​​​ما هي الخطوات التي يسلكها الإنسان في سبيل اكتشاف النفس.

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ​​​​​​​ما هي الخطوات التي يسلكها الإنسان في سبيل اكتشاف النفس.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    ما هي الخطوات التي يسلكها الإنسان في سبيل اكتشاف النفس وفي سبيل معرفة النفس وفي سبيل أن يضع قدمه على طريق السالكين إلى الله تبارك وتعالى؟



    الخطوة الأولى: أن يدرك الإنسان نقطة المنتهى، كيف يدرك نقطة المنتهى؟

    نلاحظ عندنا عدة آيات قرآنية تصرح أن الإنسان يسير إلى الله وهو لا يدري، هو يسير إلى الله، كيف؟ هو لا يدري، مثلا ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ﴾ أين أنت كادح؟! لست كادح للراتب ولا للمعاش ولا للثروة أنت مشتبه، أنت كادح إلى شيء آخر ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ في لقاء يوم من الأيام أنت تسير نحو الله.

    أنت تظن أنك تسير نحو الثروة نحو المال نحو الجاه، لا أنت تسير نحو الله ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ وقال من آية أخرى ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ منتهى السير هو الله، ﴿أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾، ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، كل إنسان هو يسير نحو الله لكن المهم أن يلتفت إلى أنه يسير نحو الله هذا هو المهم، كل إنسان هو سالك إلى الله شاء أم أبى.

    فالمهم أن يلتفت ويشعر أنه يسير إلى الله، أن يشعر ويلتفت أنه سالك إلى الله هذا هو المهم، فالخطوة الأولى من خطوات معرفة النفس أن تشعر أنك تسير نحو الله، أن تشعر أنك سالك نحو الله، أن تعرف ذلك أنك في الطريق إلى الله عز وجل وأن إلى ربك المنتهى.

    الخطوة الثانية: أن أقارن بين نفسي وبين ربي، هل أنا شيء مرتبط بربي؟، أو أنا عين الارتباط بربي؟، أن كنت شيئا مرتبطا بربي لكان هو شيء وأنا شيء ومن ثم ارتبطنا؟

    لا ليست نفسي إلا صنعه وإفاضته وعطاؤه، فنفسي مصنوعة له مفاضة منه، فنفسي هي عين التعلق والارتباط لا إنية لها ولا استقلال لها ولا حقيقة إلا أنها عين الارتباط بالله تبارك وتعالى، هذا إدراك حقيقة النفس أنها عاجزة لا قدرة لها إلا من القادر المطلق، جاهلة لا علم لها إلا من العالم المطلق، ميتة لا حياة لها إلا من الحي المطلق، محدودة لا تتحرر من حدودها إلا باللامحدود المطلق.

    فهي في تمام شؤونها وتفاصيل وجودها محتاجة إلى المدد، إلى العطاء، إذا ادرك الإنسان أن نفسه بهذا النحو فقد خطى الخطوة الثانية في سبيل اكتشاف النفس.

    الخطوة الثالثة: أن أتعرف على نفسي وعلى ضعفها وعجزها ومحدوديتها تعرفا وجدانيا حضوريا.

    بأن أشعر شعورا واضحا كما أشعر بالألم كما أشعر بالفرح، أشعر شعورا وجدانية بضعف نفسي وحاجتها وعجزها ومحدوديتها وأنها في تمام شؤونها هي عين الربط والتعلق بالله عز وجل يجب أن يتحول هذا إلى شعور ووجدان.
    ورد عن أمير المؤمنين علي”ما لابن آدم والفخر، وإنما أوله نطفه وآخره جيفة قذرة وهو ما بينهما يحمل العذرة“، هذه التعبيرات كناية عن معرفة عجز النفس، ضعف النفس، حقارة النفس وإذا أدرك الإنسان ذلك إدراكا وجدانيا أدرك ربه إدراكا وجدانية.

    نحن الآن ندرك ربنا إدراك صوري، أنت الآن عندما يقال لك الله تصير عندك صورة إلى الله، حقا لا تقدر تحديد معالم هذه الصورة، لكن تتكون عندك صورة إلى الله، الله صارت صورة في ذهنك، أما الذين عرفوا أنفسهم معرفة وجدانية فإن معرفتهم بالله ليست عبر الصور، لا، بمجرد أن يمر ذكر الله يشعرون بلذة النور في أنفسهم، هناك نور له لذة، له طعم خاص، له نكهة خاصة يشعرون ضمن أنفسهم.

    الله ليس صورة وإنما الله نور حاضر مسيطر على القلب، ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾، فئة خاصة هم الذين هدوا إلى النور أي شعروا به شعورا وجدانيا ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾.

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ﴾ ابدأ بالنفس، إبدأ باكتشاف النفس، حاول أن تستغل عمرك، كم عشت أنا من العمر؟!، عشت عشرين سنة، عشت ثلاثين سنة، عشن خمسين سنة، عشت ستين سنة، فرص راحت لكن البعض لا، يأتي ويقول ما دمت أنا وما زلت أنا حيا إذن الفرصة ما زالت موجودة، ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله ”بادر بأربع قبل أربع، بشبابك قبل هرمك“

    مادمت شاب عندك قوة تصلي النافلة وتقرأ قرآن وتأتي بالمستحبات، الإنسان الكبير لا يقدر تأديتها ”بشبابك قبل هرمك، بصحتك قبل سقمك“ ما دمت تقدر أن تقف وتصلي هذه نعمة، قبل أن تصلي وأنت على السرير، ”و بصحتك قبل سقمك، وبغناك قبل فقرك، وبحياتك قبل موتك“ ما دمت حيا إذا أنت صاحب فرصة فرصة آتية إذا لم تكتشف نفسك فيما مضى فاكتشفها فيما يأتي.

    تفرغ لبعض الوقت، تفرغ في بعض الأيام لأن تشتغل بنفسك باكتشافها باكتشاف ضعفها باكتشاف عيوبها باكتشاف نقائصها كي يكون ذلك منطلقا للوصول إلى الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ «18» وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ أي لم يكتشفوا أنفسهم، مرت السنين وهم ناسون غافلون.

    تراه بعد أربعين سنة تقول له ما صرت بعد أربعين سنة؟، يقول لك صرت دكتور، هذا ممتاز، وأنت ما صرت بعد أربعين سنة؟، أنا صرت تاجر، ممتاز، وأنت ما صرت بعد أربعين سنة؟، أنا صرت مثلا فقيه عالم ممتاز، لكن ليس هذا مو المطلوب، كل هذا لن تسأل عنه في قبرك، كل هذا لن يضيء لك قبرك، كل هذا لن يتحول إلى نور وشعاع في لحدك، كل هذا زينة الحياة الدنيا.


    إنما السؤال أنت بعد أربعين سنة هل اكتشفت نفسك؟، هذا هو السؤال أنا بعد أربعين سنة صرت دكتور وصرت مهندس وصرت تاجر وصرت وصرت صرت.. الخ، عنوان ”صرت“ لقب لا يفيد، السؤال الذي ينبغي أن تسأله نفسك: هل اكتشفت نفسك أم لا؟، تزوجت وأنجبت عيال واكتسبت ثروة لا يفيد، هل اكتشفت نفسك؟، هل عرفت نفسك؟، هل عرفت هذا الداخل قبل أن تعرف الخارج؟

    هذا كله من الخارج، الزوجة والأولاد والثروة والعلم والدراسة والعمل كل هذا خارج، نحن نريد الداخل، كيف تعرفت على الخارج قبل أن تتعرف على الداخل؟!، هل اكتشفت نفسك؟، فإذا اكتشف الإنسان نفسه اكتشافا وجدانيا اكتشف ربه اكتشافا وجدانيا وتبينت له الملازمة بين معرفة النفس ومعرفة الله ”من عرف نفسه فقد عرف ربه“ يعني من عرف محدودية نفسه معرفة وجدانية عرف اللامحدودية لربه معرفة أيضا وجدانية.

    وهذه المعرفة النفسية هي التي يتحدث عنها الأولياء وأهل بيت العصمة، هي التي يقول عنها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ”يا من دل على ذاته بذاته“، ”بك عرفتك وأن دللتني عليك“ يعني وصلت إليك وصولا وجدانيا من خلال نفسي لا من خلال أشياء أخرى ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾، ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ «20» وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾.


    التعديل الأخير تم بواسطة يازهراء; الساعة 19-04-2022, 02:37 AM.

  • #2
    لذلك الطريق لاكتشاف النفس ولمعرفة النفس هو إصلاحها وتهذيبها ”وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي“، وكما يذكر علماء هذا الفن وعلماء هذا الحقل هناك خمس مراحل: المراقبة، المحاسبة، المعاتبة، المحاربة، المواظبة.
    المرحلة الأولى: المراقبة.


    ماذا جالس أعمل أنا؟، أسأل نفسي هذا السؤال، ماذا جلس أعمل هذه الساعات التي تمر علي في الليل أو النهار؟، ماذا أصنع فيها، هل اغتبت فيها مؤمن؟، هل كذبت فيها على إنسان؟، هل ارتكبت معصية؟، هل اخطأت خطيئة؟، فليكن عندي مراقبة، مراجعة لجدول الأعمال.
    المرحلة الثانية: المحاسبة.


    حسنٌ، أنا الآن عرفت جدول أعمالي لكن لماذا فعلت هذا؟، فقط عرفت جدول أعمالي وانتهي كل شيء؟!، لابد أسأل السؤال الثاني لماذا فعلت ذلك؟، ما هو السبب؟، أنا تجرأت على هذه المعصية، تجرأت على أن أعق والدي، تجرأت على أن أغتاب المؤمن، تجرأت على أن أسمع الأغنية المطربة... وهكذا، لماذا؟، ما هي الفائدة؟، ما هي الجدوى؟، ما هي النتيجة من هذه المعصية؟

    ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ”حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا“، وورد عن الكاظم ”ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم فإن عمل حسنة استزاد الله وإن عمل سيئة استغفر الله“
    المرحلة الثالثة: مرحلة المعاتبة.


    أنا فعلت الرذيلة الآن، شخص يقول: مذا أعمل أنا؟!، دون العالم كل الناس تخلط وأنا خلطت مع الناس!، لا، لا يفيد هذا، فهي ليست معاتبة، إنسان آخر يقول هذا خطأ بسيط ليس سوى يوم!، يوم خلطت فيه غلط بسيط!، لا هذا ليس معاتبة أيضا.

    ”إن المنافق - كما في الحديث - إذا أنذب كان ذنبه كذبابة مرت على أنفه فأطارها - انتهي المحذور - وأما المؤمن فإنه إذا أذنب كان ذنبه أشد من جبل أبي قبيس على صدره“، إذا أذنب تضيق به الدنيا يسوّد في عينه الأفق، تظلم في عينه الدنيا تراه لا يطيق أن يأكل، لا يطيق أن يتكلم، لا يطيق أن يضحك، لأنه أذنب، لأنه شعر بلسعة الذنب ووخزته ولا يفتأ يستغفر الله ولا يفتأ يكبر الله ولايفتأ يتضرع إلى الله.

    هذه هي المعاتبة، المعاتبة التوبيخ والإلحاح في التوبيخ، والإصرار في التوبيخ ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ «1» وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ لوم النفس على ما صنعت.
    المرحلة الرابعة: المحاربة.


    أنا الآن ارتكبت الخطيئة وأنّبت نفسي ووبختها، لكن يجب علي أن أكون حذر في الأيام القادمة، لا أعود إلى العمل مرة ثانية، أتعلم من أخطائي العاقل من يتعلم من الخطأ ويستفيد، فأكون حذر أنا في الأيام القادمة أن لا أعود إلى هذا الخطأ مرة أخرى، كل أسباب الخطأ أبتعد عنها، كل المغريات كل الإثارات.

    المجلس الذي يجرني إلى الذنب أتركه، الصديق الذي يجرني إلى الذنب أتركه، كل إثارة، كل إغراء يجرني إلى الذنب أبتعد عنه، ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا «28» لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾، ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله ”أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه“.
    المرحلة الخامسة: المواظبة.


    المواظبة على العمل الصالح إلى أن يصبح العمل الصالح ملكة، كيف الإنسان الغضوب يتعلم الحلم إلى أن يصبح الحلم ملكة له، كيف الإنسان يتعلم الشجاعة إلى أن تصير الشجاعة ملكة له؟، أيضا أنت تتجاوز السيئات أتعود على الصالحات إلى أن يصبح العمل الصالح ملكة لك ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ أرض طيبة دائما تثمر أعمال صالحة، ﴿وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا﴾، فهناك خمس مراحل تمر بها النفس في إصلاح ذاتها وتهذيبها.
    التعديل الأخير تم بواسطة يازهراء; الساعة 19-04-2022, 02:35 AM.

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X