بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْمُ عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
اٰللـــٌٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْمُ عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
الحَديثُ عَنْ أميرِ المؤمنينَ(عَلَيْهِ السَّلَامُ) حديثٌ ذو شُجونٍ فَكيفَ إذا كَانَ عَنْ مَوعدِ الرَحيلِ لِلِقاءِ المَعشوقِ الأوحدِ مِنْ خلالِ ضَربةِ شَقيٍ [عبدُ الرَّحمَانِ بنَ مُلْجِم] أرادَ رَضَا الشَّيطانِ بقتلِ ولي اللهِ في أرْضِهِ عَلَى حِسابِ سَخطِ الرَّحمانِ ، وجُلُّنا لايحبُ أنْ يَرَى ذَلكَ اللِّقاءِ ؛ لإنَّهُ يَدُ إنقطاعِ الوجودِ الدُّنيَويِّ لَنَا ، لكنَّهُ عِندَ أميرِ المؤمنينَ مَوعدٌ طالَ إنتظارُهُ وظَمأٌ أصابَ رُوحَهُ فَتَعطشتْ لَهُ وشُجونٌ تَتَحدثُ بِهَا نَفسُهُ (فَتَعَاهَدُوا عِبَادَ اللَّهِ نِعَمَهُ بِإِصْلَاحِكُمْ أَنْفُسَكُمْ تَزْدَادُوا يَقِيناً وَ تَرْبَحُوا نَفِيساً ثَمِيناً) ميزانُ الحِكمَةِ، مُحَمَّدُ الرَيشَهري، ج 10، ص790، ح 22724 ، ولَوعَةٌ عَاشَهَا قَلبُهُ المُفعَمُ بِالحُبِّ لِخَالِقِهِ (أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ، وَأَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ، وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ، وَنَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ) ميزانُ الحِكمَةِ، مُحَمَّدُ الرَيشَهري ، ج 10، ص 773، ح 22609 ، ويقينٌ حمله على مَرِّ أيامه ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾سُورةُ الوَاقِعَةِ ، الآية :95، كيفَ لَا وَهوَ عَليُّ بنَ أَبي طَالبٍ(عَلَيْهِ السَّلَامُ) الّذي قالَ : (لَوْ كُشِفَ اَلْغِطَاءُ مَا اِزْدَدْتُ يَقِيناً) مناقبُ آلِ أبي طَالبٍ لإبنِ شَهرِ آشُوب: ج1، ص317
وفي اللَّيلةِ التَاسِعَةِ عَشَرِ مِنْ شَهرِ رَمضانَ خَرجَ أميرُ المؤمنينَ(عَلَيْهِ السَّلَامُ) إلَى المَسجِدِ مُستَبشِراً: (إنّهَا لَيلةُ الوَعدِ النَّبويِّ في لِقاءِ اللهِ ، لِذا فإنَّهُ حِينَمَا شَعَرَ بِضربةِ السَّيفِ عَلَى رأسِهِ قالَ: "فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ" ثُمَّ قالَ بَعدَهَا:وَاللهِ مَا فَجَأَنِي مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ، وَلاَ طَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ، وَمَا كُنْتُ إِلاَّ كَقَارِب وَرَدَ، وَطَالِبٍ وَجَدَ، {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}سُورَةُ آلِ عِمرانٍ الآية 198) الإمامُ عَليٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، نَهجُ البَلاغَةِ، ج3، ص21
كانَ أميرُ المؤمنينُ(عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالكوفةِ إذا صَلَّى العِشاءَ الآخرةَ ، يُنادِي الناسَ – ثلاثَ مرّاتٍ – حَتَى يُسمِعَ أهلَ المَسْجِدِ:
(أيُّهَا النَّاسُ !..تَجهَّزوا رَحِمِكُمُ اللهُ فَقدْ نُودِيَ فِيكُمُ بالرحيلِ ، فَمَا التَعرُّجُ عَلَى الدُّنيَا بَعدَ نِداءٍ فيها بِالرحيلِ ؟ !...
تَجَهَّزوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ ! فقد نُودِيَ فيكُم بالرَّحيلِ ، وأقِلّوا العُرْجَةَ علَى الدّنيا ، وانقَلِبوا بصالِحِ ما بحَضرَتِكُم مِن الزّادِ ؛ فإنّ أمامَكُم عَقَبَةً كَؤوداً ، ومَنازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً ، لَا بُدَّ مِنَ الْوُرُودِ عَلَيْهَا وَالْوُقُوفِ عِنْدَهَا ، فإمّا بِرحمةٍ مِنَ اللهِ فَنجاةٌ مِنْ هَولِهَا ، وعِظَمِ خَطَرِهَا ، وَفَظاعةِ مَنْظَرِهَا ، وَشدَّةِ مُختَبَرِهَا ، وإمّا بِهلكَةٍ ليسَ بَعدَهَا إنْجِبَارٍ) أمالي الصدوق ص298
سِرُّ عليٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَعَ المَوتِ ؟ والجَوابُ هوَ:- اليقين بالموت وما بعد.......
كُلُّنَا مُتيقّنٌ أنَّ المَوتَ قَادِمٌ لَا مَحالةَ، وأنَّهُ لَا مَفرَّ مِنْهُ لِكُلِّ إنسانٍ مَهمَا طَالَ عُمْرُهُ، إلاَّ أنَّ التَعاملَ مَعَ المَوتِ عِنْدَ أكْثَرِ النَّاسِ ليسَ تَعَامُلاً عَلَى أساسِ أنَّهُ يَقينٌ مُقبلٌ، بَلْ إنَّ أعْمَالَ أكْثَرِ النَّاسِ تُوحِي أنَّهُمُ لَا يعتقدونَ بِالموتِ، مَعَ أنَّهُمُ يَعتقدونَ بِهِ، إلاَّ أنَّهُمُ لَا يَتفاعلونَ مَعَ هَذا الإعتقادُ، وَقدْ عَبَّرَ الإمامُ عَليٍّ(عَلَيْهِ السَّلَامُ)عَنْ هذهِ الحَقيقَةِ بِقولِهِ: (لَمْ أَرَ يَقِينَاً لَا شَكَّ فِيِهِ صَارَ كَشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيِهِ كَالْمَوتِ) إبنُ طَّاووسٍ، فَلاحُ السَائِلِ، ص62 .
وَيُرجِعُ بَعضُ العُلمَاءِ هَذا الأمرُ إلَى أنَّ اليَقِينَ بِالموتِ عِندَ النَّاسِ هوَ في دَائرَةِ المَعرفَةِ العَقْليَّةِ الّتي قَدْ لَا يَتفاعلُ الإنسانُ مَعَهَا عَلَى مُستَوَى التَسليمِ العَمليِ والسَيرِ والسُلوكِ، وَهيَ مِنْ قَبيلِ قَولَهُ تَعالَى: ﴿جَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ﴾ سُورَةُ النَّمْلِ، الآية 14.
لَمْ يَقتصرُ الإمامُ عَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلَامُ)عَلَى الحَديثِ عَنْ مَعرِفَتِهِ وَعَقيدَتِهِ وَيَقينِهِ بِالموتِ، بَلْ تَحَدّثَ عَنْ أُنْسِهِ بِهِ فَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (وَاَللَّهِ لاَبْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ اَلطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ) نَهجُ البَلاغَةِ - خُطَبُ الإمامِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) - ج ١ - الصفحة ٤١
إنَّهُ حَديثٌ لَيسَ عَنْ قبولِ الموتِ، والإستعدادِ والعملِ لَهُ، بَلْ عَنِ الأُنسِ بِهِ
وَلِذا حِينَمَا شَكَا لِرسولِ اللهِ(صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وآلِهِ وسَلّم) عَدمَ شَهادَتِهِ قَائِلاً: ( يَا رَسُولُ اَللَّهِ أَوَ لَيْسَ قَدْ قُلْتَ لِي يَوْمَ أُحُدٍ حَيْثُ اُسْتُشْهِدَ مَنِ اُسْتُشْهِدَ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ حِيزَتْ عَنِّي اَلشَّهَادَةُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَقُلْتَ لِي أَبْشِرْ فَإِنَّ اَلشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ ،
فَقَالَ لِي إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذاً ؟ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ لَيْسَ هَذَا مِنْ مَوَاطِنِ اَلصَّبْرِ وَ لَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ اَلْبُشْرَى وَ اَلشُّكْرِ) ، لِذَا كَانَتْ أَوَلُ كَلمةٍ لَهُ بَعدَ ضَربَةِ السَّيفِ [فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ]. فَسَلامٌ عَلَيْهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ ويومَ أُسْتُشهِدَ وَيَومَ يُبْعَثُ حَيَاً ، وأعظمَ اللهُ أجْرَ مَولانَا صَاحِبَ العَصرِ والزَمانِ واُجُورَكُم بِذكرى ضَرْبَتِه في مِحرابِه واستِشهَادِهِ .
تعليق