بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
آخر خطبة خطبها أمير المؤمنين عليه السلام في جيوش المسلمين وفيها يستعجل الموت وكأنه ينعى نفسه، .
خطبها وهو قائم على حجارة، نصبها له جَعْدَة بن هُبَيْرة المخزومي،وعليه مِدْرَعَةٌ من صُوف وحمائل سيفه لِيفٌ، وفي رجليه نعلان من لِيف، وكأنّ جبينه ثَفِنَةُ بعير، فقال:
الْحَمْدُ لله الَّذِي إلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ، وَعَوَاقِبُ الاَْمْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ، وَنَيِّرِ بُرْهَانِهِ، وَنَوَامِي فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ، حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّهِ قَضَاءً، وَلِشُكْرِهِ أَدَاءً، وَإلَى ثَوَابِهِ مُقَرِّباً، إلى أن قال :
فَلَوْ أَنَّ أَحَداً يَجِدُ إلَى الْبَقَاءِ سُلَّماً، أَوْ لِدَفْعِ الْمَوْتِ سَبِيلاً، لَكَانَ ذلِكَ سُلَيْمانُ بْنُ دَاوُدَ(عليه السلام)، الَّذِي سُخِّرَ لَهُ مُلْكُ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ، مَعَ النُّبُوَّهِ وَعَظِيمِ الزُّلْفَةِ، فَلَمَّا اسْتَوْفَى طُعْمَتَهُ، وَاسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ، رَمَتْهُ قِسِيُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ المَوْتِ، وَأَصْبَحَتِ الدِّيَارُ مِنْهُ خَالِيَةً، وَالْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً، وَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ، وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ لَعِبْرَةً!
أَيْنَ الْعَمَالِقَةُ وَأَبْنَاءُ آلْعَمَالِقَةِ! أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ وَأَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ! أَيْنَ أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسِّ الَّذِينَ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ، وَأَطْفَأُوا سُنَنَ الْمُرْسَلِينَ، وَأَحْيَوْا سُنَنَ الْجَبَّارِينَ!
أَيْنَ الَّذِينَ سَارُوا بِالْجُيُوشِ، وَهَزَمُوا الاُلُوفَ، وَعَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ، وَمَدَّنُوا الْمَدَائِنَ؟!إلى أن قال(عليه السلام):
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ بَثَثْتُ لَكُمُ الْمَوَاعِظَ الَّتِي وَعَظَ بِهَا الاَْنْبِيَاءُ أُمَمَهُمْ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْكُمْ مَا أَدَّتِ الاَْوصِيَاءُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَأَدَّبْتُكُمْ بِسَوْطِي فَلَمْ تَسْتَقِيمُوا، وَحَدَوْتُكُمْ بالزَّوَاجِرِ فَلَمْ تَسْتَوْسِقُوا. لله أَنْتُمْ! أَتَتَوَقَّعُونَ إِمَاماً غَيْرِي يَطَأُ بِكُمُ الطَّرِيقَ، وَيُرْشِدُكُمُ السَّبِيلَ؟أَلاَ إِنَّهُ قَدْ أَدْبَرَ مِنَ الدُّنْيَا مَا كَانَ مُقْبِلاً، وَأَقْبَلَ مِنْهَا مَا كَانَ مُدْبِراً، وَأَزْمَعَ التَّرْحَالَ عِبَادُاللهِ الاَْخْيَارُ، وَبَاعُوا قَلِيلاً مِنَ الدُّنْيَا لاَ يَبْقَى، بِكَثِير مِنَ الاْخِرَةِ لاَيَفْنَى.مَا ضَرَّ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ ـ وَهُمْ بِصِفِّينَ ـ أَلاَّ يَكُونُوا الْيَوْمَ أَحْيَاءً؟ يُسِيغُونَ الْغُصَصَ، وَيَشْرَبُونَ الرَّنْقَ! قَدْ ـ وَاللهِ ـ لَقُوا اللهَ فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ، وَأَحَلَّهُمْ دَارَ الاَْمْنِ بَعْدَ خَوْفِهمْ.أَيْنَ إِخْوَانِي الَّذِينَ رَكِبُوا الطَّريقَ، وَمَضَوْا عَلَى الْحَقِّ؟ أَيْنَ عَمَّارٌ؟ وَأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ؟ وَأَيْنَ ذُوالشَّهَادَتَيْنِ؟ وَأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ، وَأُبْرِدَ بِرُؤوسِهِمْ إِلَى الْفَجَرَةِ؟قال: ثمّ ضرب(عليه السلام) بيده إلى لحيته، فأطال البكاء، ثمّ قال:أَوْهِ عَلَى إِخْوَانِي الَّذِينَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ، وَتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوهُ، أَحْيَوُا السُّنَّةَ، وَأمَاتُوا الْبِدْعَةَ، دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا، وَوَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوا.ثمّ نادى بأعلى صوته:الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللهِ! أَلاَ وَإِنِّي مُعَسْكِرٌ فِي يَوْمي هذَا، فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى اللهِ فَلْيَخْرُجْ.قال نوْفٌ: وعقد للحسين(عليه السلام) في عشرة آلاف، ولقيس بن سعد في عشرة آلاف، ولابي أيوب الانصاري في عشرة آلاف، ولغيرهم على أعداد أخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين، فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه الله، فتراجعت العساكر، فكنّا كأغنام فقدت راعيها، تختطفها الذئاب من كل مكان!
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
آخر خطبة خطبها أمير المؤمنين عليه السلام في جيوش المسلمين وفيها يستعجل الموت وكأنه ينعى نفسه، .
خطبها وهو قائم على حجارة، نصبها له جَعْدَة بن هُبَيْرة المخزومي،وعليه مِدْرَعَةٌ من صُوف وحمائل سيفه لِيفٌ، وفي رجليه نعلان من لِيف، وكأنّ جبينه ثَفِنَةُ بعير، فقال:
الْحَمْدُ لله الَّذِي إلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ، وَعَوَاقِبُ الاَْمْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ، وَنَيِّرِ بُرْهَانِهِ، وَنَوَامِي فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ، حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّهِ قَضَاءً، وَلِشُكْرِهِ أَدَاءً، وَإلَى ثَوَابِهِ مُقَرِّباً، إلى أن قال :
فَلَوْ أَنَّ أَحَداً يَجِدُ إلَى الْبَقَاءِ سُلَّماً، أَوْ لِدَفْعِ الْمَوْتِ سَبِيلاً، لَكَانَ ذلِكَ سُلَيْمانُ بْنُ دَاوُدَ(عليه السلام)، الَّذِي سُخِّرَ لَهُ مُلْكُ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ، مَعَ النُّبُوَّهِ وَعَظِيمِ الزُّلْفَةِ، فَلَمَّا اسْتَوْفَى طُعْمَتَهُ، وَاسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ، رَمَتْهُ قِسِيُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ المَوْتِ، وَأَصْبَحَتِ الدِّيَارُ مِنْهُ خَالِيَةً، وَالْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً، وَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ، وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ لَعِبْرَةً!
أَيْنَ الْعَمَالِقَةُ وَأَبْنَاءُ آلْعَمَالِقَةِ! أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ وَأَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ! أَيْنَ أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسِّ الَّذِينَ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ، وَأَطْفَأُوا سُنَنَ الْمُرْسَلِينَ، وَأَحْيَوْا سُنَنَ الْجَبَّارِينَ!
أَيْنَ الَّذِينَ سَارُوا بِالْجُيُوشِ، وَهَزَمُوا الاُلُوفَ، وَعَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ، وَمَدَّنُوا الْمَدَائِنَ؟!إلى أن قال(عليه السلام):
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ بَثَثْتُ لَكُمُ الْمَوَاعِظَ الَّتِي وَعَظَ بِهَا الاَْنْبِيَاءُ أُمَمَهُمْ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْكُمْ مَا أَدَّتِ الاَْوصِيَاءُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَأَدَّبْتُكُمْ بِسَوْطِي فَلَمْ تَسْتَقِيمُوا، وَحَدَوْتُكُمْ بالزَّوَاجِرِ فَلَمْ تَسْتَوْسِقُوا. لله أَنْتُمْ! أَتَتَوَقَّعُونَ إِمَاماً غَيْرِي يَطَأُ بِكُمُ الطَّرِيقَ، وَيُرْشِدُكُمُ السَّبِيلَ؟أَلاَ إِنَّهُ قَدْ أَدْبَرَ مِنَ الدُّنْيَا مَا كَانَ مُقْبِلاً، وَأَقْبَلَ مِنْهَا مَا كَانَ مُدْبِراً، وَأَزْمَعَ التَّرْحَالَ عِبَادُاللهِ الاَْخْيَارُ، وَبَاعُوا قَلِيلاً مِنَ الدُّنْيَا لاَ يَبْقَى، بِكَثِير مِنَ الاْخِرَةِ لاَيَفْنَى.مَا ضَرَّ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ ـ وَهُمْ بِصِفِّينَ ـ أَلاَّ يَكُونُوا الْيَوْمَ أَحْيَاءً؟ يُسِيغُونَ الْغُصَصَ، وَيَشْرَبُونَ الرَّنْقَ! قَدْ ـ وَاللهِ ـ لَقُوا اللهَ فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ، وَأَحَلَّهُمْ دَارَ الاَْمْنِ بَعْدَ خَوْفِهمْ.أَيْنَ إِخْوَانِي الَّذِينَ رَكِبُوا الطَّريقَ، وَمَضَوْا عَلَى الْحَقِّ؟ أَيْنَ عَمَّارٌ؟ وَأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ؟ وَأَيْنَ ذُوالشَّهَادَتَيْنِ؟ وَأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ، وَأُبْرِدَ بِرُؤوسِهِمْ إِلَى الْفَجَرَةِ؟قال: ثمّ ضرب(عليه السلام) بيده إلى لحيته، فأطال البكاء، ثمّ قال:أَوْهِ عَلَى إِخْوَانِي الَّذِينَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ، وَتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوهُ، أَحْيَوُا السُّنَّةَ، وَأمَاتُوا الْبِدْعَةَ، دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا، وَوَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوا.ثمّ نادى بأعلى صوته:الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللهِ! أَلاَ وَإِنِّي مُعَسْكِرٌ فِي يَوْمي هذَا، فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى اللهِ فَلْيَخْرُجْ.قال نوْفٌ: وعقد للحسين(عليه السلام) في عشرة آلاف، ولقيس بن سعد في عشرة آلاف، ولابي أيوب الانصاري في عشرة آلاف، ولغيرهم على أعداد أخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين، فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه الله، فتراجعت العساكر، فكنّا كأغنام فقدت راعيها، تختطفها الذئاب من كل مكان!
تعليق