وقد حظيت هذه الليلة من رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام بعناية لم تحظ بها أي ليلة على الإطلاق،
فقد روي عن أمير المؤمنين " صلوات الله عليه" أن رسول الله صلى الله عليه وآله، كان ".."
• يوقظ أهله ليلة ثلاث وعشرين، وكان يرش وجوه النيام بالماء، في تلك الليلة،
• وكانت فاطمة عليها السلام، لا تدع أحداً من أهلها ينام تلك الليلة، وتداويهم بقلة الطعام، وتتأهب لها من النهار،
○ وتقول : محروم من حرم خيرها ".
إنها ليلة الجُهَني.
بهذا الإسم عرفت عبر القرون وما تزال، تمييزاً لها عما سواها، وشداً للإنتباه لاستثمار كل لحظة من لحظاتها العظيمة.
ما المراد بالجُهَني؟
كان بالقرب من المدينة مؤمن من قبيلة جُهَينة، وكانت له إبلٌ وأغنام لا يستطيع أن يتركها ليدخل إلى المدينة المنورة ثلاث مرات لإحياء ليالي القدر،
• فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في محضر من المسلمين أن يحدد له ليلة يدخل المدينة فيها لإحيائها بالتهجد والعبادة، فأسرّ إليه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم الجواب.
و النتيجة أن الحاضرين قد سمعوا السؤال ولم يسمعوا الجواب، إلا أن هذا الجُهني – وهي النسبة إلى قبيلته جهينة- كان يشاهَد في ما بعد يدخل إلى المدينة في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك، وقد ربط المسلمون بين السؤال وما التزم به الجهني، فسُمّيت هذه الليلة بليلة الجُهَني.
ولابد من ملاحظة أمور:
1- اسم الجهني : "عبد الرحمن بن أنيس الأنصاري".
2- خبر الجهني مروي عن الإمام الباقر عليه السلام،
○ قال الراوي:
" سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
• إن الجهني أتى إلى رسول صلى الله عليه وآله فقال له: يا رسول الله إن لي إبلاً وغنما وغلمة، فاحب أن تأمرني ليلة أدخل فيها فأشهد الصلاة و ذلك في شهر رمضان، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فساره في أذنه.
○ قال : فكان الجهني إذا كانت ليلة ثلاث وعشرين دخل بإبله وغنمه وأهله وولده وغلمته، فكان تلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين بالمدينة،
• فإذا أصبح خرج بأهله وغنمه وإبله إلى مكانه".
3- قال الشيخ الطوسي: " وإنما لم تعين هذه الليلة ليتوفر العباد على العمل في سائر الليالي".
ولدى الرجوع إلى روايات ليلة القدر يتضح أن هدف المعصوم عليه السلام، التوجيه إلى الإهتمام بليالي القدر الثلاث، كل منها بما يناسبها، وهو يستدعي عدم التصريح بما يؤدي إلى ترك الإهتمام بليلتين والتركيز على ليلة واحدة، لأن ذلك يحرم الأمة من خير كثير .
ومن ذلك قول الراوي: قلت لأبي جعفر عليه السلام : أخبرني عن ليلة القدر، قال :
• التمسها في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ،
○ فقلت : أفردها لي ، فقال : وما عليك أن تجتهد في ليلتين.
وقال السيد ابن طاوس:
• " إعلم أن هذه الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان، وردت أخبار صريحة بأنها ليلة القدر على الكشف والبيان.
ثم ذكر الروايات التالية:
1- قال(الراوي) : قلت لأبي عبد الله عليه السلام أفرد لي ليلة القدر
○ قال : ليلة ثلاث وعشرين.
2- ومن ذلك بأسنادنا إلى ضمرة الأنصاري، عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول:
• ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرون".
3 _ عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام قال :
• إن ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان هي ليلة الجهني.
• فيها يفرق كل أمر حكيم.
• وفيها تثبت البلايا والمنايا والآجال والأرزاق والقضايا وجميع ما يحدث الله فيها إلى مثلها من الحول..".
راجع :
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 95 - الصفحة 160
مجمع البحرين : 6 / 230 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي
مستدرك وسائل الشيعة ِ : 7 / 469 ، للشيخ المحدث النوري
تهذيب الأحكام : 4 / 330 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
تعليق