بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قصة التآمر على قتل نبي الله " صالح " من قبل تسعة " رهط " من المنافقين والكفار،
يذكر القران الكريم (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون).
أن " الرهط " يعني في اللغة الجماعة التي تقل عن العشرة أو تقل عن الأربعين، فإنه يتضح أن كلا من المجموعات الصغيرة التسع كان لها منهج خاص، وقد اجتمعوا على أمر واحد، وهو الإفساد في الأرض والاخلال بالمجتمع (ونظامه الاجتماعي) ومبادئ العقيدة والأخلاق فيه.
وجملة " لا يصلحون " تأكيد على هذا الأمر، لأن الإنسان قد يفسد في بعض الحالات ثم يندم ويتوجه نحو الإصلاح.. إن المفسدين الواقعيين ليسوا كذلك، فهم يواصلون الفساد والإفساد ولا يفكرون بالإصلاح!.
وخاصة أن الفعل في الجملة " يفسدون " فعل مضارع، وهو يدل على الاستمرار، فمعناه أن إفسادهم كان مستمرا... وكل رهط من هؤلاء التسعة كان له زعيم وقائد... ويحتمل أن كلا ينتسب إلى قبيلة!.
ولا ريب أن ظهور " صالح " بمبادئه السامية قد ضيق الخناق عليهم، ولذلك تقول الآية التالية في حقهم: قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون.
" تقاسموا " فعل أمر، أي اشتركوا جميعا في اليمين، وتعهدوا على هذه المؤامرة الكبرى تعهدا لا عودة فيه ولا انعطاف!.
الطريف أن أولئك كانوا يقسمون بالله، ويعني هذا أنهم كانوا يعتقدون بالله، مع أنهم يعبدون الأصنام، وكانوا يبدأون باسمه في المسائل المهمة.. كما يدل هذا الأمر على أنهم كانوا في منتهى الغرور و " السكر " بحيث يقومون بهذه الجناية الكبرى على اسم الله وذكره!! فكأنهم يريدون أن يقوموا بعبادة أو خدمة مقبولة...
إلا أن هذا نهج الغافلين المغرورين الذين لا يعرفون الله والضالين عن الحق.
وكلمة " لنبيتنه " مأخوذة من - " التبييت "، ومعناه الهجوم ليلا، وهذا التعبير يدل على أنهم كانوا يخافون من جماعة صالح وأتباعه، ويستوحشون من قومه..
لذلك ومن أجل أن يحققوا هدفهم ولا يكونوا في الوقت ذاته مثار غضب أتباع صالح، اضطروا إلى أن يبيتوا الأمر، واتفقوا أن لو سألوهم عن مهلك النبي - لأنهم كانوا معروفين بمخالفته من قبل - حلفوا بأن لا علاقة لهم بذلك الأمر، ولم يشهدوا الحادثة أبدا.
جاء في التواريخ أن المؤامرة كانت بهذه الصورة، وهي أن جبلا كان في طرف المدينة وكان فيه غار يتعبد فيه صالح، وكان يأتيه ليلا بعض الأحيان يعبد الله فيه ويتضرع إليه، فصمموا على أن يكمنوا له هناك ليقتلوه عند مجيئه في الليل، ويحملوا على بيته بعد استشهاده ثم يعودوا إلى بيوتهم، وإذا سئلوا أظهروا جهلهم وعدم معرفتهم بالحادث.
فلما كمنوا في زاوية واختبأوا في ناحية من الجبل انثالت صخور من الجبل تهوي إلى الأرض، فهوت عليهم صخرة عظيمة فأهلكتهم في الحال!
لذلك يقول القرآن في الآية التالية: ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون.
ثم يضيف قائلا: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرنا هم وقومهم أجمعين.
وكلمة (مكر) - كما بيناها سابقا - تستعملها العرب في كل حيلة وتفكير للتخلص أو الاهتداء إلى أمر ما.. ولا تختص بالأمور التي تجلب الضرر، بل تستعمل بما يضر وما ينفع.. فيصح وصف المكر بالخير إذا كان لما ينفع، ووصفه بالسوء إذا كان لما يضر.. قال سبحانه: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.
وقال: ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله! " فتأملوا بدقة .
المصدر / الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٢ - الصفحة ٩٢
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قصة التآمر على قتل نبي الله " صالح " من قبل تسعة " رهط " من المنافقين والكفار،
يذكر القران الكريم (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون).
أن " الرهط " يعني في اللغة الجماعة التي تقل عن العشرة أو تقل عن الأربعين، فإنه يتضح أن كلا من المجموعات الصغيرة التسع كان لها منهج خاص، وقد اجتمعوا على أمر واحد، وهو الإفساد في الأرض والاخلال بالمجتمع (ونظامه الاجتماعي) ومبادئ العقيدة والأخلاق فيه.
وجملة " لا يصلحون " تأكيد على هذا الأمر، لأن الإنسان قد يفسد في بعض الحالات ثم يندم ويتوجه نحو الإصلاح.. إن المفسدين الواقعيين ليسوا كذلك، فهم يواصلون الفساد والإفساد ولا يفكرون بالإصلاح!.
وخاصة أن الفعل في الجملة " يفسدون " فعل مضارع، وهو يدل على الاستمرار، فمعناه أن إفسادهم كان مستمرا... وكل رهط من هؤلاء التسعة كان له زعيم وقائد... ويحتمل أن كلا ينتسب إلى قبيلة!.
ولا ريب أن ظهور " صالح " بمبادئه السامية قد ضيق الخناق عليهم، ولذلك تقول الآية التالية في حقهم: قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون.
" تقاسموا " فعل أمر، أي اشتركوا جميعا في اليمين، وتعهدوا على هذه المؤامرة الكبرى تعهدا لا عودة فيه ولا انعطاف!.
الطريف أن أولئك كانوا يقسمون بالله، ويعني هذا أنهم كانوا يعتقدون بالله، مع أنهم يعبدون الأصنام، وكانوا يبدأون باسمه في المسائل المهمة.. كما يدل هذا الأمر على أنهم كانوا في منتهى الغرور و " السكر " بحيث يقومون بهذه الجناية الكبرى على اسم الله وذكره!! فكأنهم يريدون أن يقوموا بعبادة أو خدمة مقبولة...
إلا أن هذا نهج الغافلين المغرورين الذين لا يعرفون الله والضالين عن الحق.
وكلمة " لنبيتنه " مأخوذة من - " التبييت "، ومعناه الهجوم ليلا، وهذا التعبير يدل على أنهم كانوا يخافون من جماعة صالح وأتباعه، ويستوحشون من قومه..
لذلك ومن أجل أن يحققوا هدفهم ولا يكونوا في الوقت ذاته مثار غضب أتباع صالح، اضطروا إلى أن يبيتوا الأمر، واتفقوا أن لو سألوهم عن مهلك النبي - لأنهم كانوا معروفين بمخالفته من قبل - حلفوا بأن لا علاقة لهم بذلك الأمر، ولم يشهدوا الحادثة أبدا.
جاء في التواريخ أن المؤامرة كانت بهذه الصورة، وهي أن جبلا كان في طرف المدينة وكان فيه غار يتعبد فيه صالح، وكان يأتيه ليلا بعض الأحيان يعبد الله فيه ويتضرع إليه، فصمموا على أن يكمنوا له هناك ليقتلوه عند مجيئه في الليل، ويحملوا على بيته بعد استشهاده ثم يعودوا إلى بيوتهم، وإذا سئلوا أظهروا جهلهم وعدم معرفتهم بالحادث.
فلما كمنوا في زاوية واختبأوا في ناحية من الجبل انثالت صخور من الجبل تهوي إلى الأرض، فهوت عليهم صخرة عظيمة فأهلكتهم في الحال!
لذلك يقول القرآن في الآية التالية: ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون.
ثم يضيف قائلا: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرنا هم وقومهم أجمعين.
وكلمة (مكر) - كما بيناها سابقا - تستعملها العرب في كل حيلة وتفكير للتخلص أو الاهتداء إلى أمر ما.. ولا تختص بالأمور التي تجلب الضرر، بل تستعمل بما يضر وما ينفع.. فيصح وصف المكر بالخير إذا كان لما ينفع، ووصفه بالسوء إذا كان لما يضر.. قال سبحانه: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.
وقال: ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله! " فتأملوا بدقة .
المصدر / الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٢ - الصفحة ٩٢
تعليق