بسم الله الرحمن الرحيم
وهنا قد يقول قائل: ألا ينافي هذا قوله تعالى: ((وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ...))[4]، وقوله: ((وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً...))[5].
فقد أجازت هذه الآيات الكريمة الرجوع الى الكتب السماوية الأخرى كالتوراة والأنجيل، مما يعزز القول بجواز التدين بباقي الديانات كاليهودية والنصرانية؟
والجواب اجمالاً ان هناك فرق بين الدين والشريعة فقد اجاز القرآن تعدد الشرائع وقد نزلت شرائع سماوية متعددة إلا انه لم ينزل من السماء إلا دين واحد وهو الإسلام وهذا يستدعي تقديم مقدمة نبين فيها الفرق بين الأمرين:
فقد صرح المفسرون ان مراد الحق تبارك وتعالى من الدين في الآيات المتقدمة هو مجموع العقيدة اي الجانب النظري من الإسلام الذي يلزم الأيمان به بينما المراد من الشريعة هي العبادات والمعاملات وبعبارة اوضح: ان الدين في الآية هو العقائد والشريعة في الآية هي الفقه.
فالعقيدة المعتبر عند الله تبارك وتعالى منذ نزول آدم الى يوم الوقت المعلوم هي هذه العقيدة التي ن}من بها اليوم، نعم كانت الشرائع متعددة فققه كل قوم وكل فترة زمانية مختلف عن غيره.
قال الراغب في المفردات:، الشرع نهج الطريق الواضح يقال: شرعت له طريقا و الشرع مصدر ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له: شرع و شرع و شريعة، و استعير ذلك للطريقة الإلهية قال: "شرعة و منهاجا" - إلى أن قال - قال بعضهم: سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء انتهى.
و لعل الشريعة بالمعنى الثاني مأخوذ من المعنى الأول لوضوح طريق الماء عندهم بكثرة الورود و الصدور.
[1]آل عمران: 19.
[2]آل عمران: 85.
[3] البقرة: 132-133.
[4]المائدة: 43.
[5]المائدة: 47-48.