ثم ان الاختلاف انما يتحقق في الشرائع لا في الدين فالدين واحد لا يتغير وانما النسخ في الشريعة وهذا يستدعي بيان الفرق بينهما:
يقول صاحب الميزان (ره) في بيان الفرق بين الدين والشريعة:
فنسبة الشرائع الخاصة إلى الدين - و هو واحد و الشرائع تنسخ بعضها بعضا - كنسبة الأحكام الجزئية في الإسلام فيها ناسخ و منسوخ إلى أصل الدين، فالله سبحانه لم يتعبد عباده إلا لدين واحد و هو الإسلام له إلا أنه سلك بهم لنيل ذلك مسالك مختلفة و سن لهم سننا متنوعة على حسب اختلاف استعداداتهم و تنوعها، و هي شرائع نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد صلى الله عليه و آله و عليهم كما أنه تعالى ربما نسخ في شريعة واحدة بعض الأحكام ببعض لانقضاء مصلحة الحكم المنسوخ و ظهور مصلحة الحكم الناسخ كنسخ الحبس المخلد في زنا النساء بالجلد و الرجم و غير ذلك، و يدل على ذلك قوله تعالى: ((لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ))الآية[1].
و أما الملة فكان المراد بها السنة الحيوية المسلوكة بين الناس، و كان فيها معنى الإملال و الإملاء فيكون هي الطريقة المأخوذة من الغير، و ليس الأصل في معناه واضحا ذاك الوضوح، فالأشبه أن تكون مرادفة للشريعة بمعنى أن الملة كالشريعة هي الطريقة الخاصة بخلاف الدين، و إن كان بينهما فرق من حيث إن الشريعة تستعمل فيها بعناية أنها سبيل مهده الله تعالى لسلوك الناس إليه، و الملة إنما تطلق عليها لكونها مأخوذة عن الغير بالإتباع العملي، و لعله لذلك لا تضاف إلى الله سبحانه كما يضاف الدين و الشريعة، يقال: دين الله و شريعة الله، و لا يقال: ملة الله.
بل إنما تضاف إلى النبي مثلا من حيث إنها سيرته و سنته أو إلى الأمة من جهة أنهم سائرون مستنون به، قال تعالى: ((مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ))[2]، و قال تعالى حكاية عن يوسف (عليه السلام): إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ...الآية))[3]، و قال تعالى حكاية عن الكفار في قولهم لأنبيائهم: ((لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ..الآية))[4].
فقد تلخص أن الدين في عرف القرآن أعم من الشريعة و الملة و هما كالمترادفين مع فرق ما من حيث العناية اللفظية[5].
وفي الختام لا بأس بلفت النظر لنكتة مهمة هي بناء على ما تقدم من ان العقيدة واحدة قد ىمن بها كل الأنبياء من عزمن آدم الى النبي الخاتم صلى الله عليه واله فهذا يدل على وجوب معرفة الأنبياء طراً لأسماء ائمتنا عليهم السلام ومقاماتهم ضرورة ان هذا الجزء من العقيدة اساسي وليست من العقائد الفرعية التي لا يلزم المكلف الأعتقاد بها.
من هنا نفهم ما ورد في الكثير من الأحاديث من توسل بعض الأنبياء عليهم السلام بالائمة ومعرفتهم بهم سلام الله عليهم اجمعين.
[1] المائدة: 48.
[2]النحل: 123.
[3]يوسف: 37- 38.
[4]إبراهيم: 13.
[5]الميزان ج5 ص200.
يقول صاحب الميزان (ره) في بيان الفرق بين الدين والشريعة:
فنسبة الشرائع الخاصة إلى الدين - و هو واحد و الشرائع تنسخ بعضها بعضا - كنسبة الأحكام الجزئية في الإسلام فيها ناسخ و منسوخ إلى أصل الدين، فالله سبحانه لم يتعبد عباده إلا لدين واحد و هو الإسلام له إلا أنه سلك بهم لنيل ذلك مسالك مختلفة و سن لهم سننا متنوعة على حسب اختلاف استعداداتهم و تنوعها، و هي شرائع نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد صلى الله عليه و آله و عليهم كما أنه تعالى ربما نسخ في شريعة واحدة بعض الأحكام ببعض لانقضاء مصلحة الحكم المنسوخ و ظهور مصلحة الحكم الناسخ كنسخ الحبس المخلد في زنا النساء بالجلد و الرجم و غير ذلك، و يدل على ذلك قوله تعالى: ((لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ))الآية[1].
و أما الملة فكان المراد بها السنة الحيوية المسلوكة بين الناس، و كان فيها معنى الإملال و الإملاء فيكون هي الطريقة المأخوذة من الغير، و ليس الأصل في معناه واضحا ذاك الوضوح، فالأشبه أن تكون مرادفة للشريعة بمعنى أن الملة كالشريعة هي الطريقة الخاصة بخلاف الدين، و إن كان بينهما فرق من حيث إن الشريعة تستعمل فيها بعناية أنها سبيل مهده الله تعالى لسلوك الناس إليه، و الملة إنما تطلق عليها لكونها مأخوذة عن الغير بالإتباع العملي، و لعله لذلك لا تضاف إلى الله سبحانه كما يضاف الدين و الشريعة، يقال: دين الله و شريعة الله، و لا يقال: ملة الله.
بل إنما تضاف إلى النبي مثلا من حيث إنها سيرته و سنته أو إلى الأمة من جهة أنهم سائرون مستنون به، قال تعالى: ((مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ))[2]، و قال تعالى حكاية عن يوسف (عليه السلام): إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ...الآية))[3]، و قال تعالى حكاية عن الكفار في قولهم لأنبيائهم: ((لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ..الآية))[4].
فقد تلخص أن الدين في عرف القرآن أعم من الشريعة و الملة و هما كالمترادفين مع فرق ما من حيث العناية اللفظية[5].
وفي الختام لا بأس بلفت النظر لنكتة مهمة هي بناء على ما تقدم من ان العقيدة واحدة قد ىمن بها كل الأنبياء من عزمن آدم الى النبي الخاتم صلى الله عليه واله فهذا يدل على وجوب معرفة الأنبياء طراً لأسماء ائمتنا عليهم السلام ومقاماتهم ضرورة ان هذا الجزء من العقيدة اساسي وليست من العقائد الفرعية التي لا يلزم المكلف الأعتقاد بها.
من هنا نفهم ما ورد في الكثير من الأحاديث من توسل بعض الأنبياء عليهم السلام بالائمة ومعرفتهم بهم سلام الله عليهم اجمعين.
[1] المائدة: 48.
[2]النحل: 123.
[3]يوسف: 37- 38.
[4]إبراهيم: 13.
[5]الميزان ج5 ص200.