بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
هناك بعض الأسئلة العقائدية سنطرح ثلاثة منها ونجيب عنها
نحن نلاحظ أن القرآن الكريم يعبر عن النبي بالتثبيت تثبيت الفؤاد، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً﴾ هل يحتاج النبي إلى تثبيت الفؤاد؟ هل كان النبي شخصية متوترة؟ هل كان النبي شخصية متزلزلة حتى تحتاج إلى تثبيت الفؤاد؟ ما معنى لنثبت به فؤادك؟
العلم له دراجات كما شرحناها في ما مضى، درجة علم اليقين ودرجة عين اليقين ودرجة حق اليقين، من باب المثال: أنا الآن عندما أدرس كتاب في علم الرياضيات، أدرس الكتاب للمرة الأولى أحصل على درجة من العلم بهذا الكتاب نسميها درجة علم اليقين، عندما أحضر مؤتمرات ومناقشات حول هذا الكتاب تحصل عندي رجة ثانية من العلم بالكتاب لأنه أصبحت إضافات وإيضاحات وأصبحت أشياء كشفت لي غوامض تحصل عندي درجة ثانية من العلم بالكتاب تسمى عين اليقين، إذا أنا بنفسي بعد هاتين الدراستين قمت بتدريس الكتاب عندما أقوم بتدريس الكتاب سوف أكون أكثر تركيزاً على مطالبة ستنكشف لي غوامضة وزواياه فسأحصل على درجة ثالثة من العلم تسمى حق اليقين إذن هناك ثلاث درجات من العلم قال تعالى: ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾.
النبي هل يتكامل علمه؟
نعم، النبي منذ ولادته عالم ومنذ ولادته أعلم الناس، كنت نبي وآدم بين الماء والطين النبي في كل لحظة تمر عليه هو أعلم الناس ولكنه في كل لحظة تمر عليه يرتقي من علم إلى علم ومن قرب إلى قرب، مع أنه في كل لحظة أعلم الناس ولكنه في كل لحظة مؤول لعطاء الله ومؤول لرحمة الله ومؤول لعلوم متكاملة ومتزايدة وكمالات متفاوتة يصعد من كمال إلى كمال ومن قرب إلى قرب.
إذن النبي أيضاً يمر بدرجات من العلم قد نحن لا نتصور كنهاها، القرآن يشير إلى درجة من درجات العلم يعني أيه النبي المصطفى محمد أنت الآن على درجة من العلم بالقرآن ونحن من أجل أن نهبك درجة أخرى من العلم بالقرآن إذن كذلك قال تعالى: ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ لأن القرآن تكرر على النبي ونزل القرآن على قلبه دفعة واحدة ليلة القدر ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ وقال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾، ثم بدأ ينزل مرة أخرى يعني علم بالقرآن مرة ثانية بدأ ينزل عليه تدريجاً لمدة ثلاث وعشرين سنة قال تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾ أصبح درجة ثانية من العلم، ثم النبي نفسه قام بتبليغ القرآن وتفسير القرآن وإيصاله إلى أهله، إذن هناك درجات ومقامات تتكامل ويتكامل معها النبي المصطفى .
السؤال الثاني:
هناك بعض الآيات ظاهرها أن النبي في معرض الافتتان، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً﴾، هل أن النبي كان في معرض الافتتان والانحراف حتى تقول الآية ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً﴾؟
نرجع إلى علماء اللغة يقولون لولا تدل على انتفاء شيء لوجود مانع من حدوثه، يعني مثلاً: ً تقول لولا أني رأيتك لضربت أخاك، يعني الذي منعني من ضرب أخيك رؤيتك، فلئن الرؤية حدثت منعت من الضرب، إذن الضرب لم يحدث لأن الرؤية منعت منه، أيضاً قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ يعني بالنتيجة لم تهدم، لماذا؟ لأن الله دفع الناس فما هدمت الصوامع.
مثلاًً: قوله تعالى في حق النبي يوسف قال: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ يعني هو ما هم بها لأنه رأى برهان ربه، لأنه رأى برهان ربه فما هم بها، هنا أيضاً يقول: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ﴾ لكننا ثبتناك إذن ما حصل منك ركون ولا حصل منك ميل ولا حصل منك اقتراب من الفتنه لأننا ثبتناك بالعصمة والعلم اللدني والرؤية الملكوتيه.
السؤال الثالث:
إذا كنا نؤمن أن المعصوم نبياً أو إماماً أن المعصوم مطلع على الحقائق، إذا المؤمن يستطيع أن يعرف بعض الحقائق فكيف بالمعصوم؟ ”اتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بعين الله“ فكيف بالمعصوم؟ المعصوم مطلع على الحقائق، إذا كان المعصوم مطلعاً على الحقائق فكيف يقدم على الطعام المسموم وهو يدري أنه طعام مسموم؟
إذا كان المعصوم مطلع على الحقائق فمقتضى ذالك أن لا يقدم على تناول الطعام المسموم لأنه إزهاق للنفس وهو يعلم به، إذا كان مطلعاً على الحقائق فكيف تزوج الحسن ابن علي جعده بنت الأشعث وهي التي قتلته في آخر الأمر؟ وكيف تزوج الإمام الجواد أم الفضل بت المأمون وهي التي قتلت آخر الأمر؟
إذا كان المعصوم مطلعاً على الحقائق، فلا فضيلة لخوضه في الحروب، مثلاً: الإمام علي خاض حروب، حرب بدر وحرب الخندق، إذا كان يعلم بأنه لم يموت ولن يصيبه أذى إذاً خوضه للحروب ليس فضيلة؟ لأنه يعرف لن يصيبه شيء، إذا كان يعلم بأنه لم يصيبه أذى إذن مبيته على فراش رسول الله ليس فضيلة؟ لأنه يعلم بأنه لن يصيبه أذى، فما هو الجواب عن هذه النقطة؟
هنا يوجد وجهان للجواب:
الوجه الأول:
لنفترض أن الإمام يعلم بموته علماً فعلياً تنجيزياً فما هو ظاهر بعض الروايات، لكن هذا لا يمنع إقدامه على الموت، لماذا؟ لأنه مأمور بذالك، ألم يأمر إبراهيم بذبح ولده؟ إبراهيم أمر بذبح ولده إسماعيل قال تعالى: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُلرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾، إبراهيم أقبل على ذبح ولده، وإقباله على ذبح ولده يعد فضيلة لأنه استجاب لأمر الله، أيضاً الحسين يعلم بقتله ومع ذالك أقدم على ذالك، الحسن قال: «كأني بأوصالي تقطعها عصلان الفلاة بين النواويس وكربلاء فيملأنا مني أكراشاً جوفا وأجربه سغبا لامحيص عن يوماً خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت نصبرعلى بلاءه ويوفينا أجور الصابرين» يعلم بأنه سيقتل في كربلاء ومع ذالك أقدم على الذهاب إلى كربلاء لأنه مهموماً بذالك باعتبار أن شهادته حفظ للدين وشهادته حفظ للإسلام، فأمره الله بأن يقدم نفسه قربان لله تبارك وتعالى، إذن فليكن المعصوم عالماً بموته كما هو ظاهر الروايات، لكنه أمر بأن يقدم على الموت لأن في موته مصلحة للدين.
الوجه الثاني:
ظاهر بعض الروايات أن علم الإمام بيده وبمشيئته، ورد عن الإمام الصادق : ”إذا شئنا أن نعلم علمنا“ وفي بعض الروايات ”إذا شاء أن نعلم علم“ يعني علمة بمشيئته، بما أن علمه بمشيئته ففي باب المنايا والبلايا قد يختار الإمام المعصوم أن يدخل المعركة من دون علم مسبق من أجل التوكل على الله عز وجل، مادام علمه بيده إذن بالنتيجة المعصوم يريد أن يقول هذه المعركة وهذه الغزوة مبيتي على فراش رسول الله يخوض الغزوات والمعارك ويبيت على فراش رسول الله لأنه شاء أن لا يعلم المنية في هذه الغزوات وفي هذا لمبيت فأقدم عليها متوكلاً على الله، إذن يعد إقدامه على الغزوة فضيلة، لماذا؟ لأنه لم يشاء أن يعلم بمنيته فيها، يعد إقدامه على مبيته على فراش رسول الله فضيلة لأنه لم يشاء أن يعلم نتيجة هذا المبيت مادام علمه بيده وبمشيئته، فلا يتنافى ذالك مع كون إقدامه فضيلة أبداً.
هنا سؤال سأله البعض، أن المعصوم يحب ذاته كأي إنسان لأن حب النفس موجود في كل إنسان بالفطرة، أن العباس وصل إلى مرتبه الغيرية والغيرية أن لا يرى لنفسه قيمة فإذا كان العباس وصل إلى مرتبته الغيرية فهو أفضل من المعصوم الإمام، لأن الإمام يحب ذاته بينما العباس وصل إلى مرتبته الغيرية، فما هو الجواب؟
كل إنسان يحب ذاته، القرآن الكريم يقول: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ كل إنسان يحب الخير لنفسه وكل إنسان يحب الكمال لنفسه وهذا معنى حب الذات وهذا موجود في كل إنسان، العباس لأنه يحب الخير لنفسه فقد أدرك أن الخير كل الخير أن تكون نفسه فداءً لأخيه الحسين لذلك جعل نفسه فداءً لأخيه الحسين فحصل على مرتبة الغيرية، الإمام المعصوم أيضاً يحب ذاته لكنه لا يحب ذاته على نحو الموضوعية وعلى نحو الطريقيه، ما معنى على نحو الموضوعية والطريقيه؟
يعني أنا أحب ذاتي لأنها ذاتي، لأنها أنا فأنا أحب نفسي على نحو الموضوعية بينما المعصوم لا يحب ذاته لأنها ذاته، يحب ذاته لأن ذاته مظهراً لله تبارك وتعالى، يحب ذاته لأن ذاته ملجئ لله تبارك وتعالى، هو يرى ذاته مرآه لله وهو يرى ذاته حاكية عن الله فهو يحب ذاته لأنها مظهر لله وبالتالي فحبه لذاتة في الحقيقة حباً لله قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ﴾ النتيجة هو يحب الله، ولذلك روحة فداء وقربان لله تبارك وتعالى.
اللهم صل على محمد وآل محمد
هناك بعض الأسئلة العقائدية سنطرح ثلاثة منها ونجيب عنها
نحن نلاحظ أن القرآن الكريم يعبر عن النبي بالتثبيت تثبيت الفؤاد، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً﴾ هل يحتاج النبي إلى تثبيت الفؤاد؟ هل كان النبي شخصية متوترة؟ هل كان النبي شخصية متزلزلة حتى تحتاج إلى تثبيت الفؤاد؟ ما معنى لنثبت به فؤادك؟
العلم له دراجات كما شرحناها في ما مضى، درجة علم اليقين ودرجة عين اليقين ودرجة حق اليقين، من باب المثال: أنا الآن عندما أدرس كتاب في علم الرياضيات، أدرس الكتاب للمرة الأولى أحصل على درجة من العلم بهذا الكتاب نسميها درجة علم اليقين، عندما أحضر مؤتمرات ومناقشات حول هذا الكتاب تحصل عندي رجة ثانية من العلم بالكتاب لأنه أصبحت إضافات وإيضاحات وأصبحت أشياء كشفت لي غوامض تحصل عندي درجة ثانية من العلم بالكتاب تسمى عين اليقين، إذا أنا بنفسي بعد هاتين الدراستين قمت بتدريس الكتاب عندما أقوم بتدريس الكتاب سوف أكون أكثر تركيزاً على مطالبة ستنكشف لي غوامضة وزواياه فسأحصل على درجة ثالثة من العلم تسمى حق اليقين إذن هناك ثلاث درجات من العلم قال تعالى: ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾.
النبي هل يتكامل علمه؟
نعم، النبي منذ ولادته عالم ومنذ ولادته أعلم الناس، كنت نبي وآدم بين الماء والطين النبي في كل لحظة تمر عليه هو أعلم الناس ولكنه في كل لحظة تمر عليه يرتقي من علم إلى علم ومن قرب إلى قرب، مع أنه في كل لحظة أعلم الناس ولكنه في كل لحظة مؤول لعطاء الله ومؤول لرحمة الله ومؤول لعلوم متكاملة ومتزايدة وكمالات متفاوتة يصعد من كمال إلى كمال ومن قرب إلى قرب.
إذن النبي أيضاً يمر بدرجات من العلم قد نحن لا نتصور كنهاها، القرآن يشير إلى درجة من درجات العلم يعني أيه النبي المصطفى محمد أنت الآن على درجة من العلم بالقرآن ونحن من أجل أن نهبك درجة أخرى من العلم بالقرآن إذن كذلك قال تعالى: ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ لأن القرآن تكرر على النبي ونزل القرآن على قلبه دفعة واحدة ليلة القدر ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ وقال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾، ثم بدأ ينزل مرة أخرى يعني علم بالقرآن مرة ثانية بدأ ينزل عليه تدريجاً لمدة ثلاث وعشرين سنة قال تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾ أصبح درجة ثانية من العلم، ثم النبي نفسه قام بتبليغ القرآن وتفسير القرآن وإيصاله إلى أهله، إذن هناك درجات ومقامات تتكامل ويتكامل معها النبي المصطفى .
السؤال الثاني:
هناك بعض الآيات ظاهرها أن النبي في معرض الافتتان، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً﴾، هل أن النبي كان في معرض الافتتان والانحراف حتى تقول الآية ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً﴾؟
نرجع إلى علماء اللغة يقولون لولا تدل على انتفاء شيء لوجود مانع من حدوثه، يعني مثلاً: ً تقول لولا أني رأيتك لضربت أخاك، يعني الذي منعني من ضرب أخيك رؤيتك، فلئن الرؤية حدثت منعت من الضرب، إذن الضرب لم يحدث لأن الرؤية منعت منه، أيضاً قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ يعني بالنتيجة لم تهدم، لماذا؟ لأن الله دفع الناس فما هدمت الصوامع.
مثلاًً: قوله تعالى في حق النبي يوسف قال: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ يعني هو ما هم بها لأنه رأى برهان ربه، لأنه رأى برهان ربه فما هم بها، هنا أيضاً يقول: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ﴾ لكننا ثبتناك إذن ما حصل منك ركون ولا حصل منك ميل ولا حصل منك اقتراب من الفتنه لأننا ثبتناك بالعصمة والعلم اللدني والرؤية الملكوتيه.
السؤال الثالث:
إذا كنا نؤمن أن المعصوم نبياً أو إماماً أن المعصوم مطلع على الحقائق، إذا المؤمن يستطيع أن يعرف بعض الحقائق فكيف بالمعصوم؟ ”اتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بعين الله“ فكيف بالمعصوم؟ المعصوم مطلع على الحقائق، إذا كان المعصوم مطلعاً على الحقائق فكيف يقدم على الطعام المسموم وهو يدري أنه طعام مسموم؟
إذا كان المعصوم مطلع على الحقائق فمقتضى ذالك أن لا يقدم على تناول الطعام المسموم لأنه إزهاق للنفس وهو يعلم به، إذا كان مطلعاً على الحقائق فكيف تزوج الحسن ابن علي جعده بنت الأشعث وهي التي قتلته في آخر الأمر؟ وكيف تزوج الإمام الجواد أم الفضل بت المأمون وهي التي قتلت آخر الأمر؟
إذا كان المعصوم مطلعاً على الحقائق، فلا فضيلة لخوضه في الحروب، مثلاً: الإمام علي خاض حروب، حرب بدر وحرب الخندق، إذا كان يعلم بأنه لم يموت ولن يصيبه أذى إذاً خوضه للحروب ليس فضيلة؟ لأنه يعرف لن يصيبه شيء، إذا كان يعلم بأنه لم يصيبه أذى إذن مبيته على فراش رسول الله ليس فضيلة؟ لأنه يعلم بأنه لن يصيبه أذى، فما هو الجواب عن هذه النقطة؟
هنا يوجد وجهان للجواب:
الوجه الأول:
لنفترض أن الإمام يعلم بموته علماً فعلياً تنجيزياً فما هو ظاهر بعض الروايات، لكن هذا لا يمنع إقدامه على الموت، لماذا؟ لأنه مأمور بذالك، ألم يأمر إبراهيم بذبح ولده؟ إبراهيم أمر بذبح ولده إسماعيل قال تعالى: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُلرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾، إبراهيم أقبل على ذبح ولده، وإقباله على ذبح ولده يعد فضيلة لأنه استجاب لأمر الله، أيضاً الحسين يعلم بقتله ومع ذالك أقدم على ذالك، الحسن قال: «كأني بأوصالي تقطعها عصلان الفلاة بين النواويس وكربلاء فيملأنا مني أكراشاً جوفا وأجربه سغبا لامحيص عن يوماً خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت نصبرعلى بلاءه ويوفينا أجور الصابرين» يعلم بأنه سيقتل في كربلاء ومع ذالك أقدم على الذهاب إلى كربلاء لأنه مهموماً بذالك باعتبار أن شهادته حفظ للدين وشهادته حفظ للإسلام، فأمره الله بأن يقدم نفسه قربان لله تبارك وتعالى، إذن فليكن المعصوم عالماً بموته كما هو ظاهر الروايات، لكنه أمر بأن يقدم على الموت لأن في موته مصلحة للدين.
الوجه الثاني:
ظاهر بعض الروايات أن علم الإمام بيده وبمشيئته، ورد عن الإمام الصادق : ”إذا شئنا أن نعلم علمنا“ وفي بعض الروايات ”إذا شاء أن نعلم علم“ يعني علمة بمشيئته، بما أن علمه بمشيئته ففي باب المنايا والبلايا قد يختار الإمام المعصوم أن يدخل المعركة من دون علم مسبق من أجل التوكل على الله عز وجل، مادام علمه بيده إذن بالنتيجة المعصوم يريد أن يقول هذه المعركة وهذه الغزوة مبيتي على فراش رسول الله يخوض الغزوات والمعارك ويبيت على فراش رسول الله لأنه شاء أن لا يعلم المنية في هذه الغزوات وفي هذا لمبيت فأقدم عليها متوكلاً على الله، إذن يعد إقدامه على الغزوة فضيلة، لماذا؟ لأنه لم يشاء أن يعلم بمنيته فيها، يعد إقدامه على مبيته على فراش رسول الله فضيلة لأنه لم يشاء أن يعلم نتيجة هذا المبيت مادام علمه بيده وبمشيئته، فلا يتنافى ذالك مع كون إقدامه فضيلة أبداً.
هنا سؤال سأله البعض، أن المعصوم يحب ذاته كأي إنسان لأن حب النفس موجود في كل إنسان بالفطرة، أن العباس وصل إلى مرتبه الغيرية والغيرية أن لا يرى لنفسه قيمة فإذا كان العباس وصل إلى مرتبته الغيرية فهو أفضل من المعصوم الإمام، لأن الإمام يحب ذاته بينما العباس وصل إلى مرتبته الغيرية، فما هو الجواب؟
كل إنسان يحب ذاته، القرآن الكريم يقول: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ كل إنسان يحب الخير لنفسه وكل إنسان يحب الكمال لنفسه وهذا معنى حب الذات وهذا موجود في كل إنسان، العباس لأنه يحب الخير لنفسه فقد أدرك أن الخير كل الخير أن تكون نفسه فداءً لأخيه الحسين لذلك جعل نفسه فداءً لأخيه الحسين فحصل على مرتبة الغيرية، الإمام المعصوم أيضاً يحب ذاته لكنه لا يحب ذاته على نحو الموضوعية وعلى نحو الطريقيه، ما معنى على نحو الموضوعية والطريقيه؟
يعني أنا أحب ذاتي لأنها ذاتي، لأنها أنا فأنا أحب نفسي على نحو الموضوعية بينما المعصوم لا يحب ذاته لأنها ذاته، يحب ذاته لأن ذاته مظهراً لله تبارك وتعالى، يحب ذاته لأن ذاته ملجئ لله تبارك وتعالى، هو يرى ذاته مرآه لله وهو يرى ذاته حاكية عن الله فهو يحب ذاته لأنها مظهر لله وبالتالي فحبه لذاتة في الحقيقة حباً لله قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ﴾ النتيجة هو يحب الله، ولذلك روحة فداء وقربان لله تبارك وتعالى.