ثورة تغيير المصير، يخطئ من يظن أن تغيير المصير يعتمد كلياً على الانتفاض ضد الظلم بأشكاله المتعددة: تظاهرات، انقلابات عسكرية، اعتصامات احتجاجات وغيرها من المسميات التي يمارسها الشعب الثائر على الحكومات الفاسدة، هناك عامل مهم آخر ينبغي أن يواكب كل ما ذكر وهو الدعاء.
قد يخالفني الكثير ممن طالتهم يد الغدر والخيانة، وأشعر أن لسان حالهم يقول: أين أنت من الواقع؟ وحقيقة الأمر انا والواقع وجهان لعملة واحد، لكن لم يغب عن ذهني وتفكيري حال الامام الحسين (عليه السلام) في واقعة الطف، اذ أنه لم يتوقف عن الدعاء خلال مسيرته في المدينة الى حين استشهاده قبل غروب يوم العاشر من المحرم.
فقلت في نفسي: امام معصوم لا ينطق عن الهوى، كان كثير الدعاء هو وأصحابه ما الذي اراده يا ترى، وهو في تلك اللحظات الحرجة، هو وأهله وعياله يواجه الكفر كله، كان يشغل نفسه بالتضرع الى الله سبحانه وتعالى والذي اثار دهشتي أكثر انه لم يكن يدعو الله لينصره على عدوه في معركته هذه، وأن يجعل الغلبة العاجلة له، لم يسأل الله شيئاً من هذا القبيل أبداً بل كانت ادعيته: تحميد، تمجيد، شكر لله سبحانه وتعالى ودعاء شامل على قتلته أو على بعض أفرادهم: ((اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، ولا تغفر لهم أبداً))، اذ لا ينبغي ان يغيب عن أذهاننا ما للدعاء من أثر عند الله سبحانه وتعالى، ومن واقعية تغيير المصائر وجوداً وعدماً في الدنيا والآخرة.