إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فرصة.. العلوية ميعاد كاظم اللاوندي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فرصة.. العلوية ميعاد كاظم اللاوندي


    خال له انها تدعوه للانتحار، كنصل بدت منتصبة طرف نافذته المهشمة، أراد أن ينهي حياته بيديه، فلا أمل بعد فيرجى، فالمرض الآن في مراحلة الأخيرة، لم يكن يظن انه سيصل الى تلك المرحلة من اليأس.
    كانت حياته عبارة عن لهو مطبق، فمع ثروة طائلة، وشباب برغبات متأججة، أفل الوضع عن السيطرة، فتغلب غروره على عقله، حتى أن أمه تركته ورحلت، ففكرة العيش معه تحت سقف واحد أضحت لا تُطاق.
    مدّ يده نحو الزجاجة، ارتجف قليلاً لكن سرعان ما تبددت الفكرة بفعل دوي دقات الساعة العملاقة، أظنها دقات تذكره بأن هناك رباً كريماً تناقلت يده هنيهة، ثم قرر الهروب من القصر باحثاً عن لحظة أخرى تمده بالحياة، أو عساها تمهله سويعات قليلة ليرجع بها الى الله تعالى، ولكن لِمَ تبدو الدنيا قاتمة هكذا، لم تكن كذلك الامس..؟ اضحى ايقاع خطواته كعداد يشده نحو مصير مشوه المعالم، أما عيناه فقد التصقتا بالأرض، خال له انها تناديه: إليّ اليّ.. قريباً ستمسي ضجيع احضاني.. ماذا اعددت من عمل لتفترشه في لحدك..؟
    يا ويلاه.. انا الذي لم تلسعني سياط الانتظار، فنزواتي كواسر، ورغباتي أوامر لا تُؤجل.. لماذا يا ترى لا اراها الآن، فتخلصني مما انا فيه من غمّ..؟ هل هناك طريقة فأغريك، يا أرضُ هاكِ خزائني واملاكي فقط ارجوك لا تطبقي على انفاسي..!
    في لحظة تلاشى وجه الارض الكئيب، وظهر وجه صغير بعينين زرقاوين كزرقة سماء صافية هادئة، كانتا كموجة رقيقة حملته نحو شاطئ الخلاص، تبددت مأساته حالما وقعت عيناه عليها.
    قالت مخاطبة اياه بلهجة المتسولين: يا عم هلا ساعدتنا مما اعطاك الله حسنة قليلة تدفع بلايا كثيرة..؟ بذهول وفكر شارد استخرج ورقة حمراء من جيبه، وكان لازال سارحا في عالم الآخرة، التقفت الورقة من يديه، وانطلقت مسرعة نحو أمها التي افترشت قارعة الطريق، لم يشأ أن يفقدها فأخذ يلاحقها بعينه.
    راوده شعور غريب انها نجدة سماوية، وخيط شعاع منسدل لأمل من لدن تواب رحيم، ما لبثت الطفلة حتى عادت اليه مسرعة، ونشيج انفاسها المكسرة يكاد يقلع قلبها الصغير.. يا عم سنشتري لحماً..؟ ستعد أمي اليوم لحماً على العشاء.. شكراً لك يا عم، أنت أيضاً ستفرح الليلة كما أفرحتنا، لكنه لم يأبه، فأين الفرح من لحظات الاحتضار..؟ وجد نفسه امام عتبة المسجد، فقرر الدخول وعرق الحياء يتصبب على وجهه، كان لابد من الاعتراف، فهو مدان ويجب أن يتطهر قبل الرحيل.
    صلى ركعتين، ثم داهمه نعاس مفاجئ، فأغمض عينيه الدامعتين بالدم، وراح شريط العمر الأسود يمر كالبريق مجرداً من ألوان الخير، دنا منه المحتوم ذو هيئة لا تمت للرحمة بشيء، أحس بالشلل يسري في عروقه، وكتف الرعب اوصاله، وأما الفضاء الرحب فقد ضاق أبداً.
    استسلم لقدره وحل ظلام موحش.. وما إن أخذ يتشهد الشهادتين:
    - يا هادم اللذات.. يا مفرق الجماعات تمهل..!
    - ولكن ما الأمر..؟ لقد تم تأجيل الامر الالهي، فقد حصل على فرصة اسمها الصدقة، وقد تقرر ان يمد في عمره الى اجل مسمى..!
    - حسنا انهض يا محظوظ، واغتنم هذه الفرصة جيداً، فإن أهملتها مجدداً، فلن تفلت من يدي في المرة القادمة، انهض يا فتى، وابدأ من جديد...
    انهض يا ولدي، لقد حان وقت الصلاة، فزع وحبائل الموت لا زالت تكلله مردداً: نعم.. نعم.. سأغتنمها يا رب.. شكراً لك يا ارحم الراحمين..
    صلى وخرج مسرعاً، وقد تشابكت الاتجاهات بنظره، لكنه راح يستذكر الطريق نحو فرصته التي وهبته الحياة كومضة مشرقة، انها كولادة روح قد لامست المنية، وأمل لانسان جديد...
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X