عن أبي عبدالله عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ثلاثة مجالستهم تميت القلب : الجلوس مع الأنذال ، والحديث مع النساء ، والجلوس مع الاغنياء......
.الكافي 2 : 469 | 8 .
: من لا يحضره الفقيه.
مجلد. 4 ، ص. 359.
توضيح:
ليس المراد من محادثة الأغنياء، أو مجالستهم، مجرَّد الجلوس أو التحدث مع أصحاب الثروة والغنى، بل المراد هو قصد الغنيّ والجلوس معه، والتزلُّف إليه، والتَّمسكُن عنده، ومجالسته بشكلٍ دائم لا لشيء سوى أنَّه غنّي، أما لو كان فقيراً فإنه لا يقصد مجلسه ولا يرغب في محادثته .. هذا هو المقصود من مجالسة الأغنياء، أمَّا لو كان غنياً، وهو جارك، مثلاً وزرته وزارك، فهذا المعنى لا تذُّمه الروايات
و حديث الغني لن يخلو إما عن عقد صفقةٍ أو نقض أخرى وإما أن يكون حديثاً عن مشاريعه وطموحاته التجارية أو عما صادفه في أسفاره من متاع الدنيا، والحديث حول هذه الأمور، مُشغلةٌ للنفس. لا ينبغي للمؤمن أن يكون شغله الشاغل في كلِّ حياته هو هذه الأمور، ينام على حسابات، ويستيقظ على حسابات، الآلة الحاسبة لا تفارق يده، حتى إذا نام فإنَّ زوجته ترى أصابع يده تتحرَّك! -يتوهم إنَّه يحسب، يجلس فيطالع الحسابات، -ما ربحه، وما خسره من نقود-، خصوصاً مَن اشتغل وابتُلي بالبورصة والأسهم، فسيطرت هذه السوق على كلِّ تفكيره ومشاعره، فعينُه على مؤشِّر البورصة، هل ارتفع السهم، أم نزل السهم! هذا الشخص هل يُفكر في صلاة؟ أو يفكر في قضاء حاجة مؤمن؟ هل يُفكر في إعانة ضعيف؟ أو يُفكر في الشئون الاجتماعية -في بناء المجتمع، في تطوير المجتمع، في تنمية المجتمع-؟ هل يفكر في المطالبة بحقوق الناس؟ أو يُشاركهم في أفراحهم، وفي أحزانهم؟! هذا الرجل مشغول عن كلِّ ذلك، ومجالسته تفصلك عن مثل هذه الأمور.
من هم الأنذال؟ الأنذال هم السَّفلة من الناس. هناك شريحة من المجتمع -وكلُّ مجتمعٍ يشتمل على هذه الشريحة- يصحُّ توصيفهم بالسَّفلة، والمراد من السَّفلة: هم أولئك الذين لا يكترثون بحقٍّ، ولا بطاعةٍ، ولا يُبالون بما يقولون، ولا بما يُقال فيهم ولا بما يفعلون، فهم حقراء، ساقطون، لا يلتزمون بأدنى مراتب المروَّة.
واما كثرة الحديث مع النساء بلا حدود وضوابط شرعية أيضا تسبب قساوة للقلب
فإذا كثُرت المحادثة بين الرجل والمرأة، وكان بينهما التفكُّه والمزاح والمؤانسة مات القلب وأصبح غير مستأثِمٍ ولا مستوحشٍ من المعصية فيخلو من الورع والتقوى، فالحديث يجرُّ إلى العاطفة وهي تجرُّ إلى الانجذاب ثم إلى النظر المريب ثم إلى الخلوة..!!
.