بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النفاق في مفهومه الخاص صفة أولئك الذين يظهرون الإسلام، و يبطنون الكفر. لكن النفاق له معنى عام واسع يشمل كل ازدواجية بين الظاهر و الباطن، و كل افتراق بين القول و العمل. من هنا قد يوجد في قلب المؤمن بعض ما نسميه «خيوط النفاق».
ففي الحديث النّبوي: «ثلاث من كنّ فيه كان منافقا و إن صام و صلّى و زعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف»1.
الحديث لا يدور هنا طبعا عن المنافق بالمعنى الخاص، بل عن الذي في قلبه خيوط من النفاق، تظهر على سلوكه بأشكال مختلفة، و خاصة بشكل رياء، كما جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السّلام: «الرّياء شجرة لا تثمر إلّا الشّرك الخفيّ، و أصلها النّفاق»2.
و في نهج البلاغة نصّ رائع في وصف المنافقين عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام يقول فيه:3«أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، و أحذّركم أهل النّفاق، فإنّهم الضّالّون المضلّون، و الزّالّون المزلّون4، يتلوّنون ألوانا، و يفتنّون افتنانا5، و يعمدونكم بكلّ عماد، و يرصدونكم
و العماد: ما يقام عليه البناء. أي إذا ملتم عن أهوائهم أقاموكم عليها بأعمدة من الخديعة حتى توافقوهم.
و المرصاد محل الارتقاب. و يرصدونكم: يقعدون لكم بكل طريق ليحوّلوكم عن الاستقامة.
بكلّ مرصاد، قلوبهم دويّة6و صفاحهم نقيّة. يمشون الخفاء7، و يدبّون الضراء وصفهم دواء، و قولهم شفاء، و فعلهم الدّاء العياء8، حسدة الرّخاء9، و مؤكّدو البلاء، و مقنطو الرّجاء، لهم بكلّ طريق صريع10و إلى كلّ قلب شفيع، و إلى كلّ شجو دموع11يتقارضون الثّناء12و يتراقبون الجزاء: إن سألوا الحفوا13، و إن عذلوا كشفوا ...»14.
المصادر
1. سفينة البحار، ج 2، ص 605.
2. سفينة البحار، ج 1، مادة (رئي).
3. ننقل نص الخطبة مع هوامشها كما جاءت في نهج البلاغة، شرح محمّد عبده، ص 381 (م).
4. الزالون من زلّ أخطأ. و المزلون من أزله إذا أوقعه في الخطأ.
5. يفتنون أي يأخذون في فنون من القول لا يذهبون مذهبا واحدا. و يعمدونكم أي يقيمونكم بكل عماد.
6. دويّة أي مريضة من الدّوى بالقصر و هو المرض. و الصفاح- جمع صفحة: و المراد منها صفاح وجوههم، و نقاوتها: صفاؤها من علامات العداوة و قلوبهم ملتهبة بنارها.
7. يمشون مشي التستّر. و يدبون: أي يمشون على هيئة دبيب الضراء، أي يسرون سريان المرض في الجسم أو سريان النقص في الأموال و الأنفس و الثمرات.
8. الداء العياء- بالفتح: الّذي أعيى الأطباء و لا يمكن منه الشفاء.
9. حسدة: جمع حاسد، أي يحسدون على السعة، و إذا نزل بلاء بأحد أكدوه و زادوه. و إذا رجى أحد شيئا أوقعوه في القنوط و اليأس.
10. الصريع: المطروح على الأرض، أي إنّهم كثيرا ما خدعوا أشخاصا حتى أوقعوهم في الهلكة.
11. الشجو: الحزن، أي يبكون تصنّعا متى أرادوا.
12. يتقارضون: كل واحد منهم يثني على الآخر ليثني الآخر عليه، كأنّ كلا منهم يسلف الآخر دينا ليؤديه إليه، و كل يعمل للآخر عملا يرتقب جزاءه عليه.
13. ألحفوا: بالغوا في السؤال و ألحوا. و إن عذلوا أي لاموا، كشفوا أي فضحوا من يلومونه.
14. المصدر: كتاب الامثل في تفسير كتاب الله المنزل الشيخ مكارم الشيرازي دامت بركاته.
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النفاق في مفهومه الخاص صفة أولئك الذين يظهرون الإسلام، و يبطنون الكفر. لكن النفاق له معنى عام واسع يشمل كل ازدواجية بين الظاهر و الباطن، و كل افتراق بين القول و العمل. من هنا قد يوجد في قلب المؤمن بعض ما نسميه «خيوط النفاق».
ففي الحديث النّبوي: «ثلاث من كنّ فيه كان منافقا و إن صام و صلّى و زعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف»1.
الحديث لا يدور هنا طبعا عن المنافق بالمعنى الخاص، بل عن الذي في قلبه خيوط من النفاق، تظهر على سلوكه بأشكال مختلفة، و خاصة بشكل رياء، كما جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السّلام: «الرّياء شجرة لا تثمر إلّا الشّرك الخفيّ، و أصلها النّفاق»2.
و في نهج البلاغة نصّ رائع في وصف المنافقين عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام يقول فيه:3«أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، و أحذّركم أهل النّفاق، فإنّهم الضّالّون المضلّون، و الزّالّون المزلّون4، يتلوّنون ألوانا، و يفتنّون افتنانا5، و يعمدونكم بكلّ عماد، و يرصدونكم
و العماد: ما يقام عليه البناء. أي إذا ملتم عن أهوائهم أقاموكم عليها بأعمدة من الخديعة حتى توافقوهم.
و المرصاد محل الارتقاب. و يرصدونكم: يقعدون لكم بكل طريق ليحوّلوكم عن الاستقامة.
بكلّ مرصاد، قلوبهم دويّة6و صفاحهم نقيّة. يمشون الخفاء7، و يدبّون الضراء وصفهم دواء، و قولهم شفاء، و فعلهم الدّاء العياء8، حسدة الرّخاء9، و مؤكّدو البلاء، و مقنطو الرّجاء، لهم بكلّ طريق صريع10و إلى كلّ قلب شفيع، و إلى كلّ شجو دموع11يتقارضون الثّناء12و يتراقبون الجزاء: إن سألوا الحفوا13، و إن عذلوا كشفوا ...»14.
المصادر
1. سفينة البحار، ج 2، ص 605.
2. سفينة البحار، ج 1، مادة (رئي).
3. ننقل نص الخطبة مع هوامشها كما جاءت في نهج البلاغة، شرح محمّد عبده، ص 381 (م).
4. الزالون من زلّ أخطأ. و المزلون من أزله إذا أوقعه في الخطأ.
5. يفتنون أي يأخذون في فنون من القول لا يذهبون مذهبا واحدا. و يعمدونكم أي يقيمونكم بكل عماد.
6. دويّة أي مريضة من الدّوى بالقصر و هو المرض. و الصفاح- جمع صفحة: و المراد منها صفاح وجوههم، و نقاوتها: صفاؤها من علامات العداوة و قلوبهم ملتهبة بنارها.
7. يمشون مشي التستّر. و يدبون: أي يمشون على هيئة دبيب الضراء، أي يسرون سريان المرض في الجسم أو سريان النقص في الأموال و الأنفس و الثمرات.
8. الداء العياء- بالفتح: الّذي أعيى الأطباء و لا يمكن منه الشفاء.
9. حسدة: جمع حاسد، أي يحسدون على السعة، و إذا نزل بلاء بأحد أكدوه و زادوه. و إذا رجى أحد شيئا أوقعوه في القنوط و اليأس.
10. الصريع: المطروح على الأرض، أي إنّهم كثيرا ما خدعوا أشخاصا حتى أوقعوهم في الهلكة.
11. الشجو: الحزن، أي يبكون تصنّعا متى أرادوا.
12. يتقارضون: كل واحد منهم يثني على الآخر ليثني الآخر عليه، كأنّ كلا منهم يسلف الآخر دينا ليؤديه إليه، و كل يعمل للآخر عملا يرتقب جزاءه عليه.
13. ألحفوا: بالغوا في السؤال و ألحوا. و إن عذلوا أي لاموا، كشفوا أي فضحوا من يلومونه.
14. المصدر: كتاب الامثل في تفسير كتاب الله المنزل الشيخ مكارم الشيرازي دامت بركاته.
تعليق