بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
نظرًا لِمَا يُشَكِّلهُ الرِّيَاءُ مِنْ خطورةٍ عظيمةٍ على تعاملاتنا وعلاقاتنا بمَنْ حولنا مما يؤدي إلى فسادِ العلاقةِ التي تربطنا مع اللهِ، فقدْ وردتْ الكثيرُ مِنْ الآياتِ فِيْ القرآنِ المجيدِ التي تنبِّه وتحذِّرُ مِنْ هذهِ المفسدةِ للقولِ والعَمَلِ.
قالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ «5» الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ «6» وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ «7»﴾ [الماعون: 5-7]
وقال عزَّ مِنْ قائلٍ: ﴿وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ? وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: 38]
وعن النبي الأكرم ﷺ أنهُ قالَ: «أمّا علاماتُ المرائي تكونُ في أربعةٍ: يحرص على العمل لله إذا كان عنده أحد ويكسل إذا كان وحده ويحرص في كل أمره على المحمدة ويحسن سِمَته بجُهدِه».
وعنْ أميرِ المؤمنينَ : «إنّ أدنى الرياء شركٌ»
الرِّياءُ هوَ لفظةٌ مُتَأَتِيَةٌ مِنْ لفظةِ رأى، ما رأتْ العينُ مِنْ حالٍ حسنٍ، وفعلَ ذلكَ رئاءَ النّاسِ، أي يفعلُ شيئاً ليراهُ الناسُ، وراءيتُ الرجلَ مُرآة ورِياء: أي أريتهُ أنّي على خلاف ما أنا عليهِ.
أما في الاصطلاحِ فهو فعل الخير أمامَ مرأ ومسمع مِنْ النّاسِ، لكسبِ الوجاهةِ لديهم وليشارَ إليهِ بالبنانِ مِنْ موقعِ المدحِ والثَّناءِ.
يعدُّ الفقهاءُ الرياءَ مبطلٍ لجميعِ الأعمال مِنْ صلاة وصوم وصدقة، لأنَّ إخلاصَ النيةِ للمولى جلَّ شأنهُ شرطٌ في قبولِ الأعمالِ والعباداتِ.
ينقسمُ الرِّياءُ إلى الأمورِ التاليةِ:
1. الرِّياءُ فيْ العقيدةِ: بإظهارِ الإيمان وإسرار الكفر، وهذا هو النَّفاق.
2. الرِّياءُ بالعبادةِ مَعَ صحةِ العقيدةِ: وذلكَ بممارسةِ العباداتِ أمامَ ملأ الناس، مراءاةً لهم، كالتظاهر بالصلاةِ والصيامِ، والمرائي هنا أشد إثمًا مِنْ تاركِ العبادةِ، لاستخفافهِ بالله عزّ وجلَّ، وتلبيسهِ على الناسِ.
3. الرِّياءُ بالأفعالِ: كالتظاهرِ بالخشوعِ، وتطويل اللحية، ووسم الجبهة بأثر السجود.
4. الرِّياءُ بالأقوالِ: كالمراءِ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتذكير بالثوابِ والعقابِ خداعًا.
توجدُ عدةُ أسبابٍ للمرائي لإتباعهِ مسلكَ الرِّياءِ أمامَ النَّاسِ، مِنْهَا: حبُّ الجاهِ، الخوفُ مِنْ النَّقدِ، والطَّمع.
يظهرُ الفرقُ بَيْنَ الرِّياءِ والسُّمعةِ مِنْ وجهين: الأول مِنْ تعريفِ كلٍّ مِنْهَا حيثُ إنَّ الرِّياءَ هُوَ القيامُ بالأعمالِ أمامَ النَّاسِ لكسبِ الوجاهةِ لديهمْ، بينما السُّمعةُ هي القيامُ بالأعمالِ بالخفاءِ، ولكنْ لِيَفهَمَ النّاسُ فيما بعدُ أنّهُ هُوَ مَنْ قامَ بالعملِ فيكسبَ الوجاهةَ لديهم.
أما الثاني: أنّ الرِّياءَ موجبٌ لبطلانِ الأعمالِ، أما السُّمعةُ فلا توجبُ بطلانَ العملِ. وقالَ بعضُ المحققينَ إنَّ السُّمعةَ إسماعُ الناسِ مَا عملهُ الانسانُ مِنْ خيرٍ.
------------------
1- القرآن الكريم
2- ميزان الحكمة
3- المعجم اللغوي
تعليق