بسم الله الرحمن الرحيم
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنَّه قال للفضيل بن يسار: « يا فضيل أتجلسون وتتحدثون؟ »قال: نعم جعلت فداك. قال الإمام: «إن تلك المجالس أحبها. فأحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيا أمرنا »، بحار الأنوار، ج44، ص282، الحديث رقم 14.
وقال الإمام علي بن موسى الرضا : «من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب»، بحار الأنوار، ج1، ص199، الحديث رقم 3، وسائل الشيعة/ج10/باب66/.
الكلام في مستويات:
المستوى الاول: (أَحيوا أمرنا)
ما هو هذا الأمر الذي حثَّ فيه ائمة أهل بيت النبوة عليهم السلام شيعتهم على إحيائه، وترحموا على من يُحيي هذا الأمر، وبينوا أنهم يحبون تلك المجالس التي يُحيى فيها أمرهم؟!!! ولماذا هذا التأكيد على ضرورة إحياء هذا الأمر؟!!!
هل أنَّ هذا الأمر (أَحيوا أمرنا) هو أمرٌ شخصي يعود لأهل بيت العصمة ؟!! فهل أنَّ القضية شخصية ومصلحية يعود نفعها وريعها لأهل بيت النبوة؟!! أم أنَّ هذا الأمر هو عام، والقضية عامة تصبُّ في الصالح العام؟!!، واذا كان عامًّا؛ فهل هو يخصُّ الشيعة؟!!! أم المسلمين بحيث تكون فائدته تشمل جميع المسلمين؟!!! أم أنَّه أمرٌ وقضيةٌ عامةٌ عابرةٌ للحدود المذهبية والدينية ليشمل الدائرة الانسانية جمعاء لأنَّ أهل بيت العصمة هم للناس اجمعين( وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)؟!!!
واذا عرفنا معنى ذلك الأمر فماهي الكيفية والآلية التي يتم ويتحقق فيها إحياء أمر أهل بيت العصمة عليهم السلام؟!!!
المستوى الثاني: الإجابة من أئمة أهل بيت النبوة.
الإجابة التامة الشافية عن تلك التساؤلات تأتينا من أئمة أهل بيت النبوة أنفسهم حيث فسَّروا لنا معنى كلمة ( أحيوا أمرنا)، يقول الهروي سمعت الإمام أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول:« أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا. قلت: يا بن رسول الله وكيف يحيا أمركم؟ قال: أن يتعلم علومنا ويعلمها الناس؛ فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لتبعونا»، بحار الأنوار، ج2، ص30، الحديث رقم13،
المستوى الثالث: أضواء من كلام الإمام:
يتضح من كلام الامام عليه السلام عدة أمور نذكر منها ما يأتي:
أولًا: إنَّ أمر أهل بيت العصمة الذي ورد منهم التأكيد على إحيائه هو علومهم عليهم السلام.
ثانيًا: إنَّ احياء أمر أهل البيت يتكون ويتحقق من خلال مرحلتين:
الأولى: تعلُّم علومهم والعمل بها.
الثانية: تعليم الناسَ تلك العلوم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.
ثالثًا: فالنتيجة أنَّ ( أحيوا امرنا) تعني تعلم علوم أهل بيت النبوة وتعليمها الناس.
رابعًا: إنَّ الإمام عليه السلام كشف وأشار الى قضية جوهرية وفي غاية الأهمية وهي أنَّه بيَّن الطريق السليم الذي يدفع الناس لإتباعهم واتباع منهجهم وذلك الطريق يتمثل بالعلم والعلوم ومحاسن الكلام والأخلاق حيث قال: (فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لتبعونا) وهي اشارة واضحة للمنهج الالهي المتمثل بالعلم والأثر العلمي الذي ينبغي للإنسان أن يجعله ضابطا ومعيارا للأتباع والاقتداء.
خامسًا: كما أنَّه عليه السلام بيَّن أنَّ المنهج السليم للدعوة اليهم قائمٌ على أساس ابراز وطرح العلم والأثر العلمي، حيث قال: (فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لتبعونا)، وليس بالسب واللعن والطعن والفحش والغلو والتطرف ونحوها من الممارسات التي تنفر الآخرين عن الحق والحقيقة .
تعليق