بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعالوا نتعرف على أهم الشروط والآداب المعنوية للدعاء ؟
فتوجد بحسب تتبع الرويات عدّة أمور نذكر بعضها :
- معرفة الله :
أنّ معرفة الله والإيمان بسلطانه المطلق وقدرته المطلقة على تحقيق ما يطلبه عبده منه أمر مهم جدا في حياة الإنسان ، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله : ولو عرفتم الله حقّ معرفته لزَالت الجبال بدعائكم .
وقد فسّر الإمام الصادق عليه السلام قول الله تعالى : ﴿ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي ﴾ فقال : يعلمون أني أقدر أن أعطيهم ما يسألوني .
وقد قيل للإمام الصادق عليه السلام : ندعو فلا يُستجاب لنا ؟ فقال : لأنّكم تَدعُون مَن لا تَعرفونه .
ومعرفة الله عز وجل أيضاً تعني أن يعرف الداعي أن الله قريبٌ منه بل أقرب إليه من حبل الوريد ، يعرف كل خطرات قلبه وحديث نفسه ، وليس بينه وبين عبده حائل أو مانع .
قال الله تعالى : ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ البقرة ١٨٦ .
وقال : ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ ق ١٦ .
2 - العمل بما تقتضيه المعرفة :
على الداعي أن يعمل بما تقتضيه المعرفة لخالقه ، بأن يفي بعهد الله ويطيع أوامره ، وهما من أهم الشروط في استجابة الدعاء .
عن الإمام الصادق عليه السلام :
قال له رجل : جعلت فداك ، إنّ الله يقول ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ وإنّا ندعو فلا يستجاب لنا .
قال عليه السلام : لأنكم لا توفون بعهد الله ، لو وفيتم لوفى الله لكم .
وفي الحديث القدسي أنّ الله أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود ، إنّه ليس عبد من عبادي يطيعني فيما آمره إلاّ أعطيته قبل أن يسألني ، وأستجيب له .
3 - حسن الظن بالله :
حسن الظن بالله هو فرع معرفة الله تعالى ، والله يعطي عباده بقدر حسن ظنّهم به ويقينهم بسعة رحمته وكرمه .
ففي الحديث القدسي :
أنا عند ظنّ عبدي بي ، فلا يظنّ بي إلّا خيراً .
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله :
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة .
وعن الإمام الصادق عليه السلام :
إذا دعوت فأقبل بقلبك وظنّ حاجتك بالباب .
اما موانع استجابة الدعاء ؟
من الأمور الضرورية التي يجب أن يراعيها الداعي من أجل استجابة دعائه هو إزالة الموانع التي تحول دون استجابة الدعاء ، كاقتراف المعاصي وأكل الحرام والظلم وعقوق الوالدين وغيرها من الذنوب التي تحبس الدعاء . وعلّة ذلك أنه مع وجود هذه الموانع لا يتهيأ للداعي الإقبال بقلبه على ربِّه ، والإقبال بالقلب هو شرطٌ أساسيٌّ في استجابة الدعاء .
يقول أميرالمؤمنين عليه السلام : ( خير الدعاء ما صدر عن صدر نقيّ وقلب تقيّ ) .
وفي ما يلي أهم الموانع التي تمنع الاستجابة :
ـ ارتكاب الذنوب :
عن أبي جعفر عليه السلام قال :
إنّ العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب ، أو إلى وقت بطيء ، فيذنب العبد ذنباً فيقول الله تبارك تعالى للملك : ( لا تقض حاجته واحرمه إياها ، فإنّه تعرّض لسخطي ، واستوجب الحرمان مني ) .
- أكل الحرام :
وهو وإن كان من الذنوب والمعاصي ولكن لتأثيره الكبير على قلب الإنسان فقد ذُكر في الروايات بشكلٍ خاص ، فقد ورد في الحديث القدسي : ( فمنك الدعاء وعليَّ الإجابة ، فلا تُحجب عني دعوة إلاّ دعوة آكل الحرام ) .
وروي أنّه قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله : يا رسول الله أحبُّ أن يستجاب دعائي ، فقال صلى الله عليه وآله :
( طهّر مأكلك ، ولا تدخل بطنك الحرام )
وعن الإمام الصادق عليه السلام :
(من سرّه أن تستجاب له دعوته، فليطب مكسبه ) .
- عقوق الوالدين وقطيعة الرحم :
عن الإمام زين العابدين عليه السلام قال : ( ... والذنوب التي تردُّ الدعاء وتُظلم الهواء عقوق الوالدين ) .
وعن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : ( لا تملّ من الدعاء ، فإنّه من الله عزَّ وجلَّ بمكان ، وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم ) .
- الدعاء بما يخالف القوانين الإلهية :
على الداعي أن لا يطلب في دعائه ما يخالف سنن الله وقوانينه في المجتمع والطبيعة والكون ، أو ما يخالف أحكام الله التشريعية .
فقد سئل أمير المؤمنين عليه السلام : ( أي دعوة أضلّ ؟ فقال : الداعي بما لا يكون )
وعنه عليه السلام قال : ( يا صاحب الدعاء، لا تسأل ما لا يكون وما لا يحلّ ) .
- عدم اقتران الدعاء بالعمل :
فالدعاء لوحده لا يغني عن العمل والسعي والجد ، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله :
( يا أبا ذر ، مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر ) .
وعن الإمام الصادق عليه السلام :
( ثلاثة تردّ عليهم دعوتهم : ... ورجلٌ جلس في بيته وقال : يا رب ارزقني ، فيقال له : ألم أجعل لك سبيلاً إلى طلب الرزق ) .