بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير الإمام العسكريّ "عليهِ السّلام" قال: قال رسول الله "صلّىٰ الله عليهِ وآله:
- " أيّكم استحىٰ البارحة من أخٍ لهُ في الله لمَا رأىٰ به من خلّة، ثمّ كايد الشيطان في ذلك الأخ، فلم يزل به حتّىٰ غلبه؟
- فقال عليّ "عليهِ السّلام": أنا يا رسول الله.
- فقال رسول الله "صلّىٰ الله عليهِ وآله": حدِّث بها يا عليّ إخوانك المؤمنين ليتأسّوا بحُسن صنيعك فيما يمكنهم،
- وإن كان أحد منهم لا يلحق ثارك، ولا يشقّ غبارك، ولا يرمقك في سابقةٍ لك إلىٰ الفضائل إلّا كما يرمق الشمس من الأرض، وأقصىٰ المشرق من أقصىٰ المغرب.
- فقال عليّ "عليهِ السّلام": يا رسول الله، مررتُ بمزبلة بني فلان فرأيت رجلًا من الأنصار مؤمنًا قد أخذ من تلك المزبلة قشور البطيخ والقثّاء والتين وهو يأكلها من شدّة الجوع،
- فلمّا رأيته استحييت منه أن يراني فيخجل، فأعرضتُ عنه، ومررتُ إلىٰ منزلي، وكنتُ أعددت لفطوري وسحوري قرصين من شعير، وجئتُ بهما إلىٰ الرجل وناولته إيّاهما، وقلتُ له:
- أصِب من هذا كلّما جعت، فإنّ الله عزَّ وجل يجعل البركة فيهما.
- فقال لي: يا أبا الحسن، أنا أريد أن أمتحن هذه البركة لعلمي بصدقك في قولك إنّي أشتهي لحم فراخ، اشتهاه عليَّ أهل منزلي.
- فقلتُ له: اكسر منهما لقمًا بعدد ما تُريده من فراخ، فإنّ الله تعالىٰ يقلبها فراخًا بمسألتي إيّاه لك بجاه مُحمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
- ولحظ الشيطان ببالي فقال: يا أبا الحسن، تفعل هذا بهِ ولعلّهُ منافق؟
- فرددتُ عليه: إن يكن مؤمنًا فهو أهلٌ لما أفعل معه، وإن يكن منافقًا فأنا للإحسان أهل، فليس كلّ معروف يلحق بمستحقه.
- فقلتُ له: أنا أدعو الله بمُحمّد وآله الطيّبين ليوفقه للإخلاص والنزوع عن الكفر إن كان منافقًا، فإنّ تصدّقي عليه بهذا أفضل من تصدّقي عليه بهذا الطعام الشريف الموجب للثراء والغناء،
- وكايدت الشيطان، ودعوت الله سرًا من الرجل بالإخلاص بجاه مُحمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
- فارتعدت فرائص الرجل وسقط لوجهه. فأقمته، فقلتُ له: ماذا شأنك؟
- فقال: كنتُ منافقًا شاكًا فيما يقولهُ مُحمّد، وفيما تقولهُ أنت، فكشف لي الله تعالىٰ عن السماوات والحجب فأبصرت الجنة، وأبصرت كلّما تَعِدان بهِ من المثوبات
- وكشف عن أطباق الأرض فأبصرت جهنم، وأبصرت كلّما تتوعّدان بهِ من العقوبات،
- فذلك الحين وقر الإيمان في قلبي، وأخلص به جناني، وزال عنّي الشك الذي قد كان يعتورني.
- فأخذ الرجل القرصين، فقلتُ له: كُلّ شيء تشتهيه فاكسر من هذا القرص قليلًا، فإنّ الله يحوّله ما تشتهيه وتتمنّاه وتريده.
- فما زال كذلك ينقلب شحمًا ولحمًا وحلواء ورطبًا وبطيخًا وفواكه الشتاء وفواكه الصيف، حتّىٰ أظهر الله تعالىٰ من الرغيفين عجبًا،
- وصار الرجل من عتقاء الله من النّار، ومن عبيده المصطفين الأخيار.
- فذلك حين رأيت جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت قد قصدوا الشيطان كُلّ واحد منهم بمثل جبل أبي قبيس، فوضع أحدهم عليه، ويتهيّأ بعضها علىٰ بعض فتهشّم وجعل إبليس يقول:
- يا ربّ وعدك وعدك، ألم تنظرني إلىٰ يوم يبعثون؟
- فإذا نداء بعض الملائكة: أنظرتك لئلّا تموت، ما أنظرتك لئلّا تهشّم وترضض.
- فقال رسول الله "صلّىٰ الله عليهِ وآله":
- يا أبا الحسن، كما عاندت الشيطان فأعطيت في الله ما نهاك عنه وغلبته، فإنّ الله تعالىٰ يخزي عنك الشيطان وعن مُحبّيك، ويعطيك في الآخرة بعدد كُلّ حبة خردل ممّا أعطيت صاحبك،
- وفيما تتمنّاه من الله، وفيما يمنّيه الله منه درجة في الجنّة من ذهب أكبر من الدنيا من الأرض إلىٰ السماء بعدد كُلّ حبة منها جبلًا من فضة كذلك وجبلًا من لؤلؤ، وجبلًا من ياقوت، وجبلًا من جوهر، وجبلًا من نور ربّ العزة
- كذلك وجبلًا من زمرد، وجبلًا من زبرجد كذلك وجبلًا من مسك، وجبلًا من عنبر كذلك.
- وإن عدد خدمك في الجنّة أكثر من عدد قطر المطر والنبات وعدد شعور الحيوانات،
- بك يتمّ الله الخيرات، ويمحو عن مُحبّيك السيّئات، وبك يميّز الله المؤمنين من الكافرين، والمُخلصين من المُنافقين، وأولاد الرشد من أولاد الغيّ.
--------------------------------------
مدينة المعاجز
تفسير الإمام العسكريّ "عليهِ السّلام" قال: قال رسول الله "صلّىٰ الله عليهِ وآله:
- " أيّكم استحىٰ البارحة من أخٍ لهُ في الله لمَا رأىٰ به من خلّة، ثمّ كايد الشيطان في ذلك الأخ، فلم يزل به حتّىٰ غلبه؟
- فقال عليّ "عليهِ السّلام": أنا يا رسول الله.
- فقال رسول الله "صلّىٰ الله عليهِ وآله": حدِّث بها يا عليّ إخوانك المؤمنين ليتأسّوا بحُسن صنيعك فيما يمكنهم،
- وإن كان أحد منهم لا يلحق ثارك، ولا يشقّ غبارك، ولا يرمقك في سابقةٍ لك إلىٰ الفضائل إلّا كما يرمق الشمس من الأرض، وأقصىٰ المشرق من أقصىٰ المغرب.
- فقال عليّ "عليهِ السّلام": يا رسول الله، مررتُ بمزبلة بني فلان فرأيت رجلًا من الأنصار مؤمنًا قد أخذ من تلك المزبلة قشور البطيخ والقثّاء والتين وهو يأكلها من شدّة الجوع،
- فلمّا رأيته استحييت منه أن يراني فيخجل، فأعرضتُ عنه، ومررتُ إلىٰ منزلي، وكنتُ أعددت لفطوري وسحوري قرصين من شعير، وجئتُ بهما إلىٰ الرجل وناولته إيّاهما، وقلتُ له:
- أصِب من هذا كلّما جعت، فإنّ الله عزَّ وجل يجعل البركة فيهما.
- فقال لي: يا أبا الحسن، أنا أريد أن أمتحن هذه البركة لعلمي بصدقك في قولك إنّي أشتهي لحم فراخ، اشتهاه عليَّ أهل منزلي.
- فقلتُ له: اكسر منهما لقمًا بعدد ما تُريده من فراخ، فإنّ الله تعالىٰ يقلبها فراخًا بمسألتي إيّاه لك بجاه مُحمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
- ولحظ الشيطان ببالي فقال: يا أبا الحسن، تفعل هذا بهِ ولعلّهُ منافق؟
- فرددتُ عليه: إن يكن مؤمنًا فهو أهلٌ لما أفعل معه، وإن يكن منافقًا فأنا للإحسان أهل، فليس كلّ معروف يلحق بمستحقه.
- فقلتُ له: أنا أدعو الله بمُحمّد وآله الطيّبين ليوفقه للإخلاص والنزوع عن الكفر إن كان منافقًا، فإنّ تصدّقي عليه بهذا أفضل من تصدّقي عليه بهذا الطعام الشريف الموجب للثراء والغناء،
- وكايدت الشيطان، ودعوت الله سرًا من الرجل بالإخلاص بجاه مُحمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
- فارتعدت فرائص الرجل وسقط لوجهه. فأقمته، فقلتُ له: ماذا شأنك؟
- فقال: كنتُ منافقًا شاكًا فيما يقولهُ مُحمّد، وفيما تقولهُ أنت، فكشف لي الله تعالىٰ عن السماوات والحجب فأبصرت الجنة، وأبصرت كلّما تَعِدان بهِ من المثوبات
- وكشف عن أطباق الأرض فأبصرت جهنم، وأبصرت كلّما تتوعّدان بهِ من العقوبات،
- فذلك الحين وقر الإيمان في قلبي، وأخلص به جناني، وزال عنّي الشك الذي قد كان يعتورني.
- فأخذ الرجل القرصين، فقلتُ له: كُلّ شيء تشتهيه فاكسر من هذا القرص قليلًا، فإنّ الله يحوّله ما تشتهيه وتتمنّاه وتريده.
- فما زال كذلك ينقلب شحمًا ولحمًا وحلواء ورطبًا وبطيخًا وفواكه الشتاء وفواكه الصيف، حتّىٰ أظهر الله تعالىٰ من الرغيفين عجبًا،
- وصار الرجل من عتقاء الله من النّار، ومن عبيده المصطفين الأخيار.
- فذلك حين رأيت جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت قد قصدوا الشيطان كُلّ واحد منهم بمثل جبل أبي قبيس، فوضع أحدهم عليه، ويتهيّأ بعضها علىٰ بعض فتهشّم وجعل إبليس يقول:
- يا ربّ وعدك وعدك، ألم تنظرني إلىٰ يوم يبعثون؟
- فإذا نداء بعض الملائكة: أنظرتك لئلّا تموت، ما أنظرتك لئلّا تهشّم وترضض.
- فقال رسول الله "صلّىٰ الله عليهِ وآله":
- يا أبا الحسن، كما عاندت الشيطان فأعطيت في الله ما نهاك عنه وغلبته، فإنّ الله تعالىٰ يخزي عنك الشيطان وعن مُحبّيك، ويعطيك في الآخرة بعدد كُلّ حبة خردل ممّا أعطيت صاحبك،
- وفيما تتمنّاه من الله، وفيما يمنّيه الله منه درجة في الجنّة من ذهب أكبر من الدنيا من الأرض إلىٰ السماء بعدد كُلّ حبة منها جبلًا من فضة كذلك وجبلًا من لؤلؤ، وجبلًا من ياقوت، وجبلًا من جوهر، وجبلًا من نور ربّ العزة
- كذلك وجبلًا من زمرد، وجبلًا من زبرجد كذلك وجبلًا من مسك، وجبلًا من عنبر كذلك.
- وإن عدد خدمك في الجنّة أكثر من عدد قطر المطر والنبات وعدد شعور الحيوانات،
- بك يتمّ الله الخيرات، ويمحو عن مُحبّيك السيّئات، وبك يميّز الله المؤمنين من الكافرين، والمُخلصين من المُنافقين، وأولاد الرشد من أولاد الغيّ.
--------------------------------------
مدينة المعاجز
تعليق