إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرَّحمَةُ الإِلَهِيَّة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرَّحمَةُ الإِلَهِيَّة

    قد يرد سؤال إلى ذهن متسائلٍ عن أن الله سبحانه ذو رحمة واسعة غير متناهية، فكيف تسع رحمته أن يخلق مَن مصيره إلى عذاب خالد؟

    إن الرحمة فيه تعالى ليس بمعنى رقة القلب، والإشفاق، والتأثر الباطن، فإن هذه تستلزم المادة؛ لأن الانفعالات

    والعواطف تحتاج إلى أدوات مادية، وهذا المعنى يستحيل تصوّره في الباري تعالى؛ لتنزّهه عن المادة والماديات؛

    لاستلزامها الاحتياج والافتقار، وهذه سمة من سمات الممكن، والله عز وجل واجب الوجود الغنيّ المطلق.

    إذن معنى الرحمة الإلهية هي العطيّة والإفاضة لما يناسب الاستعداد، فإنّ المستعد بالاستعداد التام الشديد - أي إذا

    وسّع الإنسان إناءه لتلقي فيض الرحمة الإلهية، وعطاءه، وطلب من الله عز وجل ما استعد له، وسأل الله عز

    وجل بلسان استعداده ومدى توسيع قابليته التي هيّأها لاستيعاب هذه الفيوض - فكلّ يأخذ من هذه الرحمة بحسب

    طاقة استيعابه، فيُفاض عليه ما يطلبه ويسأله، والرحمة رحمتان:


    رحمة عامة:
    وهي عطاء ما يستعدّ له الإنسان ويشتاقه في صراط الوجود والكينونة، أي الإخراج من العدم إلى

    الوجود، والتفضّل عليه بالخلقة والنشوء، وخروجه إلى نطاق نيل الفيض، والسير والدخول في مضمار السباق

    نحو الوصول إلى الكمال والفوز بالقرب الإلهي، فالرحمة العامة هو أن يهيّأ الله عز وجل الإنسان للحصول على

    أسباب السعادة الخالدة وهو أن يُخلق من المادة الأرضية الخصبة لتركيب خاص ينتهي بسلوكه في مسلك الكمال

    إلى جوهر علويّ شريف كريم، يفوق بكمال وجوده كلّ موجود سواه، ويتقرب إلى ربّه تقرباً كمالياً لا يناله شيء

    غيره، فهذه غاية نوعية إنسانية.

    والرحمة الخاصة:
    هي إعطاء ما يستعدّ له في صراط الهداية إلى التوحيد وإلى سعادة القرب، وهذه الرحمة

    الخاصة تشمل مَن تعرّض لها وسعى إلى نيلها، فينالها المؤمنون والساعون إلى نيل مرضاة الله تعالى، وإعطاء

    صورة الشقاء اللازم والذي أثره العذاب الدائم للإنسان والذي هو باختياره والناتج من تركه وإعراضه عن طاعة

    الله تعالى، فهذا العذاب لا ينافي الرحمة العامة، بل هو منها؛ لأنه قد فُسح له المجال في طلب السعادة، فلو كان قد

    تعرّض لها لكان قد فاز بها، وأمّا الرحمة الخاصة فلا معنى لشمولها لمَن هو خارج عن صراطها، فقول القائل

    إنّ العذاب الدائم ينافي الرحمة إن أراد بها الرحمة العامة، والظاهر أنه ليس كذلك، وإن أراد بها الرحمة الخاصة

    فليس كذلك؛ لكونه ليس مورداً لها، والعلة الموجبة لوجود النوع الإنساني لا تريد بفعلها إلا أن تصل بالإنسان إلى

    أن يكون الإنسان الكامل السائر إلى أوج السعادة في دنياه وآخرته، فيبقى الإنسان بين تعرّضه للرحمتين: الرحمة

    الرحمانية العامة؛ لنيل فيض نعمة الوجود، وهذه مبذولة لكلّ الموجودات من دون استثناء ما دام قد خرج من حيّز

    العدم وصار من الموجودات، والرحمة الرحيمية، وهي المختصة بمَن طلبها وتعرّض لها ووسّع من قدرة قابليته،

    فكلّما زاد القرب من الله تعالى كلّما صارت فرصة التعرّض لهذه الرحمة أكبر، فهي مختصة بعباده المؤمنين حصراً.

    .........................

    من كتاب القواعد الكلامية

    رجاء علي مهدي

    تم نشره في المجلة العدد86


  • #2
    اختيار موفق أحسنتم كثيراً

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة العميد مشاهدة المشاركة
      اختيار موفق أحسنتم كثيراً
      شكرا لكم مشرفنا الفاضل على اطرائكم لاختياراتنا

      جزاكم الله خيرا

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X